نواب التغيير: مفاوضات لتشكيل التكتل.. وورقة بيضاء لبرّي

الجميع متفق على فصل النيابة عن الوزارة وتشكيل حكومة مستقلة مئة بالمئة (Getty)
الجميع متفق على فصل النيابة عن الوزارة وتشكيل حكومة مستقلة مئة بالمئة (Getty)


في انتظار انتهاء المشاورات التي تجرى بين النواب المنتخبين للقوى التغييرية، لوضع أسس للعمل المشترك في المرحلة المقبلة، يترقب اللبنانيون إذا كان هؤلاء النواب الجدد سيعكسون حماسة الاقتراع "للتغيير" يوم الأحد الفائت، وترجمة هذا الأمر في تشكيل كتلة نيابية موحدة تحت شعار "التغيير".


ترجمة ثقة الناس

ورغم اختلاف نظامنا البرلماني عن الكثير من الدول حول كيفية تشكيل الكتل النيابية، التي تضع شروطاً قانونية معينة حول العدد المطلوب ومن يرأسها، ومن يكون نائب الرئيس والمقرر، وغيرها من الأطر القانونية.. للكتلة النيابية وجود رمزي ومعنوي في البرلمان، لا سيما بما يتعلق بالاستشارات النيابية.

في الانتخابات التي جرت يوم الأحد في 15 أيار، وقبلها في دول الاغتراب، بدا واضحاً أن هناك جزءاً كبيراً من اللبنانيين يطلبون "التغيير" من خلال كثافة التصويت لأي لائحة حملت هذا الشعار، بمعزل عن طريقة تركيب اللوائح. وهذا يفرض على النواب المنتخبين ترجمة ثقة الناس بتشكيل كتلة نيابية تتفق على الدخول إلى المجلس كفريق عمل متجانس، رغم وجود تباينات سياسية بين المنتخبين على بعض الملفات في لبنان: أي تشكيل كتلة قوى التغيير البرلمانية.

لكن الخوف يبقى في كيفية تشكيل كتلة متوازنة، خصوصاً أن النواب الذين فازوا على لوائح التغيير هم أفراد أو مستقلون ولا ينتمون إلى جهات سياسية، بل إلى مجموعات نشأت بعد انتفاضة 17 تشرين.


طروحات عدة

البعض يؤكد أن المرحلة تحتاج إلى نضج سياسي، وعدم الدخول في المشاكل المعروفة التي حصلت قبل تشكيل اللوائح لخوض الانتخابات النيابية. ويجب ترجمة ما ينتظره اللبنانيون الذي صوّتوا للتغيير، من خلال تشكيل كتلة تحمل هذا الشعار. وهذا يفترض عدم عكس الخلافات السابقة التي حصلت بين المجموعات في المرحلة المقبلة.

أما البعض الآخر، فيعتبر أن المطلوب هو الوضوح بالرؤية السياسية، وليس تشكيل كتلة نيابية شكلية وبالقوة. بل يجب الاتفاق على الاستحقاقات المقبلة، من كيفية مقاربة انتخاب رئيس مجلس النواب، والاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة (والمشاركة فيها من عدمها) وصولاً إلى رئاسة الجمهورية، والدخول في اللجان النيابية وهيئة المكتب، وغيرها من الأمور، وصولاً إلى رؤية للخروج من الأزمة التي يعيشها لبنان.

أما البعض الآخر، فيعتقد أن من الأجدى العمل على تكتل نيابي معارض له مهام سياسية محددة. تكتل معارض بمثابة قطب سياسي يضم جميع النواب والأحزاب المعارضة، في مواجهة القطبين السياسيين الآخرين، اللذين يمكن ردهما إلى اصطفاف 8 و14 آذار، في المرحلة المقبلة. وأهمية هذا التكتل تشكيل بيضة القبان في الخيارات المصيرية في البلد، خصوصاً أن الاستقطابين الآذاريين لا يملك أي منها الأغلبية. وبالتالي تشكيل قطب سياسي معارض مقابل قطبيّ الموالاة في البرلمان.

ووفق المصادر، إلى جانب كتلة النواب الذي فازوا على لوائح "التغيير"، يوجد نواب ينضوون في كتل أخرى لأحزاب المعارضة مثل الكتائب اللبنانية (أربع نواب) وأسامة سعد والشخصيات المعارضة مثل ميشال معوض وميشال الضاهر ونعمة افرام وغيرهم. إذ يحكى عن عزم الأخير تشكيل كتلة نيابية من نحو سبعة نواب مستقلين، من ضمنهم نائب صيدا عبد الرحمن البزري. ما يعني أن قوى المعارضة مجتمعة تستطيع تشكيل تكتل نيابي كبير ووازن، يصل إلى نحو ثلاثين نائباً في البرلمان.


رئيس الكتلة

بعض النواب المنتخبين، والمجموعات التي ساهمت في إنجاحهم، تتخوف من محاولات تزعم هذا الطرف أو ذاك المشهد العام، وتسير بحذر في كيفية مقاربة الأمور. وتطرح أسئلة حول من يرأس الكتلة، وكيف يتشكل فريق العمل الداعم لها. لذا، تقترح الذهاب إلى الخيارات السهلة أي تشكيل كتلة من دون رئيس مثلاً، أو الذهاب إلى الخيار المناطقي، كأن يصار إلى تمثيل العاصمة بيروت على رأس الكتلة، أو حتى انتقاء النائب الذي نال أعلى الأصوات التفضيلية في لبنان.

ووفق مصادر مواكبة للمشاورات الجارية، الجميع ينطلق من ضرورة تشكيل كتلة نيابية تضم 14 نائباً لقوى التغيير، لكن هناك بعض التباين حول كيفية التوصل إلى هذا الأمر. فالبعض يريد الذهاب إلى تشكيل مع النائب أسامة سعد والبعض الآخر يريد الاتفاق على برنامج عمل مشترك وتشكيل كتلة على هذا الأساس. أي قد يصار إلى تشكيل أكثر من كتلة نيابية.


ورقة بيضاء لبرّي

المفاوضات ما زالت قائمة، مع تحاشٍ لعدم إظهار أي انقسامات ظهرت خلال تشكيل اللوائح في المرحلة السابقة، وضرورة الدخول إلى المجلس ككتلة واحدة. فثمة نقاط مشتركة حول الاستحقاقات الداهمة، تقول المصادر، أي حول انتخاب رئيس مجلس النواب. وجميع هؤلاء النواب سيصوتون بورقة بيضاء للرئيس نبيه برّي إذا كان هو المرشح الأوحد. والجميع متفق على فصل النيابة عن الوزارة وعدم المشاركة في الاستشارات لتشكيل الحكومة المقبلة، إلا إذا كانت حكومة مستقلة مئة بالمئة. لكن يبقى الأساس كيفية تشكيل كتلة نيابية لقوى التغيير والدخول إلى المجلس تحت هذه الصفة وفرض نفسها، بالتعاون مع باقي القوى المعارضة، على طاولة المفاوضات التي تحدد مستقبل البلد.

تعليقات: