الجنوب الثالثة: العقول المتحجّرة تخسِّر المعارضة قوة الكتائب

بعض العقول المتشددة تعيق تقدم اللائحة نحو التغيير وطي صفحات الحرب الأهلية (علي علّوش)
بعض العقول المتشددة تعيق تقدم اللائحة نحو التغيير وطي صفحات الحرب الأهلية (علي علّوش)


"حزب الكتائب اللبنانية حزب سلطة وتوريث سياسي ومسؤول عن انهيار البلد. وحزب الحرب الأهلية. فخروج هذا الحزب من الحكومة والسلطة واستقالة نوابه من المجلس النيابي غير كافية. ومشاركة الكتائب بالتظاهرات ووقوع إصابات في صفوفه وفتح بيته للمتظاهرين الهاربين من بطش قوى السلطة، غير كافٍ". هكذا قرر البعض في دائرة الجنوب الثالثة. وقرروا أيضاً أنه ممنوع عليه حتى دعم لائحة المعارضة في دائرة الجنوب الثالثة. فلا يشفع لهذا الحزب أنه في صفوف المعارضة، وعلى رأسها، منذ أكثر من عشر سنوات. ولا يكفي كل التجديد الذي قامت به قيادته الشابة، رغم كل المعوقات الحزبية الداخلية.


التصويت بالسر

هكذا، ببساطة قرر بعض "الأخيار" (العقول المتحجرة)، الذين لم يخرجوا من موبقات الحرب الأهلية بعد، والمشدودون إلى الماضي: لا نريد دعم الكتائب. ممنوع على هذا الحزب دعم "لائحة نحو التغيير" بأصواته، جهاراً. يريدون كل شيء بالسر ومن "تحت الطاولة"، أي الإيعاز لبعض مناصريه التصويت لهذا المرشح أو ذاك. التصويت بالسر لهم، لا الاستفادة منه كحزب له حضوره في المناطق المسيحية في الجنوب. والبعض الآخر لا يريد هذا التصويت من الأساس، لأنه يخاف "ماذا سيقول الجيران: حزب الكتائب صوّت اللائحة؟!".


الخوف من المتربصين

المشكلة مع هذا البعض أكبر بكثير من المتربصين باللائحة منذ إعلان توحد المعارضة لخوض معركة بمواجهة لائحة السلطة. لأنه عندما أراد مناصرو الكتائب في الجنوب الترحيب بهذه اللائحة في بيتهم وعلى مائدتهم لإعلان دعمهم لها في بيئتهم، هب هذا البعض قبل المتربصين، لإدانة هذا الفعل "المشين".

في الحقيقة خاف البعض من المتربصين الذين ينتظرونهم على "هفوة" دعم الكتائب للائحة. كما لو أن المتربصين وفروا من قبل منبراً واحداً من دون استغلاله للتصويب على اللائحة، وبعض المرشحين فيها، الذين يجاهرون برفضهم هيمنة حزب الله على الجنوب ولبنان عموماً.

وخاف هذا البعض أيضاً من المتربصين من مغبة "فضيحة" إعلان الكتائب دعم لائحة المعارضة، التي لا ناقة له فيها ولا جمل. كما لو أن مربط خيل المتربصين ليس حزب الله نفسه، القادر بالمناسبة على شد عصب ناخبيه والمتربصين أنفسهم للتصويت لجلادهم مروان خير الدين. أو كما لو أن المتربصين لم يسيروا خلف حزب الله عندما استضاف القوات اللبنانية على لائحته في العام 2005، عندما كان التيار الوطني الحر "خائناً". أو كأنهم ما عادوا وساروا خلف الحزب عينه عندما جعل "الخائن" في صفوة اللبنانيين وأخيارهم في كل المرحلة اللاحقة.


استقبال المرشحين

المتربصون معروفون وواضحون ولا ينتظرون أي خطوة مماثلة، وصوبوا سهامهم على اللائحة فقط لإنه بات بإمكانها خرق لائحة حزب الله. لكن المشكلة مع بعض العقول المتحجرة أن أصحابها يتعاملون مع الكتائب ليس على اعتبار أنه حزب عريق ولديه مناصرون يضعون علامات استفهام كثيرة مثل غيرهم. لكن مع فرق كبير أن الكتائب لا مصلحة مباشرة له في اللائحة كسائر المكونات. ورغم ذلك يريد دعم اللائحة ليس بأصواته فقط بل بمندوبين يوم الاقتراع، في وقت قوى أساسية في الجنوب لا تجد مندوبين في معظم قراها.

جل ما أراده مناصرو الكتائب في بنت جبيل والنبطية ومرجعيون، استقبال المرشحين على اللائحة لإقناع جمهورهم التصويت لهم، والوقوف إلى جانبهم، طالما أن معركة الكتائب في كل لبنان هي معركة المعارضة بوجه السلطة. ما جعل الكتائب "أشبه بعاشق يهرول خلف معشوق لا يبالي به".


عقول الحرب الأهلية

ومن دون الدخول بالشرح السياسي لأهمية هذه الخطوة الكتائبية تجاه المعارضة للتأسيس لمرحلة ما بعد الانتخابات، لم تحسب بعض العقول المتحجرة أن هذه الخطوة تخسّر الكتائب مسيحياً أكثر بكثير مما تربحه اللائحة بالحصار الشيعي والسني والدرزي عليها، والذي تكلل حصاراً مسيحياً بموقف القوات اللبنانية.

لقد تكلل الإنجاز الأول في الجنوب الثالثة بتشكيل لائحة موحدة لقوى المعارضة، نظر إليها اللبنانيون في الداخل والخارج أنها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح. لكن بعض العقول المتشددة تعيق تقدم اللائحة نحو التغيير، ليس لكسب بعض أصوات اللبنانيين المعارضين في المناطق المسيحية وحسب، بل للتأسيس لطي صفحات الحرب الأهلية، التي ما زالت معششة في نفوس الكثيرين.

تعليقات: