شكراً لكم من أهالي الضنية على كل ما قدمتموه لهم من خدمات اجتماعية وصحية وتربوية ونيابية، وحتى حيوانية وزراعية، شكراً لكم لأنكم دائماً تتذكرونها حين الشدة، نعم تتذكرونها وتتذكرون أهلها قبل كل انتخابات، تتذكرونها في رمضان الكريم، تُشبعون أحشاء بعضهم بما لذّ وطاب، ويشبعون هم أفكار الآخرين بالسراب. شكراً لكم لأنكم لا تقطعون الصلة بأهل الضنية الطيبين، فأبوابكم دائماً مشرعة على مصراعيها من أجل الخدمة، خدمة كل الوطن، فالسائل لا يُرَد والزائر يُرحَّب به دائماً وفي كل الأوقات، حتى المتصل لا تحملونه أعباء الاتصال مرة أخرى، وتعرضون أنتم الاتصال به لاحقاً، ربما تؤجلون ذلك للتحميص أو التحميض أو تصفّونه في مصفاة لا يتسرّب منها إلا كل رفيع الشأن. شكراً لأنكم حافظتم على إرث الشهيد رفيق الحريري، الإرث الذي تركه لكم في الضنية، والذي كان من المفترض ألاّ تفرّطوا به أبداً مهما كانت الأثمان، هل استكثرتم أن يبقى ذلك الجبل الشامخ في الضنية يحمل اسم الشهيد، نعم إنه جبل البيسار كما كان يُعرف سابقاً، ثم انتقل اسمه إلى جبل الحريري. عندما اشتراه الشهيد رفيق الحريري في أوائل التسعينيات استبشر أهالي الضنية خيراً، عندما اختار الشهيد ذلك الجبل ليكون موطئ قدم له في منطقة الضنية، المنطقة التي أحبَّ، وأراد أن يبني عليه الجامعات والمستشفيات وغيرها من المشاريع الرائدة التي تحلم بها المنطقة ليلاً نهاراً. وإذ بنا نفاجأ بأن حلم الأمس، حلم الشهيد رفيق الحريري، أصبح اليوم من الماضي، وانقلب اليوم رأساً على عقب، فبدل الجامعة والمستشفى أصبحت هناك مزرعة، لماذا؟ لتجميع حليب البقر، وكأن لدينا فائضاً من الحليب يذهب هدراً مع مياه نهر البارد الملوّثة بمجارير البشر. هل أصبحت إقامة مشروع تجميع حليب الأبقار تستدعي منكم، آل الحريري، أن تبيعوا إرث الشهيد وصلةَ الوصل التي أرادها أن تكون مع أهل الضنية من خلال هذا الجبل؟ هل أصبحتم مفلسين إلى هذه الدرجة لتبيعوا 160 ألف متر مربع بمبلغ 2،5 مليون دولار فقط لتمويل مشروع بهذا الحجم؟ أم إنكم تمارسون التجارة مع أهالي الضنية، إذ تطبقون مقولة: «من دهنو قلّيلو».
لا، ليس هذا ما كان يحلم به الرئيس الشهيد، وليس هذا ما يطمح إليه أبناء منطقة الضنية، فهم بحاجة إلى جامعات ومعاهد ومستشفيات ومدارس ومؤسسات خدماتية وإنتاجية ومسارح وملاعب وحدائق وطرق وبنية تحتية تليق بها.. لا مجرد مشاريع حيوانية أو زراعية أو اجتماعية، وكأنكم تريدون من أهالي الضنية أن يكونوا إمّا مُربّي أبقار وفلاحين، وإمّا تتم خدمتهم في دور الرعاية الاجتماعية.
إن هذا الكلام لا يُعدّ تجريحاً ولا محاسبة، بل مساءلة عمّا يجري بحق منطقة الضنية، هل هكذا تُعامَل من أحبائها المخلصة لهم دوماً؟ والحقيقة أنه يحق لأبناء الضنية أن يحاسبوا وليس فقط أن يتساءلوا. يحق لهم أن يحاسبوا مَن أعطتهم بالأمس دون منّة، ويحق لهم اليوم أن يحاسبوا مَن بخل عليهم حتى بتكليف خاطرهم بالسؤال عنهم والمواصلة معهم مباشرة دون الرجوع في ذلك إلى أشخاص ينتقون ما يحلو لهم ومَن ينطق بلسانهم ويتكلم عن كرمهم وعن جهدهم، فيختارون مَن ينقل الصورة إليكم، آل الحريري، التي يريدونها أو يصوّرونها هم لكم. فالأجدر بكم أن تختاروا أنتم عيّنة عشوائية من المنطقة لتعلموا حقيقة الوضع في الضنية، وحقيقة ما يحصل فيها من خلال تياركم الكريم.
ونحن أبناء الضنية، سنبقى أوفياء لمسيرة الشهيد رفيق الحريري، سنحافظ على إرثه الذي تركه لنا، وإن كنتم أنتم تصرّفتم بالإرث الذي تركه لنا، فهذا من حقنا نحن وليس من حقكم، ونطلب من الله أن يسامحكم ويرشدكم إلى طريق الصواب وإلى الصحبة الصادقة لله وحده.
تعليقات: