مخيّم «نهر البارد» تحت الحصار \"مدنيّون فلسطينيّون بين نارين\"

يحظر القانون الدولي الإنساني، ولا سيما معاهدة جنيف الرابعة، التعرض للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة. لكن، منذ بدء الاشتباكات في الشمال بين الجيش و«فتح الإسلام»، يظهر أن المدنيين واقعون بين نارين، رغم إجماع النازحين عن المخيم الذين التقتهم «الأخبار» في مخيم البداوي، على أن «لا ناقة لهم ولا جمل في هذه المعركة»

لم تلتق «الأخبار» أحداً من سكان مخيم نهر البارد النازحين إلى مخيم البداوي، إلا وذكر أن منزله أصيب بقذيفة، أو أن منزله تضرر جراء سقوط قذيفة قرب بيته. أحدهم، ممن كانوا يقطنون حي زعل في مخيم نهر البارد، وهو موظف في وكالة غوث اللاجئين ـــــ أنروا، ذكر أن 36 منزلاً في الحي المذكور كانت قد تعرضت للقصف حتى بعد ظهر يوم الثلاثاء الفائت. فجر ذلك اليوم، كان بالنسبة إلى موظّف الأنروا «مليئاً بالرعب»، ويقول: «لم نصدق أننا سنخرج أحياء. كنا نحتمي في الطابق الأرضي، ننتظر الموت».

القتلى المدنيون

لا أحد من الموجودين في مخيم البداوي يعطي رقماً نهائياً لعدد القتلى المدنيين، لكن كل من التقت بهم «الأخبار» أبدوا امتعاضهم مما ذكرته وسائل الإعلام عن عدم تجاوز عدد المدنيين الذين قضوا منذ بدء الاشتباكات القتيل الواحد. وعند سؤال الهلال الأحمر الفلسطيني في مخيم البداوي عن عدد المدنيين الذين قتلوا في الاشتباكات، وزع أطباء عاملون في مستشفى صفد على الإعلاميين أسماء 14 شهيداً، نقل أربعة منهم إلى مخيم البداوي، أما البقية فلا تزال جثثهم داخل مخيم البارد، وبعضهم دفن هناك، كما ذكر أحد الأطباء. من جهته، قال د. عبد العزيز البقاعي، طبيب في الهلال، إن أسماء المدنيين القتلى التي زُوِّد الإعلاميون بها هي لأصحاب الجثث الأربع التي دفنت في مخيم البداوي حتى يوم أمس وهم: نايف صلاح صالح المستر (قتل أثناء خروجه من المخيم بإطلاق نار على الباص الذي كان يقوده يوم الثلاثاء)، ومنتهى أبو راضي (إحدى ركاب الباص)، وعامر أحمد حسين (جرح في منزله ثم نقل إلى البداوي حيث توفي يوم الجمعة)، وخالد رشيد سليمان (قتل في منزله داخل المخيم وشيع أمس في البداوي). إضافة إلى هؤلاء، أحصت طواقم الهلال داخل البارد سقوط عشرة مدنيين، وهو ما أكده الطبيب العامل في مستشفى الهلال الأحمر الدكتور رائد الحاج، الذي خرج من مخيم البارد أول من أمس، وكان حتى ذلك الحين قد كشف على جثث المدنيين العشرة، وهم: عبد اللطيف خليل (قتل بالقصف قرب مركز الشفاء، أمام مسجد الجليل) ورائد عبد الرحيم (الشنص) (قُتل أمام مسجد الجليل) وجهاد عزام (قتل يوم الثلاثاء عند دخول قافلة مساعدات إنسانية إلى المخيم وتعرضها للقصف)، وعدي ناصر إسماعيل (قتل بقصف القافلة)، وليندا محمد جبر (قتلت في اليوم الأول بمنزلها قرب حاجز المحمرة) ومحمود عوض حسين (قتل إثر قصف منزله في اليوم الأول)، وسعيد حيدر أبو حيدر (قتل وهو يحاول مغادرة منزله قرب مركز صامد)، وسليم صالح بهار (قتل في منزله)، وعسلة الراشد (قتلت في منزلها، في حارة صفوري) وعادل يونس خليل (قتل على درج مسجد القدس، كان في عداد المفقودين، ووجدت جثته بعد يومين). تجدر الإشارة إلى أن الدكتور الحاج هو من زود «الأخبار» بتفاصيل وفاة كل من الضحايا المذكورين أعلاه.

المدنيون الجرحى

ذكر المسؤول الإعلامي في الهلال الأحمر الفلسطيني، محمد مصطفى، لـ«الأخبار» أن عدد المرضى والجرحى الذين نقلوا من مخيم نهر البارد إلى مستشفى صفد في مخيم البداوي يزيد على 300. العدد الأكبر من هؤلاء هم ممن عولجوا في قسم الطوارئ في المستشفى، وخرجوا مباشرة بعد تلقيهم العلاج. أما الجرحى المصابون بطلقات نارية أو شظايا القذائف المدفعية والصواريخ ممن أدخلوا إلى قسم العمليات الجراحية في مستشفى صفد التابع للهلال الأحمر الفلسطيني في مخيم البداوي، فهم: نبيل أحمد بشير (28 سنة) طلق ناري بالفخذ اليمنى، وأيمن الحسن (9 سنوات) طلق ناري في الرجل، وعبد الغني خليل (35 سنة) طلق ناري بالفخذ، وأحمد شرشرة (8 سنوات) طلق ناري، وأحمد صالح (18 سنة) طلق ناري في الرجل، وغسان السعدي (35 سنة) طلق ناري في القدم اليمنى، وساميا غنام (47 سنة) جرح قاطع في الجبين، ونوال ربيع (57 سنة) طلق ناري في الرجل، ومحمد علي (17 سنة) شظية في الفخذ، وتهاني خضر (20 سنة) طلق ناري، ومنتهى العبد (25 سنة) طلق ناري، ومنال سرحان (21 سنة) إصابة في الخاصرة اليسرى، ويوسف أبو راضي (12 سنة) إصابة في البطن.

يُشار إلى أن عدداً من جرحى اشتباكات البارد ومرضى آخرين تم إجلاؤهم من المخيم ونقلهم إلى مستشفيات لبنانية، وخاصة مستشفى الخير ومستشفى المنلا والمستشفى الإسلامي والمستشفى الحكومي في طرابلس. وفي هذا الإطار، أعطى وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة توجيهات للمستشفيات باستقبال جميع الجرحى الذين ينقلون من نهر البارد.

إضافة إلى هؤلاء، ذكر مصطفى أن 11 جريحاً عولجوا من إصابات شديدة دون الحاجة إلى إجراء عمليات جراحية لهم، كما أن 8 عمليات قيصرية وإجهاض أجريت لنساء حوامل نقلن من البارد.

استهداف المنشآت المدنية

ذكر أطباء ومسعفون عاملون داخل مخيم نهر البارد أن عدداً من المراكز الطبية والاستشفائية في المخيم أوقف العمل فيها، نتيجة تعرضها للقصف، أو إثر تعرض محيطها لقذائف أو صواريخ أو طلقات قناصة. فقد ذكر طبيب طلب عدم ذكر اسمه أن مركز الأقصى تعرض للقصف المباشر فأوقف العمل فيه، كذلك، أقفل مركز ناجي العلي الطبي لوقوعه في منطقة شديدة الخطر. أما مركز بيت المقدس القريب من مركز صامد العسكري، فقد أقفل لأن عدداً كبيراً من القذائف سقط في محيطه. كذلك، استُحدث مركز طبي في مسجد الحاووز الكبير عند بداية الاشتباكات، لكنه أُقفل بعد شائعات سرت عن تردد عناصر فتح الإسلام إليه، ما اعتبره القيمون عليه خطراً على العاملين والمرضى والجرحى الذين ينقلون إليه. وذكر أحد الأطباء أن المركز الطبي الوحيد الذي لا يزال يعمل داخل المخيم هو مركز الشفاء، الذي تنقصه أنواع عديدة من الأدوية والمستلزمات الطبية.

كما ذكر شهود عيان أن عدداً من خزانات المياه في المخيم تعرضت للتدمير، إضافة إلى أن عدداً آخر منها أصيب نتيجة القنص. إلا أن جميع من التقتهم «الأخبار» أكدوا أن المياه مقطوعة بشكل شبه كامل.

وتجدر الإشارة إلى أن قوافل المساعدات التي أدخلت إلى المخيم تعرضت للقصف، أبرزها القافلة التي دخلت بعد ظهر الثلاثاء الفائت، ونتج من القصف مقتل مدنيين اثنين، أحدهما طفل، وتضرر صهريج المياه الوحيد التابع للأنروا في المخيم. كما استهدف طاقم للإسعاف في اليوم الثاني من الاشتباكات، ما أدى إلى إصابة المسعف سعيد الطويسي بطلق ناري في رقبته، أثناء دخوله إلى المخيم بعد التنسيق مع الجيش، لإخلاء عدد من الجرحى.

تعليقات: