خير الدين «يتعرّف» إلى حاصبيا: لم أعد مصرفياً... صرت خبيراً مالياً!

(شريف طاهر)
(شريف طاهر)


غضب الثائرين على المواقع الافتراضية، بسبب ترشّح مروان خير الدين للانتخابات المقبلة عن المقعد الدرزي في حاصبيا ــــ مرجعيون لا يعكسه الهدوء الذي يخيّم على البلدة. المصرفي المتّهم، مع زملائه، بالسطو على أموال المودعين وتهريب الأموال المنهوبة إلى الخارج، يخلف خاله أنور الخليل، ويشبهه في توافق الزعامات المعنية على اختياره، من راعي اللوائح الجنوبية الرئيس نبيه بري إلى زعيم الطائفة الدرزية وليد جنبلاط إلى زوج شقيقته طلال أرسلان

أسعف طقس نهاية الأسبوع أهل حاصبيا الذين سارعوا إلى إطفاء «الوجاقات» لتوفير المازوت. كثيرون من المقيمين البالغ عددهم حوالي ستة آلاف نسمة، سيمضون ما تبقى من الشتاء متسلحين بالحرامات. السبت الماضي، خرج معظمهم إلى الشرفات والبراري بحثاً عن دفء الشمس التي أطلّت أخيراً بعد عواصف متتالية. فيما كان ابن بلدتهم المرشّح مروان خير الدين يدشّن أولى جولاته الانتخابية. الغالبية تعرّفوا إليه للمرة الأولى. كبار السنّ منهم يعرفون الفتى الذي زار المنطقة مرات قليلة برفقة أسرته. جدّه أبو سليم كان يملك آلاف الدونمات من أراضي حاصبيا وجوارها وعمل لديه معظم الفلاحين. الفروقات الطبقية باعدت بين مروان وأقرانه في صغره، قبل أن يبعدهم عنه سفره إلى الولايات المتحدة، حيث أكمل تحصيله العلمي وانخرط في عالم المال والبورصة. يشبه خير الدين خاله أنور الخليل، لكنه لا يشبه معظم الحاصبانيين الذين قد يمثلهم في البرلمان. لكن من وافق على التجديد لنيابة خاله، المصرفي أيضاً، لسبع دورات متتالية، لن يجد حساسية تجاه مروان.

أولى جولات التعارف لعضو المجلس السياسي في الحزب الديموقراطي اللبناني كانت مع «ديموقراطيي» حاصبيا وبعض فعاليات بلدته. لم يستقبلهم في دارة عائلته، بل في منزل أمين سر الحزب وسام شروف. معظم الحاضرين تناوبوا على تقديم أنفسهم له. «لو كنت صاحب القرار، لاخترت ترشيح الدكتور وسام»، استبق من سأله عن سبب قبوله بالترشح. حفظ حق رفيقه. لكن الزعامات تختار من يشبهها، علماً بأن الحظ لم يحالف شروف الذي ترشح ضمن لائحة المعارضة في الدورة الماضية. بالنسبة إلى خير الدين، هو محظوظ ليس لنجاحه شبه المضمون، وإنما لـ«توحد طائفتي على ترشيحي». أقرّ بأنه ابتعد عن مسقط رأسه كسائر من اختار السفر أو النزوح، «وكانت زياراتي لحاصبيا عائلية إلى منازل عماتي وأولادهنّ. لم أشتغل شغلاً انتخابياً». وأكد لـ«الأخبار»: «لم آت لأدفع المال، لا الآن ولا لاحقاً»، حاسماً في رفض «الرشوة الانتخابية». لكن ذلك لم يعجب بعض من همسوا: «شو جايي يعمل؟!»، مشيراً إلى أن أكثر من 600 شاب من حاصبيا تطوّعوا في ماكينته الانتخابية، ظناً بأنه «جايي يوزع مصاري في زمن القلّة».

رئيس مجلس إدارة بنك الموارد «كارم» أهل بلدته النائية، قبل سنوات، بافتتاح فرع لمصرفه فيها. لكنه، خلال الأزمة، لم يكارمهم بصرف مستحقاتهم أو على الأقل إعفائهم من طوابير الانتظار أمام الصرّاف الآلي. أحد المشاركين في الجلسة توسّم بالحملة الانتخابية خيراً. سأله إن كان سيدفع لناخبيه المودعين جزءاً من أموالهم كامتياز استثنائي. صاحب المصرف أقفل باب الأمل، مقرناً «استرجاع أموال كل المودعين بقرار مصرف لبنان. وهذا لا يحصل قبل أن نستعيد نحن، المصارف، أموالنا التي أقرضناها للدولة». قطع خير الدين الحوار على المتأملين باستعادة ودائعهم. أبلغ الحاضرين بأنه استقال من منصبه في إدارة بنك الموارد، «وأصبحت خبيراً مصرفياً. اسألوني». أحدهم سأله عن سعر صرف الدولار، فأجاب: «أنصحكم بألّا تصرفوا دولاراتكم إلا لمصروفكم الأسبوعي فقط».


للغاضبين على مواقع التواصل: خلونا نشوف هالغضب يوم الانتخاب

يتفهّم الاعتراضات على ترشيحه، كما «أتفهّم الناس التي تعتبر أيّ مصرفي شخصاً غير مرغوب فيه بالسلطة. لكن هناك من يتحملون مسؤولية، ومن يتحملون مسؤولية أقل». غير أن هذا التفهّم لا يدوم طويلاً. إذ يصف من يهاجمه على الـ«سوشال ميديا» بـ«الجيش الإلكتروني الوهمي»، داعياً إياهم إلى ترجمة اعتراضهم في الصناديق، ويتحدّى هازئاً: «خلّونا نشوف هالغضب يوم الانتخاب».

التصويب على ترشيح خير الدين جاء أيضاً من ناشطين بيئيين وجمعيات الرفق بالحيوان بسبب استعراضه صور الطرائد التي يصطادها في رحلاته حول العالم. في إجابته عن سؤال عن ذلك، قال: «خير انشالله. كل اللبنانيين يصطادون»، مستغرباً من انتقاد نشره للصور: «أنا من ينشرها بكامل إرادتي ولم تسرّب».

كلما طال أمد الدردشة بين النائب المفترض وأهل منطقته، ظهر البون الشاسع بين الطرفين اللذين لا يجمعهما سوى «المصلحة العليا للدروز التي يزول عندها أيّ تفصيل» بحسب أحد الحاضرين. فالدردشة مع من يشغل بالهم تعبئة الوجاقات بالمازوت تخلّلها شرح للأسباب التي دفعته إلى بيع طائرته الخاصة. إذ إن «كلفتها أغلى من كلفة استئجار طائرة».

يدرك خير الدين أن فوزه ليس في الجيبة كودائع الناخبين. في دائرة الجنوب الثالثة، يشكل المقعد الدرزي واحداً من المقاعد الثلاثة التي يمكن للوائح المعارضة خرقها، إلى جانب المقعدين السني والأرثوذكسي. التململ من التجديد المتكرر لأنور الخليل حلّ محله غضب من اختيار خير الدين قد يدفع البعض إلى عدم التصويت للائحة المدعومة من حزب الله وحركة أمل. في المقابل، قد يدفع خير الدين ثمن الصراع الضمني مع الحزب التقدمي الاشتراكي «الذي قد يحجب عنه الصوت التفضيلي رغم وعد جنبلاط لبري بتجيير أصوات الاشتراكيين للائحة» بحسب مصادر متابعة. خير الدين يواجه أيضاً عقدة انقسام الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتمسك حتى الآن برفض التصويت للائحة بعد إعادة ترشيح النائب أسعد حردان. لذلك، حاول استرضاء القوميين على اختلافهم بالنظر إلى قوتهم الناخبة المهمة في المنطقة، فخصّ منفذية حاصبيا بلقاء حواري في مقرها وتراجع عن زيارة حردان بعد اعتراض القوميين.

تعليقات: