SGBL يتصدر المصارف الممتنعة عن تسديد مستحقات الموظفين

تتفوق لجنة الرقابة على المصارف بنفاقها (مصطفى جمال الدين)
تتفوق لجنة الرقابة على المصارف بنفاقها (مصطفى جمال الدين)


لم تخرج المساعدات الاجتماعية التي أقرتها الحكومة مؤخراً لصالح موظفي القطاع العام من إطار الترويج الشعبوي. فالمساعدات المالية لم يتقاضها مستحقوها حتى اللحظة. مضى على صدور المرسوم رقم 8838 نحو شهرين من الزمن، ورغم تعميم مصرف لبنان على المصارف منذ أكثر من 20 يوماً بضرورة إعفاء المساعدات من قيودها، لم تلتزم المصارف ولم تصرف مستحقات الموظفين. لا بل أكثر من ذلك، عمدت بعض المصارف إلى إبلاغ الموظفين بتمنّعها عن صرف مساعداتهم الاجتماعية، في ظل غياب أي رادع لها ولممارساتها. علماً أن لجنة الرقابة على المصارف هي الجهة المخوّلة بالتحقّق من التزام المصارف تطبيق هذا القرار.

من بين المصارف غير الملتزمة تطبيق تعميم مصرف لبنان المتعلّق بالمساعدات الاجتماعية، بنك سوسيتيه جنرال SGBL، وبنك الاعتماد اللبناني Credit libanais وبنك لبنان والمهجر Blom bank وبنك بيبلوس والبنك اللبناني للتجارة BLC وفرنسبنك وسواهم.. أما الذريعة، فجاءت على لسان موظفي SGBL الذين أبلغوا مستحقي المساعدات من موظفي القطاع العام بـ"صراحة" لا تخلو من الوقاحة، تمنّع المصرف عن تطبيق تعميم مصرف لبنان المتعلق بالمساعدة الاجتماعية.


بين ‎‏‎المرسوم والواقع

المرسوم رقم 8838 الصادر بتاريخ 22 شباط 2022 أعطى العاملين في القطاع العام الحق بالحصول على مساعدة إجتماعية مؤقتة، تحدّد قيمتها بنصف راتب لا تقل عن مليون و500 ألف ليرة ولا تزيد عن 3 مليون ليرة، ذلك إلى حين صدور قانون الموازنة العامة للعام 2022.

وعقب صدور المرسوم أصدر مصرف لبنان تعميماً واضحاً يتوجه فيه إلى المصارف، لجهة إعفاء المساعدات الاجتماعية من قيودها وسقوفها. وأورد مصرف لبنان في المادة الأولى من تعميمه الصادر بتاريخ 28 آذار، أن على المصارف كافة تأمين السيولة اللازمة لسحب موظفي القطاع العام كامل رواتبهم الشهرية وملحقاتها والمساعدات الاجتماعية والمستحقات من صناديق التعاضد العائدة لهم، وعدم وضع قيود عليها سواء لناحية تحديد سقوف للسحوبات النقدية منها أو تقسيطها على دفعات أو فرض عمولات أو نفقات من أي نوع كانت، وعدم التذرع بالسقوف المحدّدة للسحوبات النقدية من حساباتها لدى مصرف لبنان.

وعلى الرغم من المرسوم الحكومي وتعميم مصرف لبنان، لم تكترث المصارف، واستمرت بممارساتها الحاجبة للمساعدات الاجتماعية عن الموظفين، وفي حين عمدت بعض المصارف إلى حجب المساعدات بشكل نهائي عن مستحقيها، ذهبت أخرى إلى تطبيق القرارات باستنسابية مطلقة. فصرفت المساعدات لفئات من الموظفين في حين حجبتها عن أخرى، وحتى داخل الفئة الوظيفية الواحدة صرفت بعض المصارف جزءاً من المساعدات وحجبت جزءاً منها. أما الغالبية الساحقة من المصارف، فاستمرّت بتحديد سقوف متدنية للسحوبات النقدية من دون استثناء الموظفين، ما حال دون تمكّن آلاف الموظفين في القطاع العام من سحب مستحقاتهم المالية بما فيها المساعدات الاجتماعية.

وحتى بدل النقل الذي صرفته الحكومة لموظفي القطاع العام لم تفرج عنه المصارف، علماً أن الزيادات التي طرأت على الرواتب إن كمساعدات اجتماعية أو كبدلات نقل، لا تتجاوز بضعة ملايين من الليرات بأحسن الأحوال للموظفين من ذوي الدرجات الوظيفية العالية.


"مزاجية" المصارف وتراخي لجنة الرقابة

ولا تقتصر ممارسات المصارف على حجب المساعدات الاجتماعية عن موظفي القطاع العام، لا بل تحاول بعض المصارف تحريف التعميم من خلال استثناء عدد من المؤسسات العامة باعتبار أن التعميم لا يشملها، وهو ما أقدم عليه البنك اللبناني للتجارة BLC الذي أبلغ موظفوه مستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان بأن المرسوم لا يشملهم، علماً أن المرسوم رقم 8838 يستهدف كافة موظفي القطاع العام، أي أنه يشمل الإدارات العامة والمؤسسات العامة جميعها من دون أي استثناء.

أما ما هو أخطر من تمنّع المصارف عن تنفيذ المرسوم والتعميم وحجبها المساعدات الاجتماعية للقطاع العام، فهو تراخي الجهة المخوّلة رقابة تطبيق التعميم، وهي لجنة الرقابة على المصارف. وقد أورد مصرف لبنان في تعميمه المذكور سابقاً، بأن على لجنة الرقابة على المصارف أن تقوم بالتحقّق من تقيّد المصارف بأحكام التعميم، على أن تُحال المصارف غير الملتزمة أمام الهيئة المصرفية العليا لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها.

ومنذ صدور المرسوم والتعميم وحتى اللحظة، لا لجنة الرقابة تحرّكت ولا أحيل أي من المصارف إلى الهيئة المصرفية العليا. أما لجنة الرقابة على المصارف -حسب أحد أعضائها الذي يحرص على عدم ذكر اسمه- فلم تصلها أي شكوى عن حجب المصارف للمساعدات الاجتماعية. وهو ما يوحي بأن لجنة الرقابة على المصارف إما أنها تعمل في كوكب آخر أو أنها تمتهن "النفاق"، وتتفوق بنفاقها هذا على المصارف.

تعليقات: