احتجاجات بالجملة والشارع يغلي: هل تندلع انتفاضة ثانية؟

نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة: \
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة: \"سياسة نقدية متوحشة تمارسها الدولة\" (عباس سلمان)


دَفَعَ تقلّب أسعار الدولار عجلة الانحدار بقوة إضافية، فتسارعت وتيرة الاحتجاجات التي تطالب الحكومة بإيجاد حلّ. والأخيرة لا تملك سوى نيّة الإصلاح والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، من دون إجراءات عملية واقعية. وبسبب غياب أي كابح، انطلق عدد من النقابات وأصحاب المهن والمواطنين بسلسلة تحركات منفصلة مكانياً، لكنها تصب في الخانة نفسها، وهي المطالبة بكبح الانهيار.


القطاع الصحّي يتحرّك

حَسَمَ القطاع الصيدلاني قراره منذ يومين، ببدء رفع أسعار الأدوية قبل إصدار وزارة الصحة مؤشّر الأسعار. على أن نسبة الـ25 بالمئة التي اعتمدها الصيادلة، ستتغيّر مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي يحلّق أبعد من 35 ألف ليرة.

بعد الصيادلة، نفَّذَت نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة ونقابتا الأطباء في بيروت والشمال، يوم الخميس 26 أيار، اعتصاماً أمام المركز الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت، رفضاً لاحتجاز المصارف أموال المستشفيات تحت غطاء قرارات مصرف لبنان، الذي بدوره يعتبر أن قراراته هي سياسة نقدية تهدف إلى معالجة الأزمة، وتقليص الضغط على الليرة والحد من انهيار قيمتها.

هذه السياسة رفضتها النقابات. ووصفها نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، بأنها "سياسة نقدية متوحشة تمارسها الدولة تحت عنوان الحفاظ على سعر صرف الليرة". واعتبر أن المستشفيات الخاصة باتت "عاجزة عن تأمين السيولة اللازمة لمتابعة عملها. وحقوق العاملين في القطاع الصحي أصبحت غير كافية لتأمين معيشتهم".

ووسَّعَ هارون دائرة اهتماماته لتشمل مصلحة كل اللبنانيين، فرأى أنه "بالرغم من كل سياسات الدعم ها هو الدولار اليوم يزيد من حالة العوز لدى المواطنين".

بالتوازي، وَضَعَ نقيب الأطباء في بيروت، شرف أبو شرف، ما تقوم به المصارف ومصرف لبنان، في خانة "الاستهتار بنا وبحقوقنا". وأكّد أنه "لا يمكن أن تبقى العلاقة مع المصارف كما هي حالياً، فكل ما نطلبه هو التعاون مع الجميع لتمرير هذه المرحلة الصعبة".

وتلقّت المستشفيات والأطباء تأييداً من نقابة الممرضين، بوصفهم متضررين من إجراءات المصارف التي تضيّق عليهم طرق سحبهم لرواتبهم ومستحقاتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن المصارف لا تؤيّد مستوى التحدي الذي رفعته المستشفيات، معتبرة أن سقوف السحب حدّدها مصرف لبنان وهي ملتزمة بها، فيما "المستشفيات تريد سحب أموالها بالوتيرة التي تناسبها".


السائقون العموميون

على الطرف الآخر، قطعَ السائقون العموميون الطريق في منطقة جسر الرينغ، احتجاجاً على عدم قيام وزارة الداخلية بوقف التطبيقات الالكترونية التي تشغّل سيارات ودراجات نارية في خدمة النقل، وتزاحم سائقي السيارات العمومية القانونيين. واعتبر السائقون أن قطع الطريق ليس موجَّهاً ضد اللبنانيين الذين علقوا في الازدحام، وانما ضد وزارة الداخلية. وطلبوا من المواطنين رفع الصوت إلى جانبهم للضغط على الوزارة لتنفيذ القانون، خصوصاً وأن تلك التطبيقات الالكترونية غير قانونية والدراجات النارية والسيارات الخاصة تعمل خارج القانون، فضلاً عن قيادتها من قِبَل سائقين غير لبنانيين، وهذا يشكّل مخالفة إضافية. وحذّر السائقون من أن استمرار الوزارة في تجاهل الأمر، سيدفعهم نحو التصعيد.


الأفران تساند المطاحن

عجزت وزارة الاقتصاد عن ايجاد حلّ لمشكلة سعر ربطة الخبز، المتزايد تبعاً لارتفاع أسعار الدولار. ويأتي عجز الوزارة مدعوماً بفشل سياسة مصرف لبنان في تأمين الدولارات لاستيراد القمح بشكل منتظم، وتالياً توفير الطحين للأفران لانتاج الخبز. إثر ذلك، اعتصم أصحاب الأفران أمام الوزارة مطالبين بتأمين القمح ووضع تسعيرة لربطة الخبز، تناسب ارتفاع سعر الصرف، بالاضافة إلى مطالبة مجلس النواب بتسريع إقرار قانون قرض البنك الدولي لدعم القمح، والبالغ 150 مليون دولار.

وعدم إيجاد حلّ سريع، يؤدي إلى عدم توفّر الخبز في الأفران وارتفاع أسعاره في حال تواجده. أما الأفران التي تعجز عن تأمين الطحين، فتتجه نحو الإقفال. وفي السياق، اعتبر أمين سر نقابة المخابز والأفران في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور، أن "الطبقة السياسية أقفلت معظم مؤسسات البلد ولا مشكلة لديها أن نقفل نحن أيضاً". وسأل سرور وزير المال عن سبب عدم توقيعه كتاب صرف اعتمادات القمح لمدة شهرين. ورغم الاعتصام، فإن عدداً كبيراً من الأفران لم يقفل أبوابه، بل استمر في انتاج الخبز نظراً لتوفّر الطحين.

إلى ذلك، واكبت التحركات القطاعية هذه، بعض الاحتجاجات التي نفّذها مواطنون في مختلف المناطق، حيث عمدوا إلى قطع الطرق اعتراضاً على الأوضاع المعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار، وانقطاع الكهرباء والمياه.

تعليقات: