تحتفل سوريا هذه السنة، الى جانب احتفالاتها بـ"دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008"، بمرور ألفي سنة على ولادة القديس بولس، مبرزة دورها كـ"مهد للمسيحية"، بحسب المنظمين حيث بدأ "رسول الأمم" رسالته التبشيرية. وقد يكون لبنانيون كثر يرفضون النظام السوري الحاكم اليوم ولا سيما منهم الذين تعرّضوا لأذى مباشر من هذا النظام خلال فترة تسلطه على لبنان، إلا ان الحرية الدينية المصونة في هذا البلد العربي، وارتياح الطوائف المسيحية فيه الى ممارسة شعائرها وطقوسها وبناء كنائسها وإقامة احتفالاتها الدينية وغير الدينية على نحو لا يماثله مكان آخر في العالم العربي (باستثناء لبنان)، أمر يلفت وفوداً غربية كثيرة، سياسية وغير سياسية، تزور سوريا.
هذا ما أضاء عليه بطريرك الروم الأرثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم عندما التقيناه في مقره في جامعة البلمند حيث حضر قبل أربعة أيام من كرسي البطريركية في دمشق للمشاركة في احتفالات تخريج طلاب الجامعة التي أسسها قبل عشرين سنة. لم يكن اللقاء لإجراء مقابلة صحافية لأن الأمر حصل مصادفة ولبضع دقائق، لكنه كان كافياً لاستشفاف ارتياح البطريرك الى الوجود المسيحي الفاعل في المجتمع السوري، والى احتفالية سنة القديس بولس التي تشرف عليها بطريركية الروم الأرثوذكس في أنحاء البلاد ويحتضنها النظام الحاكم الذي ينشد تشجيع السياحة الدينية الى هذا البلد "مهد المسيحية ومهد الدولة الإسلامية" كما صرح وزير السياحة السوري سعدالله آغا القلعة مطلع الشهر الجاري لدى إطلاق "إحتفالية سنة القديس بولس" تحت شعار "الإخاء الإسلامي المسيحي".
لفت البطريرك الى ان الوفود التي تزور دمشق وتلتقي الرئيس بشار الأسد، تطلب مقابلته ايضاً بتشجيع من الرئيس السوري. وتلمس هذه الوفود ارتياح الطوائف المسيحية المختلفة في سوريا، وأكبرها طائفة الروم الأرثوذكس التي تعد أكثر من مليون شخص، الى ممارستها حريتها الدينية، وارتباطها الوثيق بالنظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي في البلاد. وأشار غبطته الى ان الرئيس السوري يزور وزوجته وأولاده باستمرار الاديرة المسيحية المنتشرة في أنحاء البلاد وخصوصاً ديري صيدنايا ومار تقلا - معلولا القريبين من العاصمة، ويشجع الزيارات الدينية والسياحية اليها.
ودعا البطريرك الى إعادة ترتيب العلاقات بين لبنان وسوريا بما يخدم البلدين والشعبين، والوجود المسيحي الآمن والمريح في الشرق. وأشار الى انه لا بد من زوال هذه الغمامة المظلمة التي سيطرت على البلدين في وقت من الأوقات، وان النور الذي أضاء على القديس بولس على طريق دمشق حيث كان يتوجه لاضطهاد المسيحيين نحو عام 36 للميلاد، سيضيء مجدداً على المنطقة برمتها ويعيد الى مسيحيي الشرق اطمئنانهم الى غد لا مخاوف فيه من تهجير أو هجرة، بل تجذر بأرضهم المقدسة حتى القيامة.
تعليقات: