كتاب غرنيكا الخيام للدكتور يوسف غزاوي

سؤال واجهني به أحد الأصدقاء من منطقة الشمال اللبنانيّ، يهتمّ بالعائلات اللبنانيّة وأصولها ومصادرها وتشعّباتها، حتى يكاد يعرف الخياميّة منها بتنوّعاتها.

قال لي: "لماذا لا يعمد أحد من الخياميّين إلى كتابة تاريخ بلدتكم العريقة على غرار مناطق أخرى؟ شيء غريب لا أستطيع فهمه! ألا يوجد في الخيام مختصّون ينكبّون على هذا الأمر، فبلدتكم تستأهل ذكر تاريخها".

فاجأني كلامه كونه من منطقة بعيدة من الخيام ومن الجنوب، قبل أن أجيبه أنّ هناك بعض المحاولات لأبناء البلدة (دون ذكر الأسماء) حول هذا الأمر. فاجأني مرّة ثانية بقوله أنّه إطلع عليها، وهي تبقى قاصرة ولا تفي بالمطلوب.

فمن سيقوم بهذا الأمر في بلدة تحوّلت إلى مدينة مليئة بالمثقفين والباحثين، مغامر يشفي غليل سكّانها باطلاعهم على تاريخها الغنيّ وحكاياتها الجميلة، وغير الجميلة منها.

لقد حاولتُ، بدوري، من خلال سيرتي الذاتيّة في كتابي "غرنيكا الخيام…" أن أُضيء على الجزء اليسير منها من خلال ذاكرة طفولتي المتواضعة فيها.

نحن نحبّ الخيام، ونتغزّل فيها، لكنّنا للأسف نخونها ولا نعمل على خدمتها ورفع شأنها عمليًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا وفكريّا بالإضاءة على عطاءات مثقفيها ومفكّريها دون حواجز عائليّة واجتماعيّة وسياسيّة.

كلّنا مقصّرون..

الخيام ليست فقط منازل كبيرة وسيّارات وفيلات فخمة ومباراة بين الأجمل منها والأكثر ثراءً وحضورًا، بل هي الإنسان، وما يحتويه من قيمة وعطاء وتاريخ وحبّ لهذه البلدة..

فمع تقديرنا لما كُتب عن الخيام للأستاذ كامل فاعور، وما يقوم به الصديق عدنان سمّور، وما قام به المرحوم الأستاذ عبد الأمير علي مهنا (أبو هزار)، وما جاء في مفكّرة الخيام حول الاختصاصات المنوّعة لأبناء الخيام، وكتابات الدكتور فؤاد مرعي وغيرها، وما قام به المخرج رضا قشمر، إلا أنّها محاولات تبقى قاصرة فيما يخصّ البحث المعمّق في "تاريخ" الخيام، ولا سيّما العائلات وأصولها وتفرّعاتها، مع موضوعيّة ودراسة عميقة والإضاءة على قراءات ومعلومات جديدة موثقة من خلال منهجيّة علميّة رصينة بعيدة من الأسطرة والغايات والانتماءات.. مع اعترافنا أنّ هذا الأمر يتطلّب تفرّغًا كاملًا، وكلفة ماليّة أنّى لنا بها في هذا الزمن الذي يغيب منه الأخضر! إلّا إذا قام أحد الطلاب الخياميّين بتناول هذا الموضوع كأطروحة دكتوراه في قسم التاريخ في الجامعة اللبنانيّة.. المهم الإخلاص لهذه البلدة الجنوبيّة الصامدة المعطاءة المحبّة بامتياز لهذا الوطن المعذّب..

الأستاذ كامل فاعور، رئيس بلدية الخيام الأولى بعد التحرير

المخرج رضا قشمر

المهندس عدنان إبراهيم سمور

الدكتور فؤاد مرعي