تولت مديرية المخابرات القضية بعد «إشارات» أثارت شكوكاً لدى المحققين (الأخبار)
تشير التحقيقات الأوّلية مع المشتبه فيه الأول حسين ف. في جريمة قتل أمّ وبناتها الثلاث من بلدة أنصار (أوقفَ قبل أيام من قبل مديرية المخابرات في الجيش)، أنه نفذّ جريمته عن سابق إصرار وتصميم. بدأت القصة باستدراج العائلة الضحية على عشاء وانتهت بإطلاق النار على الصدور والرؤوس في مغارة اختارها الجاني مسرحاً لجريمته. غير أن الجريمة التي نُفذّت قبل نحو 25 يوماً من تاريخ اكتشاف أمرها، لم يكن الجاني وحيداً فيها. فقد ألقي القبض في وقت متأخر أمس على المشتبه فيه الثاني بالمشاركة في الجريمة، حسن غ.، بالتعاون بين مديرية المخابرات في الجيش وآل ناصر الدين. ومن المتوقع ان تكشف المواجهة بين الموقوفَين المزيد من التفاصيل حول كيفية ارتكاب الجريمة التي تدخل فيها سياق قضائي – أمني طويل، بدأ بعد 24 ساعة على التبليغ عن اختفاء العائلة، وانتهى في تلك المغارة.
التبليغ عن مفقودين
خلال الفترة الماضية، أضحت قضايا اختفاء مواطنين لا سيما الفتيات منهم، مسألة طبيعية وتتبع مساراً تقليدياً، يبدأ بإبلاغ أهالي المختفي/ة عن الحالة لدى أقرب قطعة أمنية، ومن ثم يجري تعميم صورة شمسية، اسم ورقم هاتف للتواصل في حال وجود معطيات مفيدة، ومن ثم يتم النشر كمدوّنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأخيراً تُحال المسألة إلى أقرب فصيلة أمنية للمتابعة. هذا المسار، سرعان ما ينتهي مع وصول الملف إلى القطعات عادة، بناءً على اعتقاد مسبق بأن معظم الحالات المشابهة، إما تكون عبارة عن حالات فرار مع حبيب أو فرار من المنزل تحت ضغط خلافات الأهل ومشكلاتهم، وغالباً في أعقاب نشر أي رسم، يتم التوصل إلى حل للقضية عبر تسليم المفقود/ة لنفسه. لكن مسألة «عائلة أنصار» مثلت استثناء، فطيلة فترة الاختفاء لم ترد أي معلومة إضافية حول القضية ولم يحدث أن ظهر أي عنصر أو معطى يقود إلى الفتيات ووالدتهما، ما دفع بذويهم إلى اعتبارهم في عداد المفقودين، ليتصرّفوا على هذه الأسباب، ويذهبوا نحو توسيع مسار البحث بعدما نما الشك لديهم بحصول أمر مريب.
التحرّي ينتظر
عملياً، كان يفترض بالقطعة الأمنية التي وصلتها الاستنابة حول وجود أفراد مختفين، أن تباشر عملها كما ينصّ عليه القانون، غير أن ما حصل مثّل علامة فارقة. وبحسب معلومات «الأخبار»، انحصر تحرك «التحري» في انتظار أي معلومات إضافية من دون التعمّق في التفاصيل، أو التوسّع في القضية من خلال إجراء التقصي والتحرّيات اللازمة كاحتمال قائمة لحصول عملية خطف. وطوال 25 يوماً على حصول الجريمة، لم يُدرج «التحري» أي إضافة على ما جرى، وهو ما يمكن إدراجه في خانة الإهمال. يضاف إلى ذلك مسار قضائي ليس أقل سوءاً، تعامل مع قضية الاختفاء على أنها «حادثة غياب غير قصري وناتجة من قرار بمحض الإرادة»، وسرعان ما يجري حلها.
وعدت شعبة «المعلومات» بإنجاز التحقيقات ورسم الصورة الكاملة للجريمة خلال 3 أيام
تدخل مديرية المخابرات
دام ذلك إلى حين تولي مديرية المخابرات في الجيش اللبناني القضية، بعد ظهور «إشارات» أثارت شكوكاً لدى المحققين. وبناء على عمليات التقصّي والمتابعات التي أجريت والتي بيّنت أولاً وجود المشتبه به «حسين ف.» برفقة الضحايا قبل حصول الجريمة، ولاحقاً اتضاح مغادرته الأراضي اللبنانية باتجاه سوريا، من دون أي سبب أو تفسير، كان لا بد من إحضاره للاستماع إليه بصفته شاهداً. وتشير المعلومات إلى أن الجاني تم استدراجه من الأراضي السورية عبر عدد من أقاربه لمصلحة مديرية المخابرات، بعدما فقد أوراقه الثبوتية وما لديه من أموال هناك. وتشير معلومات «الأخبار»، إلى أن الموقوف/المشتبه فيه، قدّم إفادة أمام المحققين في مديرية المخابرات كشفت خيوطاً حول علاقته بالإجهاز على المغدورات، ومن جملة ما تم التوصل إليه، مسرح الجريمة ومكان الدفن. غير أن القضاء الذي وجد ضرورة في التوسّع بالتحقيق، طلب عبر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، نقل الملف من مديرية المخابرات إلى شعبة المعلومات، نظراً للقدرات التقنية التي تتمتع بها.
في فرع المعلومات
وبحسب مصادر «الأخبار»، تقدم حسين ف. بمزيد من الاعترافات بعيد ساعات من تسلّمه، يمكن اعتبارها أنها تقدم صورة مبدئية حول ما جرى تلك الليلة. فقد ذكر الموقوف أنه قام باستدراج الضحايا بناء على فكرة ناقشها مع شريكه سوري الجنسية، من خلال دعوة على العشاء في أحد مقاهي مدينة صور. وبعد قبول المغدورات تلبية الدعوة، وفي أثناء وجودهن في سيارته، ادعى رغبته في اطلاعهم على «العمل» الجاري في مغارة موجودة في خراج بلدة «أنصار» (كان قد أعدّها مسبقاً مع شريكه لغرض إتمام الجريمة)، مدعياً أنها عبارة عن «مشروع سياحي» يقوم بإنجازه. وعند وصولهم إلى المغارة قاما بضرب الضحايا على رؤوسهن من جهة الخلف ودفعهن إلى داخل المغارة ومن ثم إطلاق النار عليهن من سلاح صيد بنية القتل (عثر عليه في منزل حسين ف.). ولاحقاً وبناءً على مشورة شريكه السوري، قاما بدفن الجثث وإغلاق الحفرة بمادة الإسمنت منعاً لانبعاث الروائح، وغادرا المكان. وتشير المعلومات، إلى أن التقرير الأولي للطبيب الشرعي، لم يذكر وجود أي عبث في الجثث، ما له أن يقضي على فرضية «بيع الأعضاء» كسبب أدى إلى حصول الجريمة.
وتشير معلومات «الأخبار»، إلى أن التحقيقات مع الجاني والتي تتمّ تحت إشراف القاضي غسان عويدات، وعدت شعبة «المعلومات» بإنجازها ورسم الصورة الكاملة للجريمة خلال 3 أيام من تاريخ تسلم المتهم من مديرية المخابرات، علماً أن الأخيرة كان لها الحصة الأكبر من كشف ملابسات ما حصل، بدءاً من العثور على الجاني ثم الوصول إلى مكان دفن الجثث وإماطة اللثام عن السياق المبدئي للجريمة.
تعليقات: