قائد سلاح الجو الإسرائيلي الذي انتهت ولايته قبل أيام، اللواء عميكام نوركين
أقر قائد سلاح الجو الإسرائيلي الذي انتهت ولايته قبل أيام، اللواء عميكام نوركين، بأن حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان «تضررت خلال السنة الأخيرة»، مشيراً إلى أنه بسبب خطر منظومة الدفاع الجوي لحزب الله على حركة المسيّرات بات «هناك عدد أقل من العمليات الجوية، ما يعني انحسار القدرة الإسرائيلية على جمع المعلومات الاستخباراتية».
وهذا أول إقرار يصدر عن مسؤول بهذا المستوى، ويأتي بعد أقل من شهرين على إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، تمكن المقاومة الإسلامية من تحجيم حركة المسيّرات في أجواء لبنان. وأهمية هذا الإقرار أنه يتعذر على الرأي العام تلمس نتائجه وتأثيره الاستخباري ودرجة خطورته من دون إعلان الجهات المعنية عنه بشكل مباشر، وتنبع خطورته من كونه يتصل بمجال يتمتع فيه جيش العدو بتفوق بارز على مستوى الشرق الأوسط، ويشكل ركيزة أساسية لقدراته الهجومية والدفاعية، ناهيك عن التحصين الإضافي الذي يوفره للمقاومة.
الإقرار الإسرائيلي يؤكد أن حزب الله حقق إنجازاً نوعياً، بهدوء وتدرج ومن دون خوض مواجهة عسكرية. وهو بمثابة إنجاز عملياتي واستخباري للمقاومة، في سياق حرب أمنية يخوضها الطرفان منذ ما بعد حرب 2006. وميزة هذا النوع من الحروب أنه غير صاخب رغم أنه في كثير من الأحيان يتسم بسخونة عالية لا يشعر بها الرأي العام، وتساهم نتائجه في بلورة نتائج أي حرب قد تنشب، وتؤثر في قرارات وخيارات الأطراف المعنية.
وتلعب المسيرات دوراً جوهرياً في المعركة بين الحروب التي يخوضها العدو ضد المقاومة. إذ تشكل إحدى أهم وسائل جمع المعلومات الاستخبارية، إلى جانب الدور العملياتي التي يمكن أن تلعبه كما حصل في منطقة حي ماضي (الضاحية) عام 2019، عندما حاول العدو أن يشن اعتداء دقيقاً باء بالفشل. ومنذ تلك اللحظة قرر حزب الله تدفيع العدو ثمن قراره الانتقال إلى المرحلة العملياتية في استخدام المسيرات عبر فرض معادلة جديدة تطاول حركة المسيرات في المجالين الاستخباراتي والعملياتي. وترجم ذلك بإطلاق صواريخ أرض - جو باتجاه المسيرات في أكثر من حادثة. وفي هذا السياق، ذكرت قناة «كان/ 11» أن حزب الله أطلق، قبل نحو عام، صاروخاً مضاداً للطائرات على مُسيّرة إسرائيلية «وكاد أن يصيبها» في إشارة إلى قرار الحزب بالحد من خطورة نشاط المسيرات.
نوركين لفت إلى أن حزب الله قرر تفعيل «بعض المفاجآت التي احتفظ بها للحرب» في إشارة إلى امتلاكه قدرات أكثر تطوراً في مجال الدفاع الجوي. ويؤشر إقراره بانحسار القدرة الإسرائيلية على جمع المعلومات الاستخبارية في لبنان، إلى أن العدو سلّم بالمعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة. ورغم أن العدو يدرك حجم الخسارة المعلوماتية التي سيتعرض لها بسبب هذا التسليم، إلا أنه حرص على تجنب خيار الرد العسكري بعدما لمس قدرة حزب الله وتصميمه على مواصلة هذا المسار. ولعل الرسالة التي لا تقل أهمية، أن من اتخذ قراراً بتقييد حركة سلاح الجو التي يتمتع بها العدو بتفوق بارز، من المؤكد أنه سيكون أكثر حزماً ومبادرة في مواجهة أي وقائع يحاول العدو أن يفرضها في البحر والبر. وبعد إنجاز المسيرة «حسان» التي جالت بعمق 70 كلم فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، لم يعد خيالياً افتراض سيناريو يقرر فيه حزب الله في مرحلة من مراحل الرد على اعتداءات العدو وخروقاته الجوية بالمثل في سماء فلسطين، وبوتيرة ومدى غير مسبوقين.
تعليقات: