تحضير البيتزا في المنزل يستلزم حرارة فرن عالية
أتلانتا:
استيقظ غيف فاراسانو في الساعة 2:50 صباحا، فاتجه إلى المطبخ، وأخذ يزن كميات دقيقة من المياه والدقيق والملح والخميرة على ميزان رقمي، ثم خلطها معا. فبعد 16 ساعة، سيصل 30 ضيفا، لتناول البيتزا.
منذ انتقاله من منهاتن إلى أتلانتا عام 1998، يبحث فاراسانو، وهو مهندس برامج يبلغ من العمر 42 عاما، عن نوع البيتزا الذي تركه في نيويورك، لكنه لم يجد ما أراد، فأمضى معظم السنوات العشر الماضية في محاولة لصنع نوع البيتزا المفضل لديه في مطعم باتسي في شرق هارلم، في فرن مطبخ منزله. لكن تُعادل أقصى درجة حرارة في هذا الفرن حوالي نصف درجة حرارة فرن البيتزا الذي يعمل بالفحم في مطعم باتسي.
يقول فاراسانو: «لقد اكتشفت في البداية أن فطائر المطعم كانت تنضج في أربع دقائق، بينما تستغرق فطائري 15 دقيقة لتصبح البيتزا السميكة القابلة للمضغ، لذا فكرت في الحصول على حرارة أكبر».
وفكر في أنه من الممكن أن يجهز ترمومتر الفرن الداخلي بأسلاك جديدة ليستبدل الإشارات الساخنة بالباردة، لكنه قال: «بدأت أظن في أنني سأحرق المنزل بهذه الحيل، ثم توصلت إلى فكرة تجربة دورة تنظيف الفرن».
منذ أربعة أعوام في أحد ايام شهر يناير استطاع فاراسانو أخيرا إنتاج بيتزا في جودة تلك التي كان يفضلها في نيويورك. فالتقط صورة لهذه الفطيرة وأرسل رسالة تصف بصورة دقيقة تجاربه التي استمرت ستة أعوام مع الدقيق وأساليب المزج والخميرة والصلصة المعلبة والجبن ودرجات حرارة الفرن.
واستمر في تحديث موقع إلكتروني ذي صفحة واحدة، وهو موقع slice.seriouseats.com/jvpizza، بعد أن تحول اهتمامه إلى جوانب مختلفة من نظريات الفطائر. والموقع الآن لا يعرض وصفات لصنع البيتزا بقدر ما يعرض أفكار شخص مهووس بالبيتزا في نص من 20 ألف كلمة وتصميم صفحة يعود إلى أواخر التسعينات. وربما يكون هذا قد جعله أكبر خبير في البيتزا المصنعة في المنزل على الإنترنت.
إن الكثير من ضيوف فاراسانو سيقابلونه لأول مرة، بعد أن عثروا على موقعه الإلكتروني أثناء تصفحهم للإنترنت. وبعد أن راسلوه عبر البريد الإلكتروني في أسئلة حول هذا النوع من الدقيق أو تلك الماركة من المخفق، وجدوا أنفسهم مدعوين لإحدى جلسات «تذوق البيتزا» التي لا تنتهي.
ويتوقف نجاح هذه الجلسة على فرن فاراسانو الذي أسيء استخدامه.
تنظف الأفران الكهربائية التي يستخدمها فاراسانو ذاتها بالوصول إلى أقصى درجة حرارة لحرق بقايا الطعام داخلها. ولكي تمنع حدوث إصابات، تحتوي جميعها تقريبا على قفل أمان يغلق أثناء عملية التنظيف لمنع أي شخص من فتح الباب، لوضع فطيرة بيتزا أو أخذها، على سبيل المثال. لكن تغلب فاراسانو على هذه العقبة بكسر القفل المعدني باستخدام مقص الحديقة.
وبتحديد اتجاه شعاع الليزر في ترمومتر رايتك للأشعة تحت الحمراء الذي يبلغ ثمنه 250 دولارا، وجد أن صينية البيتزا الموجودة على حامل الفرن المركزي في منزله في أتلانتا لها نفس درجة سخونة فرن البيتزا في نيويورك.
«لا يتعلق الأمر بدرجة الحرارة، لكن بمدى تباين هذه الدرجة»، هذا ما قاله وهو ينظر إلى الجزء العلوي من فرنه المزدوج. فتحتاج صينية البيتزا إلى درجة حرارة أقل من درجة حرارة الهواء في أعلى الفرن بحوالي 150 درجة.. وأضاف «أن هذا يسمح بنضج القشرة تحت الصوص قبل أن تحترق قاعدة البيتزا». وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، ابتكر حيلا بديلة لتنظيم درجة حرارة الفرن حتى يصبح خاليا من العيوب. فمن أجل تبريد الصينية، وضع لوحا للخَبز في الأعلى. وفي الرف الذي يعلوه، تدور مروحة فوق لوح يحمل الثلج والماء لتبريد لوحة مفاتيح الفرن الإلكترونية.
وفي قاع الفرن السفلي المصنوع من الفولاذ، يوجد ثقب صغير جاء نتيجة لذوبان قطعة من الطبقة العلوية للبيتزا التي تعرضت لحرارة هائلة. كما تهشم أحد الألواح الزجاجية في باب الفرن، بعد أن سقطت عليه قطرة من الصوص بدرجة حرارة عالية. وتوجد قائمة طويلة من المعدات التي تعرضت للتلف، ومنها زجاج فرنين آخرين وثلاثة مخافق ومروحة داخلية. ومع وصول الضيوف، شغّل فاراسانو فرنه الفعّال، وأخذ يدعو. وكان هناك شعور بالقلق والترقب مع ارتفاع درجة حرارة الفرن.
كان من الواضح أن فاراسانو قلق. فإذا توقف الفرن عن العمل (مجددا)، فسيقوم بقلي 28 كرة من العجين التي ظل يعمل عليها لمدة 16 ساعة في المقلاة لتصبح كعكا محليا ومغطى بالسكر.
وضعت البيتزا الأولى، المضاف إليها الموتزاريلا والريحان، في الفرن ثم أخرجت بعد أقل من ثلاث دقائق. وعلى مدى الساعات الثلاث التالية، أدخلت دستة من الفطائر المختلفة وأخرجت من فرن فاراسانو، ومن بينها بيتزا الجرجير وعصير الليمون المدهشة، وبيتزا المحار الرائعة، وفطيرة مضاف إليها البردقوش والفلفل الأسود وشيء آخر له نكهة مميزة (ظل مصدره سرا). وصل الفرن إلى حرارة أكثر مما ينبغي وتوقف ثلاث مرات، واستمرت آخر مرة لمدة طويلة لدرجة أنه فكر مجددا في الفطائر المحلاة. من الممكن أن يلحق الفرن بالخسائر الأخرى التي تسببت فيها البيتزا ، لكن يوجد هدف سام وراء التضحية بجهاز في سبيل إصقال مهارة المرء. ويقول فاراسانو على موقعه الإلكتروني، إنه لا ينصح متعلمي صناعة البيتزا أن يستخدموا أفرانهم بهذه الطريقة.. «توخوا الحذر عند اتباع هذا القسم (ملحوظة: نرجو عدم اللجوء إلى المحامين)».
لكن قد يكون هذا التحذير غير ضروري، يقول فاراسانو: «أحد أكثر التعليقات الشائعة التي تصلني هو: أود أن أفعل ذلك في فرن منزلي، لكن زوجتي ستقتلني».
يصل فاراسانو، الذي لا يواجه مثل هذه القيود الشخصية، إلى مستوى غير طبيعي من عدم القدرة على مقاومة صناعة البيتزا. والآن، يأمل فاراسانو في ترجمة هوسه الأخير إلى افتتاح مطعم للبيتزا في أتلانتا، وربما يكون ذلك في بداية الخريف. وستبقى احتمالية بقاء شغفه بالبيتزا مع الجهد اليومي الذي تتطلبه أعمال المطعم.
أما كريس بيانكو، وهو منتقل أيضا من نيويورك، ويعتبر مطعمه بيتزاريا بيانكو في فونيكس من أشهر مطاعم البيتزا في البلاد، فقد قال بعد قراءته للموقع إنه يقول لفاراسانو إنه يسير على الطريق الصحيح.
«يعجبني أنه توصل إلى الأمر بأسلوبه الخاص، وبصراحة لقد تعلمت الأمر بنفس الطريقة»، هكذا علق بيانكو.. «يمكن أن أعلّم قردا كيف يصنع بيتزا جيدة، لكني أظن أن صناعة المنتج ستكون أكثر احترافا إذا قمنا بالأمر بإخلاص».
* خدمة «نيويورك تايمز»
تعليقات: