صراع السيطرة على حالة 14 آذار التقليدية، وتعزيز المكانة الحضورية ضمن هذا المستوى وإيصال الرسائل إلى الخارج، وتحديداً إلى الإقليم القريب، يجري على قدم وساق، وعماده الحزبان "التقدمي الإشتراكي" و"القوات اللبنانية".
فجأةً، انفجر الخلاف بين الحزبين إنتخابياً، لينسحب على دائرة الشوف – عاليه. ما جرى، بحسب معلومات خاصة، يمكن تلخيصه، بمحاولة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، تعزيز مكانته في "الجبل" إلى حدٍّ يجعله شريكاً في اختيار النواب المسيحيين، بعدما لمس تراجعاً جنبلاطياً، مستغلاًّ حضوره الجديد كـ"عمود فقري" لحلفاء السعودية في لبنان.
ما جرى في الدائرة، أُعدّ بمثابة انقلاب. فجعجع الذي استدار متراجعاً عن تفاهماتٍ أبرمها مع وليد جنبلاط من خلال قناة وائل ابو فاعور – ملحم رياشي سابقاً. بنى نظريته عن تراجعٍ إشتراكي، تمثّل في عدم رغبة المختارة بتوسيع نطاق الإتفاق – التفاهم ليشمل 4 دوائر صغرى هي: الشوف عاليه، بعبدا والبقاع الغربي. في المقابل، يريد جنبلاط المحافظة على الحدّ الأدنى المتوفّر، من دون الذوبان كثيراً في معراب، بعدما بات واضحاً أنه ينساق باتجاهها إلى نحوٍ جعل منه تابعاً، كسببٍ من أسباب فقدانه للصوت السنّي بفعل غياب سعد الحريري وانكفائه عن الساحة الإنتخابية.
عليه، إنفجر الخلاف بدايةً في الشوف – عاليه. ما حصل أن "القوات" وبعدما رأت التراجع الجنبلاطي، حاولت الإستحواذ على المقعد الماروني الثاني في عاليه. من هذا المنطلق، سمّت معراب منسّقها في القضاء إميل مكرزل، ليكون المرشّح الحزبي القواتي الثاني، ما دفع بجنبلاط، الذي تخلّى سابقاً عن ترشيح رئيس نادي الإخاء الأهلي سامر خلف عن المقعد الأرثوذكسي مقابل الإعتماد على راجي السعد كماروني وحيد، نزولاً عند رغبة جعجع، بعدما أراد المقعد لرئيس مصلحة المهندسين السابق لديه نزيه متى، للعودة إلى رفع ترشيح خلف مجدداً.
هذا الجو انعكس في عرين جنبلاط الشوفي، بعدما لمس أن جعجع يُمارس الأسلوب ذاته، ويحاول إبعاد المختارة عن المقاعد المسيحية. بفعل ذلك، عاد جنبلاط ليزكّي الرئيس السابق للمجلس الإقتصادي والإجتماعي شارل عربيد عن المقعد الكاثوليكي، ثم وسّع من دائرة الإشتباك ليبلغ البقاع الغربي، وتمثّل ذلك بإيعاز جنبلاطي إلى النائب المرشّح محمد القرعاوي، برفض دخول "القوات" اللائحة بذريعة "الخشية من استثارة الصوت السنّي". غير أن الهدف الحقيقي، يعود إلى رغبة جنبلاط في تحسين شروطه، و "تهذيب" مطالب جعجع في الشوف. في المقابل، يريد جعجع "توحيد المعايير" في التحالف. فالإتفاق مع الإشتراكي، لا بدّ أن يسري على 4 دوائر دفعة واحدة، أو لا يسري. نقطة قوة جعجع، أنه وضع مصير إبصار اللائحة النور في يده، بينما نقطة قوة جنبلاط، تتمثّل في اللعب على حافة الهاوية "قدر المستطاع"، لمنع بلوغها النور إلاّ عند تحسّن الشروط! دون أن يكون له كامل القدرة على تحصيل كلّ ما يتمنّاه. نعود هنا إلى الحلول. لا بدّ من "كلمة سرّ" إذاً. المعلومات تشير إلى "حلحلة"، بدأت ملامحها تظهر في الشوف، دون أن تسري على بقية الدوائر في انتظار الحسم المقبل من خارج الحدود.
تعليقات: