3 قتلى في مأساة عائلية بالجديدة.. الابن قفز من الشرفة والوالدان صارعا الموت


"اللهم نجّنا الموت حريقاً"، مقولة تردّدت على مسامعنا مراراً ولكنها تجلّت أمس في مأساة "عائلية" بمنطقة #الجديدة، بعد مصرع 3 أفراد من أسرة واحدة من جرّاء "احتكاك كهربائيّ"، حسبما أكّد مصدر أمنيّ لـ"النهار".

#مأساة عائلية ورحيل صادم

"كارثة بكل المعايير"، هكذا علّق الجيران على مأساة رحيل العائلة في الجديدة عند منتصف ليل الأحد، بعدما اندلعت النيران بشكل "هائل" في البيت الذي لم يبقَ منه شيء إلّا الرماد، لتبدأ الفاجعة من حريق صغير.

لطالما أدركنا أنّنا على بعد أمتار قريبة من الموت، إلّا أنّه لم يخطر لنا يوماً أن نرحل بشكل "عائليّ" مع أحبائنا وسط ألسنة النيران التي التهمت ذكرياتنا قبل أن تحرق الخشب والجدران، فيبقى الرماد على الأرض يتطاير وكأنّه يودّع كلّ مكان للمرّة الأخيرة.

المشهد مبكٍ أمام مدخل البناية التي عايناها، فرائحة الموت والحريق لا تزال تحوم في الأرجاء وكأنّها تنتظر إجابة على ما حصل، واللون الأسود يُغطّي المبنى باستثناء الطابق الأول الذي نجت صاحبته العجوز بـ"معجزة"، وتقول في حديث لـ"النهار" إنّها "سمعت عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أصوات تكسير وتضارب، فظنّت أنّها عملية سرقة لأحد المحالّ التجارية في أسفل المبنى، إلّا أنّه بعد وقت قصير بدأت ألسنة النيران تنتشر أكثر والدخان الأسود غطّى كلّ شيء حتّى إن سيّارات الإطقاء احتاجت إلى مخزونها كاملاً لإخماد الحريق الذي شبّ فجأة وتسبّب بكلّ هذا الدمار".

تشرح والخوف يسيطر على صوتها، قائلةً: "لم أستطع رؤية ما حصل وهذا أكثر ما أقلقني، فأنا أجلس في الطابق الأول وأسمع صراخ النساء وبكاء الأطفال والدخان الأسود يُغطّي كلّ مكان، فجأة يسقط الابن أرضاً من الطابق الثاني بينما والداه يحترقان داخل الشقة، لنسمع في اليوم الثاني خبر وفاته متأثراً بكسوره".

لحظات مرعبة تحبس الأنفاس

"ما قدرت إحمي ولادي"، تقول الجارة في الطابق العلوي بغصّة وهي تبكي الفاجعة التي حلّت بعائلتها لـ"النهار" إن "ما حصل شكّل صدمة لكلّ سكّان المبنى ولا سيّما الأطفال الذين استيقظوا على رائحة الدخان وأصوات سيارات الدفاع المدني والإطفاء والدرك وكأنّ أحدهم يداهم غرفة نومهم ويسرقهم من أسرّتهم الدافئة فجأة دون تفسير وسط صراخ وبكاء، وكأنّها لحظاتنا الأخيرة".

وتُردف بحديثها، قائلةً: "في البداية لم نعرف من أين مصدر الحريق، فخرج زوجي من الشقة لرؤية ماذا يحصل خارجاً، فرأى اندلاع الحريق في الطابق الأسفل، فيما العائلة محتجزة وسط النيران وما من أحد اتّصل بالإطفاء أقلّه لإخماد الكارثة، فصعد زوجي مسرعاً وطلب الدفاع المدني الذي استغرق وصوله نحو نصف ساعة، ثمّ سارعنا وأخذنا الأولاد ودخلنا إلى المطبخ حيث أقفلنا النوافذ وعلقنا لنحو 40 دقيقة، كانت بمثابة عمر، حيث مرّ شريط حياتي أمام عينيّ وكأنّ كلّ شيء على وشك أن ينتهي وأطفالي خائفون وأنا عاجزة عن حمايتهم".

أمّا الجار في المبنى المقابل، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، فروى في حديث لـ"النهار" ملابسات الحريق، معتبراً أن "ما حصل أشبه بالأفلام، فجأة ودون إنذار اندلعت النيران بقوّة وكأنّها تنفجر، وراحت الشرارات تتطاير وتحوّل الشارع إلى ساحة هروب يغطّيها الدخان الأسود، ومن غير المنطقيّ أن يكون الأمر احتكاكاً كهربائياً وحسب، بل ثمّة حلقة ضائعة".

من جهته، يقول الجار الآخر: "الحقيقة دُفنت مع الموتى، فنحن سمعنا صراخاً قبل اندلاع الحريق ولا نعلم حقيقة ما حصل، والخادمة التي كانت تعمل لدى العائلة هربت ولا أحد يعلم مكانها، والسؤال الأبرز هو كيف نجحت هذه الفتاة في الهروب فيما علقت العائلة داخل الشقة محاصرة بالنيران؟ ولمَ لم يهرب ابنهم كما فعلت هي عوضاً عن مواجهة الموت؟ ثمّة أمر غير واضح، ولا يسعنا القول إلّا أنّها كارثة فعلية وخاصة أنّهم كانوا من خيرة الجيران الذين لم يتدخلوا يوماً في أيّ أحد ولطالما عُرفوا بودّهم واحترامهم".

حادث أم جريمة قتل؟

تعدّدت الروايات والنتيجة واحدة، فالموت كان بالمرصاد لهذه العائلة الصغيرة، التي لم تستطع النجاة. وكالعادة تقاذف الاتهامات وإطلاق الشائعات سيّد الموقف، إلّا أن مصدراً أمنيّاً رفيع المستوى أكّد لـ"النهار" أنّ "التحقيقات الأولية تُشير إلى حصول احتكاك كهربائيّ".

ويبقى لغز الحادثة خفيّاً حتّى انتهاء التحقيقات...




تعليقات: