صورة كبيرة لنصر الله على مدخل المخيم: «لأنه يشعر بما نعانيه»

كثافة نزوح إلى البداوي بمعدل 30 شخصاً في المتر المربع.

البداوي :

هي الساعة السابعة من صباح امس الأحد. هدوء لافت في البداوي وكأن «عجقة» الايام الماضية تبخرت. لا حركة على الحاجز امام المدخل الرئيسي، فقط صور كثيرة مرفوعة مع الأعلام الفلسطينية ومن بينها صورة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، هي في الاصل كانت موجودة ولكنها اليوم باتت أكبر «هو شعر بما نعانيه»، كما يقول «ابو ردينة».

هدوء الحاجز والطريق الرئيسي في المخيم يشعرك ان الناس التي صحت على مأساة نزوحها لم تصحُ بعد من نومها بعد قلق اسبوع كامل وإلى أجل غير مسمى حسب اميرة السعدي التي تقول إنها باتت يائسة من العودة الى مخيمها الاساسي او من البقاء في المخيم المضيف. تفتش السعدي عن سبيل لمغادرة لبنان ولكن «ليس الى دولة عربية ولا الى اميركا».

كيلومتر مربع واحد فقط لا غير هي مساحة مخيم البداوي. مخيم في الاصل ضيق على قاطنيه فكيف بأكثر من 12 الف نازح. وصل مجموع الوافدين مع اهل المخيم إلى نحو ثلاثين الف نسمة وهذا يعني انه على كل ثلاثين انسان ان يتقوقعوا في متر مربع واحد لولا الامتداد العمودي للمخيم وهو امتداد بسيط كون ارتفاع كل منزل لا يتعدى خمسة امتار.

ضيق المساحة وكثافة النزوح تدفع بالمنظمين إلى إسكان أكثر من عائلة في غرفة واحدة وعليه يترك الشباب المكان للنساء والأطفال وينامون في الشارع، كما يقول الدكتور رائد الحاج. بالإضافة إلى النوم في الشارع يلفت الحاج إلى نقص في أدوية الأمراض المزمنة وخصوصاً ادوية السكري والقلب.

عند الظهر عادت الحركة الى المخيم. بدأت قوافل النازحين بالتوافد. بعضهم يصل من البارد الى المخيم وبعضهم الآخر يستعد للنزوح منه باتجاه بيروت كحال ام كامل التي قالت انه نزوح ليومين كي يرى زوجها الذي يعمل في بيروت الاولاد ولكي يأتوا ببعض الاموال كونه لا يستطيع هو أن يأتي بفعل التدقيق بالهويات على الطرقات لا سيما الهويات الفلسطينية.

تدقيق على الحواجز «ما ان قالتها ام كامل حتى بدأ كل من حولها يتحدث لا سيما أهل البداوي انفسهم. تبرع احمد الفهد بالكلام باسمهم. وافقوا مع الاصرار عليه بضرورة «ان يسمي الاشياء باسمائها». هو احتار عندها ماذا يقول. فتش عن كلماته وقال: «يعتاش ابناء البداوي من العمل اليومي وهم يقتاتون كل يوم بيومه، انهم الآن لا يذهبون الى اعمالهم بفعل التدقيق في الهويات الفلسطينية. ناشد الفهد باسم الأهالي الجيش اللبناني وقيادته وكافة السـياسـيين التخـفيـف قليلاً لا سيما على الفلسطينيين الذين يذهبون الى اعمالهم كي لا تضاف ازمة معيشية على ازمة النزوح».

امام مكتب الاونروا في تجمع المدارس وقفت سيدة تتحدث الى مدير خدمات الاونروا في البارد خالد الحج عن وضعها المأساوي. هي نزحت إلى منزل يعيش اصحابه في الدانمارك. لا يزال المكان قيد الانشاء ولم تصلها اي مساعدة حتى الساعة. يسألها الحج عما اذا كانت ملأت استمارة ترد بالايجاب فيفاجأ. يسألها اذا كتبت بوضوح اسم الحي الذي تسكنه، تستطرد انها كانت في المدرسة ثم انتقلت. يقول عليها تعبئة استمارة جديدة عن مكان سكنها لانه جرى تقسيم المخيم الى قطاعات وإن المتطوعين يوزعون الحصص بشكل مدروس على القطاعات كافة حسب الاستمارات التي لديهم ومن ليس لديه استمارة كأنه غير موجود.

الاستمارة لا تحتاج الا الى صورتين ورقم الملف ليدخل بعدها رب العائلة وعائلته الى الاحصائية المعتمدة ويعطى بطاقة زرقاء تخوله الحصول على المساعدات ترى اهي كافية تلك المساعدات؟ نعم يقول مسؤول خدمات الاونروا في البداوي فوزي طويبي الا ان التوزيع العشوائي من قبل بعض الجمعيات والمنظمات يجعل البعض يحصل على الكثير فيما البعض الآخر لا يصله اي شيء مناشداً ان يكون التوزيع عبر الاونروا ليتمكن الجميع من الحصول على معونات.

مساعدات كثيرة وفدت وتستمر بالتوافد الى المخيم ورغم ذلك بعض النازحين لم يحصل حتى الساعة على فرشة اسفنج واحدة، بعضهم لم يصله اي اكل او شرب منذ لحظة نزوحه ومنهم من لا يملك ليرة واحدة لشراء ربطة خبز: «نحن في الاساس لا نمد ايدينا الى احد، نأكل خبزنا بعرق جبيننا» تقول امينة المراد مضيفة انهم خرجوا مع عائلة شقيقها الدكتور احمد مراد بما عليهم وهي المرة الاولى التي ينتظرون اعاشة من احد مؤكدة انها تفتخر بأن ابناء المخيم كانوا يعملون بجهد كي لا يحتاجوا الا انهم لم يتوقعوا ان ينزحوا عن منازلهم بهذه الطريقة.

يبقى انه حتى الساعة لا يزال هناك توافد للنازحين الى مخيم البداوي وإن بوتيرة أخف من الايام الخمسة الماضية فيما ضاقت المدارس بناسها والمساجد بمصليها ومفترشي ارضها بدل النوم في العراء. كما ضاقت الملاعب بالاطفال الذين يغتسلون من حنفيات الملاعب حيث تقوم امهاتهم بغسل الثياب ايضاً، في وقت بدأت امراض الحساسية تتفشى بين الاطفال بفعل النوم على الاسفنج من دون ملاءات وأغطية.

يحتاج مخيم البداوي الى الكثير اليوم. وصلته مساعدات عديدة منها من تيار المستقبل ومن حزب الله، منها من كاريتاس لبنان كما وصلت قافلة تابعة لجمعية الحملة المدنية للاغاثة «إد ليبانون» وهي تضم حليب اطفال وفرشا وحرامات وخيما اضافة الى شاحنة عبارة عن «فلتر» منقٍ لمياه الشفة سلمت الى منظمة الاونروا في البداوي. الا ان الجمعية التي دخلت للمرة الاولى على خط المساعدات الانسانية هي جمعية الفرسان الخيرية التي يرأسها ريبال رفعت الاسد والتي قدمت ثلاث شاحنات محملة بالمواد الغذائية والمعلبات.

تعليقات: