ترقيات سياسية في شركتيّ الخليوي: حصة الأسد للعونيين وأمل

ثلث الموظفين تركوا وظائفهم في ألفا وتاتش (علي علوش)
ثلث الموظفين تركوا وظائفهم في ألفا وتاتش (علي علوش)


في نهاية العام 2021 كان ملف تنفيذ عقد العمل الجماعي لموظفي شركتيّ الخليوي قد وصل إلى مرحلة متقدّمة من التعقيد، ما أجبر نقابة موظفي شركتيّ "ألفا" و"تاتش" على الإضراب، والتوقّف عن تسليم بطاقات التشريج مسبقة الدفع، وإجراء أعمال الصيانة للمحطات. عاد الموظفون إلى عملهم بناءً على وعود من وزير الاتصالات جوني القرم، بالحل القريب. لكن بعد مرور نحو أربعة أشهر، لم يظهر سوى المزيد من التعقيد، خصوصاً وأن لعبة الانتخابات النيابية دخلت على الخط، ليحظى بعض الموظفين بترقيات سياسية على حساب زملائهم.


ترقيات انتخابية

انفجرت الأزمة بين الموظفين وإدارتيّ الشركتين ووزارة الاتصالات، على خلفية نية الإدارتين والوزارة تخفيض مستوى التأمين الصحي للموظفين من الدرجة الأولى إلى الثانية، ما يفترض حسب القرم، أن يوفّر على الدولة نحو 1.2 مليون دولار، فيما الفارق بين الدرجتين ليس في نوع الخدمات الصحية وإنما في وجود شخصين في غرفة واحدة في المستشفى. وقد رَفَضَ الموظفون هذا التعديل لأن الدرجة الأولى حقٌّ مكتسب لهم في عقد العمل.

وفي معرض الأخذ والردّ حول تفاصيل العقد ومستحقات الموظفين التي تتضمّن عدم تقاضيهم زيادات على الرواتب للأعوام 2019 و2020 و2021، تفاجأ الموظفون موخراً بقيام إدارتيّ الشركتين بـ"ترقية عدد كبير من الموظفين المحسوبين على أحزاب السلطة وبعض الشخصيات السياسية"، وفق ما تؤكّده مصادر في إحدى الشركتين، وتشير في حديث لـ"المدن" إلى أن "التيار العوني وحركة أمل كان لهما الحصة الأكبر من الترقيات". وتضيف أن "التنفيعات الانتخابية هي الهدف من الترقيات. وهي حصلت على حساب موظفين آخرين يستحقون الترقية". علماً أن الترقيات تستدعي زيادة في الرواتب، أي نفقات إضافية على الشركتين، تُحسَم من الأموال المحوّلة للدولة، أي أن النفقات في النهاية تلقى على عاتق الخزينة، فيما يسعى وزير الاتصالات إلى توفير المال.

هذه الترقيات لم تحصل ضمن نظام الترفيع الطبيعي الذي يستحقه الموظفون، بل هي رشى انتخابية على أبواب الانتخابات النيابية المنتظرة بعد نحو أسبوعين. وهي ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطة لمثل هذه الرشى، فقد أدخلت في العام 2018، نحو 5000 شخص إلى مختلف إدارات الدولة، خلافاً لقرار وقف التوظيف في القطاع العام. وحظي قطاع الاتصالات بنحو 500 موظف أُدخِلوا إلى هيئة أوجيرو.

لا انتخابات بلا اتصالات

يرفض رئيس نقابة موظفي شركتيّ ألفا وتاتش، مارك عون، التعليق على الترقيات السياسية في الشركتين، معتبراً في حديث لـ"المدن"، أن النقابة "لا تدخل في الأمور السياسية والانتخابية، وما يهمّ هو تنفيذ عقد العمل الجماعي". وحتى اللحظة لا بوادر تدل على إيجاد حلول تخص العقد، فالوزارة وإدارتيّ الشركتين لا يتواصلون مع النقابة، رغم تأكيداتهم على العمل لإيجاد الحلول.

أما التذرّع بالوضع المالي للدولة وللشركتين، فهو أمر غير مقبول بالنسبة للنقابة، فعلى الأقل "ثلث الموظفين تركوا العمل واتجهوا لأعمال أخرى أو هاجروا، وهؤلاء كانوا من ذوي الرواتب المرتفعة، ما يعني توفير مبالغ كبيرة يمكن دفعها للموظفين الحاليين. فأين هي الأموال الموفّرة، هل تذهب لأشخاص محدّدين؟".

عدم تسريع الحل يعني تنفيذ الإضرابات والتوقف عن العمل. وفي تلك الحالة "لا انتخابات بلا اتصالات وانترنت". أما الخطوة الجديدة، فهي "اللجوء إلى القضاء ورفع الدعاوى". أي ستواجه الشركتان دعاوى قضائية بالاستناد إلى المادتين 22 و23 من قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم. إذ تمتنعان عن تنفيذ عقد العمل وعدم إعطاء الموظفين مستحقاتهم بحجة المال، فيما تدفعان مستحقات المورّدين بالدولار، وهما بالتالي تعرقلان تنفيذ العقد، وهي خطوة مخالفة للمادة 22، فيما المادة 23 تكفل حق إقامة دعوى عطل وضرر على كل شخص مرتبط بالعقد يخالف التعهدات المتفق عليها.


رفع التعرفة

بالتوازي مع الجانب الانتخابي للقضية، تستند الشركتان لرفض تنفيذ عقد العمل الجماعي ودفع المستحقات للموظفين، بوضعهما المالي المتراجع الذي يُستَعمَل أيضاً لتبرير الحاجة لرفع كلفة الاتصالات والانترنت، فيما يرى عون أنه "لا يمكن ربط حقوق الموظفين برفع التعرفة، فماذا لو لم تُرفَع التعرفة أو تأخّر رفعها، فهل نذهب إلى بيوتنا؟".

وفي السياق عينه، تبرّر الشركتان موقفهما وربطهما أي خطوة جديدة برفع التعرفة، بـ"تراجع مدخولهما السنوي من 1 مليار و400 مليون دولار في العام 2018 إلى 75 مليون دولار"، وفق ما جاء في بيان مشترك للشركتين، أظهرتا فيه أنهما خفّضتا المصاريف السنوية "من 560 مليون دولار في العام 2018 إلى ما يقارب 255 مليون دولار، تضاف إليها مستحقات المورّدين المتوجبة على مدى ثلاث سنوات وقيمتها 40 مليون دولار سنوياً، لتصبح قيمة المصاريف ما يعادل 295 مليون دولار، توازي أربعة أضعاف المداخيل التي لا تتعدى حالياً 75 مليون دولار في السنة". إلاّ أن نقابة الموظفين تتحدّى الشركتان وتدعوهما "لنشر ميزانياتهما المفصلة ومدفوعاتهما للعامين الأخيرين كما يفرضه عليهما قانون التجارة".

تعليقات: