وجوه التغيير والتحدّي الانتخابي: المرشّح علي خليفة

أترشح تكريساً واستمراراً لنفَس ثورة 17 تشرين، التي أرى فيها ثورة المواطنية في لبنان (المدن)
أترشح تكريساً واستمراراً لنفَس ثورة 17 تشرين، التي أرى فيها ثورة المواطنية في لبنان (المدن)


يدرك جيداً أنه لا يدخل في منافسة للحصول على أحد المقعدين النيابيين اللذين يحتلهما رئيس المجلس النيابي نبيه برّي والنائب علي عسيران، بل لخوض معركة تثبيت موقف سياسي بوجه الثنائية الشيعية، معولاً على أن ثقافة المنطقة وتراثها العاملي على نقيض الخطاب الرائج للشيعية السياسية المتمثلة بحركة أمل وحزب الله.


شاب طموح، يؤمن أن انتفاضة 17 تشرين هي ثورة المواطنة، التي يقدمها للمجتمع كمشروع سياسي بديل. هو أستاذ التربية على المواطنية في الجامعة اللّبنانية، علي خليفة (41 سنة). حائز على شهادة دكتوراه في علوم التربية من جامعة جنيف-سويسرا، وعنوان أطروحته كان "التربية على المواطنية في المجتمعات المتعددة الطوائف".


شغل سابقاً منصب المدير التنفيذي للمعهد العالي لإعداد المربّين التابع للبعثة العلمانية الفرنسية في بيروت، وصدرت له مقالات وأبحاث ودراسات منشورة في عدد من الدوريات العلمية محليًا ودوليًا، منها "المواطنة والدولة في الإسلام: نقد الإسلام كنظام حكم". وله كتب، منها "أبناء الطوائف: إشكالية التعليم الديني" و"وطن بلا مواطنين" و"المطران والشيطان: قراءات ومحطات في تجربة غريغوار حداد".


ناشط في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني مثل "تيار المجتمع المدني" إلى جانب الراحل المطران غريغوار حداد. ويتركز نشاطه على بناء مهارات وقدرات المواطنية عند المتعلمين وإعداد المعلمين.


يؤمن أن المواطنية هي مشروع سياسي للمجتمع وأن السياسة هي لخدمة قضايا الشأن العام. واختارته النوادي العلمانية كمرشح تدعمه في دائرة صور الزهراني لمسيرته المهنية والتزامه بقضايا المجتمع، وتقديمه العلمانية دائماً كشرط للمواطنة في المجتمع، لأنها تنظم الدين في المجال العام وتمنع استغلال الدين أو التجارة به، وتغليف كل باطل أو فساد بالدين. فالعلمانية المتصالحة مع الأديان مثلما قدمها حداد والعلامة محمد حسن الأمين والسيد هاني فحص تصلح كمشروع حل للمجتمع وبناء الدولة. ويؤمن أن خطاب العلمنة ليس غريباً عن المنطقة التي يترشح فيها، ليس لأن حداد من مؤسسي حركة المحرومين مع الإمام موسى الصدر فحسب، بل لأن العلمانية متصالحة مع التراث العاملي، وانحراف الشيعية السياسية أدى إلى إظهار الأمر كما لو أن العلمانية لا تلائم المنطقة. فالتراث العاملي لا يشبه بشيء الحالة التي فرضتها الشيعية السياسية لربط الدين بالدنيا، وربط المقاومة بمشروع ديني.


لماذا قررت الترشح للانتخابات النيابية؟

أترشح تعبيراً عن التزامي بمسؤولية وطنية والتزام أخلاقي. وإزاء كل الأزمات التي نعيشها لا يمكن للواقع السياسي الذي تسبب بالأزمة التي نعيشها أن يبقى قائماً. وأترشح تكريساً واستمراراً لنفَس ثورة 17 تشرين، التي أرى فيها ثورة المواطنية في لبنان. أي هي مشروع سياسي للبلد، والانتخابات هي محطة فيه.


الانتخابات النيابية السابقة منذ العام 2005 إلى اليوم لم تغير بواقع البلد، هل تؤمن أن الانتخابات المقبلة ستغير بموازين القوى في البلد؟

نعم، الانتخابات المقبلة ستغير موازين القوى، وذلك بالاستناد إلى انقلاب المزاج الشعبي. اعتقد أن عدداً كبيراً من الناس سيلجؤن إلى التصويت العقابي. وهذا الأمر مرتبط بمشاهد مسلسل الفشل والانهيار اليومي في البلد. فحيال كل ما نعيشه، إذا لم تؤد الانتخابات إلى تغيير، فهذا يعني أننا سنبقى في أزماتنا المتناسلة.


ما هو موقفك السياسي من قضايا خلافية كبرى في البلد: النظام اللبناني، النظام المصرفي والمالي والاقتصادي، وسلاح حزب الله. ما هي مسلّماتك السياسية؟

على مستوى النظام السياسي يجب تطبيق الاصلاحات السياسية لتحقيق الدولة المدنية المنصوص عنها في اتفاق الطائف، والتي لم يتطرق إليها أي أحد إلا لمصالح ظرفية من دون أن تقترن بإرادة فعلية لتطبيقها. والحديث هنا عن تطبيق المادة 95 من الدستور وإلغاء الطائفية السياسية وتشكيل مجلس الشيوخ واللا مركزية الإدارية الموسعة، كنمط بالإدارة والحكمية، لحصول المواطن على حقوقه بشكل مباشر. وهذه المسائل لا تنفصل عن بعضها، فإن فصلناها نكون في صدد خدمة أجندات مصلحية وتنفيعات أو مناورة وابتزاز لاستنفار الآخر.

أما النظام المالي والمصرفي فقائم على احتكارات وعلى أساس مصلحية لفئة قليلة في المجتمع. ومن وضع السياسات المالية الخاطئة يجب أن يتحمل المسؤولية مع من يحميه. ثمة مسؤوليات يتحملها حاكم المصرف المركزي، يجب أن يحاسب عليها، لكن يجب إعادة هيكلة المصارف وإعادة حقوق المواطنين.

بما يتعلق بسلاح حزب الله، لقد ارتكب الحزب أخطاء كبيرة بعد العام 2000. المقاومة حالة شعبية يحضنها الوطن. هي حالة شعبية ظرفية بوجه محتل. تقوم ضمن حدود الدولة الوطنية، أي في الجنوب والبقاع الغربي. وسطرت المقاومة بطولات بوجه المحتل. وكان حزب الله مع فصائل أخرى يقومون بهذا الدور. لكن اليوم حزب الله لم يعد مقاومة، لأن السلاح بعد التحرير أصبح خارج الحدود السياسية للدولة، وبات الحزب فصيلاً خارج إرادة الدولة وأمرتها. وبات حزب الله يخدم مصالح خارجية على حساب المصلحة العليا للمجتمع. هذا فضلاً عن أن ثقافة المقاومة لا تلتقي مع الثقافة التي يعممها حزب الله، لأنها تقوم على العزة وإرادة التحرر. فعن أي عزة وكرامة نتحدث في وقت لا يجد المواطن قوته اليومي، ويعيش الناس بالقمع والعوز والمذلة؟ المقاومون في التاريخ كانوا ثائرين مثل السيد المسيح والإمام الحسين. ثار المسيح على واقعه لطرد تجار الهيكل ولم يساوم التجار أو حمى المنظومة.


ما هي نظرتك للقوى السياسية في منطقتك؟

أنا ضد تسمية الثنائي الشيعي. أنا ضد الثنائيات لأن الثنائي لا يحتكر الطائفة، كما أن حزب الله لا يحتكر المقاومة. الممارسة السياسية للنواب الشيعة دون المستوى الذي يطمح إليه المواطن. ولم يتطرق النواب مرة واحدة لقضايا المجتمع بمنطق الدولة، ولم يحاكي مشروعهم الناس كمشروع دولة القانون والمؤسسات والمواطنة، بل من خلال إثارة الغرائز وتقديم الخدمات، عوضاً عن أن تكون الخدمات حقوقاً مباشرة تلتزم بتقديمها الدولة. وأداء وزراء الشيعية السياسية ينقصه الكثير كي يرتقي إلى ممارسة سياسية راقية.


ما هو موقفك من التحالف مع شخصيات وأحزاب تقليدية معارضة؟

أعلنت عن مشروعي من خلال العلمانية والمواطنة كمشروع بديل، وعدم التسليم باحتكار الطوائف للدولة. وكل جهة تدعم هذا المشروع أو ترى أنه يمثلها أدعوها لتأييدي. ليس لدي حسابات سياسية للوصول إلى منصب سياسي. لكن إذا وصلت إلى الندوة البرلمانية لا أعد الناس بخدمات، بل سأعمل المطلوب مني كنائب. أي أعمل على سن قوانين لتكريس الدولة المدنية ولا أحل مكان الدولة في تقديم الخدمات، التي هي حقوق وليست خدمات لشراء الذمم.


لماذا سينتخبك أبناء منطقتك؟

ببساطة، لأنني أقدم مشروعاً بديلاً عما هو قائم اليوم. المشروع القائم لم يحل المشكلات التي نعيشها، لا بل كان المسبب لهذه المشاكل. المواطنون لا ينتخبون شخصي، بل مشروعاً متصالحاً مع الثقافة والتراث العاملي. تراثنا وثقافتنا في المنطقة تختلف عما يتم الترويج له اليوم. كل الخيارات التي لجأ إليها المشروع الآخر أفقرت الناس وباعتهم أوهاماً واستلبت عقولهم. فماذا يعني أن كل شيء تحول إلى خراب في البلد، لا كهرباء ولا ماء ولا دواء.. أي لا توجد الحاجات الأساسية للمواطن، ويوجد صواريخ دقيقة؟ ما نفعها؟ هل طموح الشيعة العيش بعوز مادي ومعنوي، وواقع لا يؤمّن أي فرصة أو أي متنفس لحريتهم، والاكتفاء بترسانة صواريخ تتحول مع الوقت إلى خردة؟ إذا كان هذا طموحهم وسقف وجودهم في البلد، يستمرون في المشروع المقابل لنا أو يبحثون عن بديل آخر. ونحن نقدم هذا البديل.

تعليقات: