عصابات فالتة في الضاحية

أكثر ما يعترض عليه الأهالي هو السلاح المتفلت (المدن)
أكثر ما يعترض عليه الأهالي هو السلاح المتفلت (المدن)


تتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، وتشهد مناطق الضاحية الجنوبية حالات من زعزعة الأمن والاستقرار الاجتماعي. وبرزت في هذه المناطق مجموعات شبان يقومون بترويج المخدرات وتعاطيها، ويعتدون على الأملاك الخاصة والعامة، ويشكلون خطراً على أهالي هذه المنطقة.

فمنذ بداية عام 2022 ارتفعت صرخات أهالي المنطقة مناشدين الجهات المعنية التدخل وضبط الأمن وطالبين المساعدة.


زعران الضاحية

تتوزع هذه المجموعات في مناطق عدة من الضاحية الجنوبية: حارة حريك، صفير، حي السلم، وسواها من مناطق مكتظة بالسكان. وتضم شباناً في منتصف العقد الثاني، تسربوا من التعليم، في صغرهم. وهم يتجمعون يومياً على نواصي الشوارع، يدخنون ويتعاطون المخدرات علناً أمام أعين السكان والمارة. ولا يقتصر حال أحياء من الضاحية الجنوبية على سلوك هؤلاء الشبان. فهناك أحياء عدة تتعرض فيه أملاك السكان الخاصة لسرقات يومية، وتتجه أصابع التهم نحو مجموعات الشبان إياها.


شكوى لحزب الله

وفي جولة "المدن" في حارة حريك، جمعت شهادات عدة من الأهالي الخائفين، آملين أن تصل صرختهم إلى الجهات المعنية. ففي الأسبوع الماضي تعرضت نساء من المنطقة وجوارها للنشل من مجموعة شبان على دراجات نارية غير مرخصة. وبسبب اشتداد العاصفة وكثافة الأمطار، لم تتعرف النساء المنشولات على ملامح الشبان الذين غطوا وجوههم بشالات من الصوف. وأكثر السرقات تحدث ليلاً، بعد إطفاء المولدات الكهربائية. وكل يوم تسرق من المنطقة دراجات نارية، وبطاريات سيارات وإطاراتها.

ولأن هذه المنطقة تعدّ منطقة أمنية لحزب الله، الذي له مراكز أمنية عدة في شوارعها، أكد أحد أهالي أنهم لجأوا إلى مسؤول في حزب الله يتابع أوضاع أهالي حارة حريك وأمورهم، وشكوا إليه معاناتهم مع هذه المجموعات التي تهدد سلامتهم يومياً. ووعدهم المسؤول بحل هذا الموضوع. ولكن الوضع ظل على حاله، ولا زالت هذه المجموعات تتجول أمام أعينهم من دون أي حسيب أو رقيب. وتدور في ذهن السكان عدة أسئلة: من يغطي هؤلاء الشبان؟ هل ينتمون إلى العشائر؟ لماذا يخاف مسؤولو الأمر الواقع منهم؟


سرقات مسلحة

أما في منطقة صفير، وقرب جامع القائم تحديداً، فقد تعرض أحد محلات الهواتف للسرقة علناً. ويؤكد أهالي في المنطقة أنه عند التاسعة مساءً، وصل شابان على دراجة نارية ودخلا إلى المحل، فسرقا أكثر من 4 آلاف دولار أميركي بأعصاب باردة. وعندما حاول أصحاب المحل الدفاع عن أنفسهم، هددهم سائق الدراجة بإطلاق النار عليهم، ولاذا بعدها بالفرار أمام أعين الناس.

ومنذ ذاك الوقت، يعاني سكان منطقة صفير من الرعب والخوف من تكرار هذه الحوادث. ويتوقعون أن يتعرضوا للسرقة في وضح النهار وأمام أعين الجميع، من دون أن يقوم بمساعدتهم أحد. وأكثر ما يعترضون عليه هو السلاح المتفلت في أيدي هؤلاء الشبان الذين يضع كل منهم مسدساً على خصره.

وتكررت السرقات في منطقة السان تريز، إذ برزت حالات عدة من اختفاء سيارات، إضافة إلى محاولة اللصوص الدخول إلى منازل سكان لسرقة أموالهم. فمنذ عدة أيام، تعرضت أحد المباني للسرقة. ولأنه مجهز بكاميرات مراقبة، وجد السكان لدى مراجعتها أن الشبان السارقين يحملون السلاح. وفي اليوم التالي اجتمع أهالي المنطقة بحثاً عن حل لهذا الوضع الفوضوي، ولكنهم فوجئوا بردود فعل باردة من قوى الأمر الواقع. وأكدوا بأن أحداً لم يتحرك لمساعدتهم. وأمام هذه الفوضى قرروا أن يقوموا بحماية أنفسهم.


رغبة في تغيير السكن

وتؤكد السيدة منى في حديثها أنها لا تشعر بالأمان أبداً. وهي تقطن في شارع بمنطقة حارة حريك. وتقول إنها ترغب في تغيير منطقة سكنها، بسبب السرقات اليومية. ولكن قدرتها المادية تحول دون رغبتها.

فمنذ أسبوع سرق هاتفها من يدها أثناء اجتيازها الشارع. والسارق شاب على دراجة نارية. ولما بدأت بالصراخ، لم يحرك أي من المارة ساكناً، واختفى السارق. وبعد أيام تعرض جارها لسرقة دراجته النارية التي يتنقل بها يومياً إلى عمله، وهي اختفت أيضاً.

أما الشكاوى إلى حزب الله، فجاء رد أحد مسؤوليه أن هؤلاء اللصوص لا يمكن القبض عليهم بسبب اختفائهم عن الأنظار، وعدم معرفة أي تفاصيل عنهم. والمهمة هي مهمة أجهزة الدولة. وحاولت منى التواصل مع أحد عناصر الأمن الداخلي، فأكد لها بأن هذه المناطق حساسة، وهي تحت حماية حزب الله. وهكذا، بين هنا وهناك، لم تلجأ منى إلى أي جهة أخرى. وهي تحاول يومياً أن تقضي أمورها في النهار لتعود قبل نزول الظلام إلى بيتها، تجنباً لتعرضها للسرقة أو للنشل. وتؤكد مع جيرانها بإنهم يأخذون تدابير جديدة تفادياً للسرقات: إقفال أبوابهم جيداً ووضع أموالهم وأغراضهم الثمينة في خزائن حديدية مقفلة.

وتنقل منى معاناة السكان الذين فقدوا الأمان، وباتوا يبحثون عن أي وسيلة ليحموا أنفسهم من المجرمين. وهي تؤكد أن صوت الجوع صار عالياً ومخيفاً.

تعليقات: