لافتة عند مدخل مقام السيد عبد الله التنوخي حيث سيقام استقبال للقنطار في عبيه
الربيـع يتجـدد فـي البلـدة عنـد ناصيـة الحريـة المستعـادة..
عبيـه:
بعد أيام قليلة يتجدد الربيع في بلدة عبيه، يتخطى لعبة الفصول ليبدو رائعاً بهياً عند ناصية الحرية المستعادة، في تقويم زمني جديد خطه المناضلون في روزنامة المقاومة، سبيلاً وحيداً لتحرير الأرض وتخطي عتم الزنازين إلى رحاب الضوء والحرية..
سيحط عميد الأسرى اللبنانيين والعرب في السجون والمعتقلات الاسرائيلية سمير القنطار رحاله في بلدته عبيه، بعد نحو ثلاثين عاما من الاسر، سيلتقي طفولته في البيت العتيق المتواضع الذي قُدّت حجارته من مقالع جبال لبنان وصخوره، حيث أزهر الفرح على الوجوه منتظرة عودته من معتقل هداريم ضمن صفقة تبادل الاسرى بين »حزب الله« وإسرائيل، بعد سنوات طويلة من نضال الاعتقال، لم تفتّ من عضده، وظل حاملاً راية المقاومة في وجه جلاديه.
فرح وانتظار يجللان البيت نفسه، في بلدة »عْبـَيْــهْ« المطلة على بيروت، الكل يحمل هواجسه ولكن دون خوف هذه المرة من أن تضيع اللحظة المرتجاة كما حصل في مرات سابقة. يبدو في عيون الإخوة والأخوات بريق من أمل، أما الوالدة فكان وجهها يشع ألقاً برغم مظاهر الترقب البادية المشوبة بشيء من الانتظار الضاغط والثقيل، وهو أشد وطأة من سنوات الانتظار الطويلة.
والدة سميـر
الوالدة سهام القنطار تقول لـ»السـفير« إن »ثمة شعورا بأن اللقاء قريب وسط تفاؤل لم نعشه من قبل بمثل ما نعيشه اليوم«، وتؤكد أن مصدر ارتياحها »ليس القلب وشعور الأم وحسب بل إن هذا الارتياح مصدره المقاومة، لأن لنا ملء الثقة بها«.
وتهنئ القنطار »قبل كل شيء المقاومة على إنجازها تجاه هؤلاء الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين والعرب عموماً، وسمير لم يعد ابني فقط بل أصبح ابن كل أم عربية، وأنا اشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن اللقاء بات قريباً، أتخيله كل لحظة داخلاً من الباب ليقول لي »أمي لقد عدت«.
واستعادت ذكرى تلك الأيام بقولها: عاد والد سمير من الخارج حيث يعمل، وطلب رؤيته إلا أنه لم يكن في المنزل، غضب وسأل عن سبب غيابه المتكرر، لكن سمير دخل فجأة وأخبر والده أنه قد أصبح ملازماً في منظمة التحرير ثم غادر مسرعاً ليعود بعد ثلاثة أيام.
وبعد سفر والده في ٢٠ نيسان ١٩٧٩ ودع سمير أمه وأخويه وأخواته على أن يعود بعد يومين، »وفي ٢٢ نيسان علمنا من الصحف أنه شارك في عملية نهاريا وكان قائدها، صعقنا جميعاً ثم عرفنا من الصحف انه أصيب وأسر وعولج وبدأت محاكمته، ثم علمنا أن عملية نهاريا لم تكن الأولى، فقد حاول سمير في عام ١٩٧٨ القيام بعملية فدائية عبر الحدود مع الأردن«.
رحيل الوالد والشقيقة سناء
لن يتمكن سمير القنطار بعد الافراج عنه من أن يرى الوالد الذي قضى إثر نوبة قلبية سنة ،١٩٨٦ ولن يُقدّر له أن يرى أيضاً شقيقته الكبرى سناء التي قضت إثر نزف حاد في الدماغ سنة ،١٩٨٢ أما شقيقاه عبد الله وبسام فيترقبان تفاصيل مرتبطة بعملية الافراج ومراسم الاستقبال. فيما شقيقاته: سميرة، حنان، رائدة ولميس فيتشوقن لرؤية الأخ وضمه والتملي منه.
بسام الشقيق الأصغر قال لـ»السـفير« انه لا يحتفظ بصورة سمير، فهو ولد في تشرين الاول سنة ،١٩٧٧ فيما اعتقل سمير في نيسان .١٩٧٩ ويقول: كان عمري سنة وستة أشهر عندما اعتقل شقيقي. وأكد أن »القرار الاسرائيلي المصادقة على صفقة تبادل الأسرى كان متوقعاً وحمل إلينا الأمل بفجر جديد ولقاء طالما انتظرناه بشوق، ونحن نعد الثواني لا الساعات والأيام لاحتضان من غادرنا منذ ثلاثة عقود«.
وحول الاستعدادات لاستقبال العائد من السجون الاسرائيلية، لفت إلى أن »يوم إطلاق شقيقه سمير سيكون مناسبة للتعبير عن إرادة المقاومة، خصوصاً ونحن شعب لن نتخلى عن إنساننا الذي حمل لواء الدفاع عن الوطن والقضية الفلسطينية الكبرى، وهناك أشكال متعددة للتعبير عن الفرح بالنصر الكبير نترك لكل محب لسمير القنطار أن يعبر على طريقته الخاصة عن سعادته بهذا الحدث الكبير«.
سمير القنطار...
وبعض السيرة
ولد سمير القنطار عام ١٩٦٢ في بلدة عبيه وهي بلدة تشرف على العاصمة بيروت. تلقى علومه الأولى في مدارس البلدة وتميز منذ صغره وبشهادة الكثير من رفاقه بشجاعة وحماس منقطع النظير ويروى أنه كان يضع تحت إحدى صوره عبارة »الشهيد سمير القنطار«.
شارك في التصدي والقتال ضد قوات الاحتلال في جنوب لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان عام .١٩٧٨
حاول القيام بعملية عسكرية ضد العدو الاسرائيلي عن طريق الحدود الأردنية في منطقة بيسان واعتقل هناك لحوالى سنة من تاريخ ٣١/١/١٩٧٨ ولغاية ٢٥/١٢/.١٩٧٨
عمليـة القائـد
جمال عبد الناصر
بتاريخ ٢٢ نيسان ١٩٧٩ نفذ سمير عملية القائد جمال عبد الناصر مع ثلاثة من رفاقه هم: عبد المجيد أصلان، مهنا المؤيد و(احمد الأبرص). وكان سمير قائد العملية، واخترقت المجموعة رادارات الإسرائيليين وترسانة أسلحتهم منطلقة من شاطئ مدينة صور بزورق مطاطي صغير من نوع (زودياك) معدل ليكون سريعا جداً، وكان هدف العملية الوصول الى مستوطنة نهاريا واحتجاز رهائن من الجيش الإسرائيلي لمبادلتهم بمقاومين معتقلين في السجون الإسرائيلية.
الأسر والتعذيب
اعتقل سمير وهو ينزف دماً وتعرض لتعذيب قاس، وهو وصف التعذيب بأنه أشبه بقصص الخيال التي لا يمكن أن يصدقها الناس أو يتصورها العقل البشري.
وفي ٢٨ كانون الثاني من العام ١٩٨٠ حكمت المحكمة الإسرائيلية المركزية في تل أبيب على الأسير سمير القنطار بخمس مؤبدات أضيف إليها ٤٧ عاماً ولم يبق سجن في إسرائيل إلا وزاره سمير ونال فيه ما يكفي من التعذيب، إلى أن استقر في معتقل نفحة الصحراوي في النقب وهو من أقسى السجون الإسرائيلية، لينقل قبل نحو سنتين الى معتقل هداريم.
خلال حياته خلف القضبان خاض سمير عشرات الإضرابات عن الطعام ويعد أحد رواد الحركة الأسيرة داخل السجون الإسرائيلية والتي تخوض يومياً معارك البطون الخاوية من أجل تحسين شروط العيش الإنسانية داخل المعتقل، وسقط خلال هذه الإضرابات عدد من الأسرى شهداء من بينهم راسم حلاوة وأنيس دولة واسحق مراغة وحسين عبيدات.
تجدر الاشارة الى أن سمير القنطار يعاني من الناحية الصحية من مرض الربو ومن رصاصة لا تزال مستقرة في رئته اليمنى وهي تهدده دائماً بخطر كبير كما لم يسمح لعائلته بلقائه منذ اعتقاله في ٢٢/٤/.١٩٧٩
مراسم الاستقبال
والعمل قائم الآن ومستمر على قدم وساق لإقامة استقبال حاشد في مقام السيد عبد الله التنوخي وسط البلدة حيث ستكون محطة القنطار الاولى في الجبل.
ومن المتوقع ان يتضمن الاستقبال مهرجانا في ساحة المقام، لكن دون إلقاء كلمات، وسيتقدم الحضور رئيس »اللقاء الديموقراطي« النائب وليد جنبلاط أو ممثل عنه، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الوزير طلال ارسلان، الى جانب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وشيخ العقل المسمى في لقاء خلدة نصر الدين الغريب.
ورفعت لافتات باسم الاهالي وبلدية عبيه ـ عين درافيل فوق مداخل البلدة وفي شارعها الرئيسي وعند مدخل مقام التنوخي لاستقبال القنطار، وحملت عبارات الترحيب والتقدير له ولم تنس هذه اللافتات انعام حمزة ابنة عبيه التي سقطت في عملية قامت بها ضد الجيش الاسرائيلي في تلة السدانة في مزارع شبعا في ٢٠ تشرين الاول عام .١٩٩٠
تعليقات: