الدولة «الطافرة»؟


إذا حاولنا الإجابة عن السؤال الأشهر الذي يكرّره اللبنانيون، في معرض الجدّ أو المزاح، «وينيي الدولة؟»، لأمكن القول وبجدية مطلقة «هي طافرة». فإذا عرّفنا الطافر، بأنّه الهارب من مسؤوليته عن أمر ما، تكون الدولة على رأس القائمة. الدولة غائبة بالنسبة إلى اللبنانيين عموماً، لكنها بالنسبة إلى أبناء بعلبك- الهرمل المطلوب رقم واحد، يحمّلونها مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم وأبرزها تحويل الآلاف منهم إلى طفّار صادرة بحقهم عشرات آلاف مذكرات التوقيف. وإذا تذكرنا أن «الطافر»، طافر، لأنه لا يثق بالعدالة، لكانت «الدولة» أيضاً على رأس القائمة. هي هاربة، لأنها بدورها لا تثق في قدرتها على الدفاع عن نفسها بعدما سلّمت الفاسدين كامل مفاتيح استقوائهم عليها. والأمر الأخير هو أيضاً من ميزات الطفّار الذين يعيشون في عالم خاص مواز، ذلك أن غياب الدولة أرسى عوالم موازية عديدة. قد يكون هناك فرق وحيد، وهو أن الكثير من الطفّار (غير المحظيّين) لا ينامون خوفاً من توقيفهم، أما الدولة فغارقة في سبات عميق. لو أنّ ملاحقة حثيثة تجري في طلب الدولة، لما كان أهالي حيّ الشراونة في بعلبك وحيّ الليلكي في الضاحية الجنوبية لبيروت، عانوا ما عانوه خلال الأيام القليلة الفائتة من خوف ونزوح وشعور بقلة الحيلة. ولما كان كلّ اللبنانيين، والمقيمين في لبنان، يعيشون رهائن عصابات تتحكم بحياتهم تحت مسمّيات مختلفة، صودف أنها تحمل هذه المرة اسم «عشيرة»، مع ما في هذه التسمية من ظلم لا ينفك يلحق بأبناء العشائر

تعليقات: