قدّم الدكتور علي فاعور دراسة قيمة عن الهجرة نشرت في جريدة الاخبار تستحق كل تقدير..
بعد المطالعة وجدتني عاتب لان الدكتور فاعور تناول الموضوع من الناحية العلمية الصرفة ووجدتني عاتب لاني افترضت ان يكون الدكتور من ابناء الجنوب و تحديداً من ابناء الخيام النجباء.
تمنيت ان اقرأ تاريخ المعاناة التي قاساها ابن الجنوب لعقود طويلة بصبر لم يكن جميلاً، خاصة بعد اعلان ما سمي بالاستقلال الذي لم نرى من خيراته غير الحرمان المرير والاستغلال البشع وتقطيع اوصال ما كان من وحدة للحياة لم يستطع المستعمر أن ينفذها في جميغ عهوده.
---------------------
وهذه هي المقالة التي نشرتها رشا أبو زكي في الأخبار المتعلقة بدراسة الدكتور فاعور:
الهجرة... تفرغ لبنان من قواه العاملة
معدلات الخصوبة تنخفض والشيخوخة ترتفع والعزوبية ظاهرة راسخة..
«أنا أهاجر إذاً أنا لبناني»، شعار أصبح هاجساً لدى الشباب في لبنان، فارتفاع معدل البطالة، والمشاكل الأمنية والسياسية، وغياب الإرشاد المهني، وعدم دراسة سوق العمل... أصبحت كالمطرقة على رأس كل مواطن، وأصبحت كلمة مغترب مفخرة لا تستدعي الندم!
«أبحث عن وطن» هكذا يبرر المغتربون اللبنانيون هجرتهم... إذ، بحسب الأستاذ في الجامعة اللبنانية د عصام نور الدين ، ثمة 11 مليون لبناني في جميع أصقاع العالم، من أصل 15 مليوناً، وهو عدد اللبنانيين الإجمالي، فيما 68 في المئة من اللبنانيين المقيمين ينتظرون تأشيرة الهجرة بنفاد صبر.
ويرى الباحثون، الذين شاركوا في ورشة عمل أقامتها المديرية العامة للمغتربين في الأونيسكو أمس، أن الهجرة أصبحت «جزّاراً وطنياً»، وأن المشاكل السياسية هي أكثر ما يدفع الشباب إلى الهجرة، ويقترحون حلولاً عديدة لخفض حجم المهاجرين، منها «إلغاء الطائفية، والقضاء على الفساد، وتوفير بيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية قادرة على استيعاب قدرات الشباب» بدلاً من أن «يكون الوطن آلة «تفقيس»، لقتل الشباب بالصراعات الداخلية، أو لتهجيرهم»!.
الهجرة بعد حرب تموز
ويشير مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن الذي أعدّته وزارة الشؤون الاجتماعية بين عامي 1997 و2004 إلى أن عدد المهاجرين هو نحو 44 ألف لبناني سنوياً، بيد أن هذا العدد ارتفع منذ عام 2005 إلى نسبة تراوح بين 60ألف مهاجر و65 ألفاً سنوياً، وبلغ ذروته خلال حرب تموز الأخيرة. ويؤدي هذا النمو المطّرد في عدد المهاجرين بطبيعة الحال إلى ارتفاع معدل الشيخوخة في مقابل انخفاض عدد الفئات الشابة.
وتشير مديرة مركز دراسات الانتشار اللبناني في جامعة سيدة اللويزة غيتا حوراني، إلى دراسة أعدّها المركز عن «تأثير حرب تموز على الهجرة»، تفيد بأن «60.5 في المئة من اللبنانيين المقيمين المستطلَعين في الدراسة، أبدوا رغبتهم في الهجرة، و80 في المئة من الذين قالوا نعم للهجرة هم من حمَلة الإجازات والماجستير. وأكد 68,4 في المئة من الراغبين في الهجرة أن الحرب ساعدتهم في اتخاذ قرار الرحيل. أمّا بالنسبة الى أسباب الهجرة، فإن 39,3 في المئة من المقيمين المستطلَعين قالوا إنّهم سيهاجرون لضمان مستقبلهم، فيما 25,3 في المئة عزوا السبب إلى الوضع الأمني السيئ في لبنان».
وخلصت الدراسة إلى تزايد هجرة العائلة النواة، أي التي تضم إلى الأهل طفلاً أو اثنين، وأن الهجرة تطاول الطوائف من دون فارق يُذكر، إضافة إلى تزايد هجرة الفتيات.
الكفاءات إلى التصدير
وأشارت حوراني إلى دراسة أخرى لمركز دراسات الانتشار في آذار 2005، تحدد عدد اللبنانيين المولودين في لبنان والذين يتمتعون بالكفاءات، ويعملون في بعض الدول الأجنبية بنحو 401388 لبنانياً، حيث نحو 86 ألف كفاءة لبنانية عالية في أميركا وكندا والمكسيك، ونحو 36 ألف كفاءة متوسطة، ونحو 29 ألف كفاءة منخفضة، أما في أوروبا فنحو 67 ألف كفاءة لبنانية عالية ونحو 41 ألف كفاءة متوسطة، ونحو 78 ألف كفاءة منخفضة، بينما في آسيا وأوقيانيا نحو 18 ألف كفاءة عالية، و20 ألف كفاءة متوسطة، و26 ألف كفاءة منخفضة. وتلفت إلى أن لبنان في المرتبة الثانية بين الدول بالنسبة الى عدد المتخرجين العاملين في الولايات المتحدة، حيث إن 40 في المئة من الأطباء المتخرجين من كليات الطب في لبنان يعملون في الولايات المتحدة.
التأثيرات السكانية للهجرة
وتشير دراسة الدكتور علي فاعور عن هجرة الشباب، إلى أنه بين عامي 1991 و2000 هاجر 350 ألفاً من فئة الشباب، وبين عامي 2001 و2005 هاجر 210 آلاف من الشباب، فيما هاجر خلال تموز الماضي 120 ألفاً.
وتتوقع الدراسة أن يتغير التوزيع النسبي لسكان لبنان المقيمين، حيث تنخفض نسبة السكان دون الـ 15 عاماً من 30،1 في المئة في عام 2006 الى 24،7 في المئة في عام 2021، وسترتفع نسبة السكان بعمر 65 وما فوق من 7،2 في المئة في 2006 الى 8،1 في 2021. وتلفت الى أن انخفاض عدد الأطفال في الأعوام الـ 25 الأخيرة أدى الى انخفاض معدل الإعالة بالنسبة للقوى العاملة من 63 في المئة عام 1996 الى 49 في المئة عام 2021. كذلك فإن الهجرة المتزايدة ستقلّص قاعدة الهرم السكاني الشبابية من 19 في المئة عام 1996 الى 17 في المئة عام 2021.
وتلفت الدراسة الى انخفاض معدل الولادات من أكثر من 9 آلاف مولود حتى شهر آب من عام 2000 الى أقل من 7 آلاف مولود في الفترة نفسها من عام 2005. وترى أن زيادة نسبة العزوبية بين النساء وارتفاع عدد المهاجرين يؤثران في الزيادة الطبيعية للسكان. وتشير الدراسة الى أن متوسط حجم الأسرة انخفض من 4،6 أفراد في عام 1996 الى 4،3 أفراد في عام 2004.
فيما تفيد دراسة مسح المعطيات الإحصائية للسكان والمساكن الى ارتفاع عدد السكان بين عامي 1942 و1970 من 1،05 مليون نسمة الى 2،1 مليون، أما زيادة المليون الثاني فقد احتاجت الى 26 سنة أخرى، حيث ارتفع عدد السكان من 2،1 عام 1970 الى 3،1 عام 1996. وأشارت إلى أن زيادة مليون اضافي الى عدد السكان، تحتاج الى 26 سنة أخرى وذلك بسبب هجرة الشباب وارتفاع معدل الخصوبة، حيث يتوقع أن يبلغ عدد السكان في عام 2021 نحو 4،2 ملايين نسمة.
ويشير فاعور في دراسته الى أن الهجرة تؤثر في التباين المناطقي على المستوى الجغرافي، إذ انخفضت فئة صغار السن الى نحو 19 في المئة في بيروت، فيما تبلغ في الشمال 33،5 في المئة، كذلك ارتفعت نسبة كبار السن في بيروت الى 12 في المئة فيما انخفضت الى 5 في المئة في الشمال.
لنتّعظ من الكيان الصهيوني!
ويقول نور الدين إن عدد اللبنانيين الإجمالي يبلغ نحو 15 مليون نسمة تقريباً، بينهم نحو 11 مليوناً من المغتربين، فيما ينتظر الأربعة ملايين الباقون داخل الوطن، تأشيرة الهجرة. وفي مقارنة بين لبنان والكيان الصهيوني من حيث عدد المهاجرين وحركة الهجرة، يشير نور الدين إلى أن عدد اليهود في العالم هو 15 مليوناً تقريباً، منهم 5 ملايين يحتلون فلسطين، والعشرة ملايين الباقون ينتظرون المجيء الى فلسطين بفارغ الصبر. ويرى أن في ذلك شبهاً شكلياً معكوساً وعجيباً، فحركة الهجرة في لبنان من الداخل الى الخارج، بينما في الكيان الصهيوني من الخارج الى الداخل. هذا من دون الأخذ في الحسبان تأثير الانتفاضة الفلسطينية على حركة الهجرة الصهيونية.
شيخوخة مزمنة!
جمع قصر الأونيسكو أمس، نحو 16 باحثاً ومطلعاً على مسألة الهجرة، وقال الدكتور عصام نور الدين إن التركيبة السياسية الرسمية تؤدي دور «الجزار الوطني» الذي يقدم أبناءه قرابين رخيصة على مذابح التخلف الطائفي والمذهبي، ويخشى أن تؤدي الهجرة الى «تنظيف» لبنان من آخر لبناني من سكانه الأصليين ليحل مكانهم المجنسون، إذ إن معظم المهاجرين من فئة الشباب، واستفحال هذه الظاهرة سيصيب لبنان بمرض الشيخوخة المزمنة!.
ويرى نور الدين «أن الحل الحقيقي لظاهرة الهجرة، هو في إلغاء الطائفية، والقضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين، واعتماد قانون للانتخابات قائم على النسبية».
ربط الهجرة بالوضع السياسي، انسحب الى موقف الدكتور ميشال عبس، الذي تساءل عن كيفية عودة المغتربين الى أرضهم، فيما توظيفهم يخضع للمحسوبية السياسية من دون النظر الى الكفاءات، ويرى أن الهجرة هي نتيجة مسار ثقافي نفسي ضارب في جذور المجتمع اللبناني، ويترافق مع الاسباب الاقتصادية والاجتماعية المنفّرة.
ويقول عبس إن ما يحتاج إليه لبنان هو صدمة ايجابية تنزع المناعة عن النظام الاجتماعي السياسي الثقافي العفن، الذي ازداد سوءاً بعد الطائف، إضافة الى منع الطبقة الحاكمة، من إشعار الشباب بأنهم ضيوف ثقيلو الظل على أرض وطنهم.
تعليقات: