أستاذ اللغة الإنكليزية، مهنّد سليمان
في رسالة إلى مدير ثانوية شمسطار الرسمية، أعلن أستاذ اللغة الإنكليزية، مهنّد سليمان، بأنه لن يتمكن من الحضور إلى الثانوية إلا يومَي الثلاثاء والخميس، حيث عدد الحصص الأكبر التي يدرّسها ضمن البرنامج الأسبوعي، ولا سيما لصفوف الشهادات الرسمية.
"أمر ما يجب أن يتوقف"، يقول. لم يعد سليمان وسائر زملائه مستعدين لأن يستدينوا ليذهبوا إلى عملهم. لا يريد أن تتحوّل وظيفته إلى اللهاث وراء "الفتات"، إذ لا يمكن أن يُطلب من المعلم أن يعلّم الكرامة لتلامذته وهو لا يعيشها. "البقاء على قيد الحياة يعني بالنسبة إليّ حماية كرامة العيش، وهذا ما ندرّسه في كتاب التربية الوطنية، وهو ما لا يمكن أن يتحقق براتب مضمحل لا يتجاوز 3 ملايين و200 ألف ليرة، وبمنحة اجتماعية مشروطة بتغطية 90% من الدوام الرسمي".
يصف هذا الشرط بـ"الاستعباد القهري والإمعان في الإهانة والاستهزاء بتعبنا"، باعتبار أن المنحة مستحقّة لقاء وضع مالي ضاغط، وهي محاولة لمساندة رواتب تآكلت بفعل غلاء المعيشة، وبالتالي فإن ربطها بالحضور ينفي عنها صفة "الاجتماعية". وفي هذا تطاول، بحسب سليمان، على كراماتنا ودور التفتيش الذي يراقب الدوام. ينفي سليمان أن يكون مبدأ العدالة مطبقاً بين الموظفين، إذ يُسمح لموظفي الإدارة العامة، بمن فيهم موظفو وزارة التربية والمناطق التربوية، بالمداومة مرة أو مرتين في الأسبوع بلا أي محاسبة، في حين يُمنع المعلمون من ذلك.
منذ 3 سنوات، انتقل سليمان لأسباب خاصة من بلدته بدنايل إلى مدينة بعلبك التي تبعد 30 كيلومتراً عن ثانويته، وباتت كلفة تنقله من وإلى مدرسته لوحدها توازي مليوني ليرة شهرياً، يضاف إليها 6 ملايين ليرة ثمن برميل المازوت، ومليون ليرة مقابل اشتراك كهرباء 2.5 أمبير. لا يخفي بأنه يضطر للتدريس في أكثر من مكان وإعطاء دروس خصوصية "حتى لا أركع"، وإن كان جزءاً من هذه المداخيل يذهب لخدمة الوظيفة الأولى.
يروي سليمان كيف أن زملاء له توقفوا قسراً عن الحضور لعدم امتلاكهم القدرة على الوصول إلى ثانوياتهم. ومنهم من خسر راتبه وكلّ مدّخراته بدفعها تكاليف للعلاج من مرض السرطان. يدرك سليمان بأن الخطوة "انتحارية" وستعرّضه للضغوط من إدارة ثانويته ليتراجع عن موقفه، ولمساءلة مديرية التعليم الثانوي والتفتيش التربوي، لكنه يسعى إلى أن ينضمّ إليها "انتحاريون" آخرون لتكبر كرة الثلج، وإلا سيكون الصمود مهمة مستحيلة.
لم يعد مجدياً، كما يقول سليمان، إصدار البيانات والمواقف الشاجبة والمستنكرة. يشير إلى أنه عرض على مسؤول مكتب فرع رابطة الأساتذة الثانويين في البقاع، علي الطفيلي، تبني الخطوة وإضفاء صفة قانونية ونقابية عليها. حتى الآن ليس هناك تجاوب، في حين أن الوضع يتطلب، وفق سليمان، خطوات عملية جماعية، وعدم تهيّب فكرة مقاطعة الدروس ولو جزئياً، في إطار الدفاع عن النفس وبدء المواجهة من مكان ما، بعدما أخلّت الدولة ممثَّلة بوزارة التربية، الطرف الثاني في العقد، بواجباتها تجاهه وتجاه زملائه كمواطنين يقومون بواجباتهم ولا يحصلون على أدنى حقوقهم. الجدير ذكره أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها سليمان التوقف عن العمل، فقد سبق له أن أعلن العصيان المدني في نهاية العام الدراسي الماضي بمبادرات شخصية مع أربعة من زملائه هم زينب عواضة، علي مهدي، أسعد القعفراني ووليم العويطة.
تعليقات: