الضاحية: استنفار العشائر قنبلة موقوتة يتجنبها الحزب

مسيرة سيارة تحمل العلم الأميركي وأعلام عشيرة آل زعيتر في الضاحية الجنوبية (الانترنت)
مسيرة سيارة تحمل العلم الأميركي وأعلام عشيرة آل زعيتر في الضاحية الجنوبية (الانترنت)


تعيش الضاحية الجنوبية منذ أيامٍ حالاً من الفوضى والخوف، بعد استنفار كبريات العشائر في الضاحية الجنوبية وتوحدها، عقب إعلان الجيش اللبناني عن بدء معركته في حي الشراونة في بعلبك. وذلك لإلقاء القبض على المطلوبين وتجار المخدرات وعلى رأسهم علي منذر زعيتر المعروف بـ"أبو سلة"، الذي تربطه علاقة طيبة وقوية مع كبار العشائر في منطقة الليلكي.


استنفار يومي

اجتمعت العشائر يوم السبت 4 حزيران وقررت الاحتجاج في شوارع الضاحية داعيةً إلى التصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبها. فتجهز الشبان منهم وتجاوز عددهم 50 شخصاً، وارتدوا البزات العسكرية، سوداء اللون. وارتدوا الأقنعة وذلك لإخفاء وجوههم. وبرفقة أسلحتهم ودراجاتهم النارية، نزلوا إلى أوتوستراد هادي نصرلله، بعد أن تجمعوا من مناطق عدة ومن بينها منطقة الليلكي، البرج، وحي آل مقداد. ألا أن اللافت في مسيرتهم، أنهم مشوا وراء سيارة وضعوا عليها علم الولايات المتحدة الأميركية ورفعوا أعلام عشيرة آل زعيتر عالياً. وهو عبارة عن نصف أرزة وإلى جانبها قبضة يد حمراء اللون ترمز إلى الثأر والدم وتشدّ القبضة على سيفٍ مكتوب عليه عشيرة. وهو الذي يرمز إلى الثأر بالسلاح، وفي أسفل الأرزة وضعوا اسم العشيرة "زعيتر" بخطٍ عريض.

ووفق المعطيات فإن ذلك كان تعبيراً عن غضبهم من حزب الله الذي لم يؤمن أي حماية لهم خلال كل المداهمات والمعارك مع الجيش اللبناني. ولم تنته المسيرة هنا، بل عاودوا النزول إلى الشارع مرة أخرى، بعد اشتداد المعارك في حي الشراونة مع الجيش اللبناني، ورفعوا أسلحتهم وأطلقوا الرصاص العشوائي ورددوا عبارات تؤكد أنهم سيصعدون مواقفهم في حال لم يستجب لهم حزب الله. ثم عاودت مساء أمس الأحد، مجموعة من شباب عشيرة آل زعيتر وتجمعت على دوار الكفاءات في الضاحية الجنوبية، وأدلت ببيان يؤكد أنها لم تتخل يوماً عن المقاومة وحزب الله ولكنها اليوم تطالبه بالتدخل وايقاف المشاكل والقتال التي تحدث دائماً.


حياد حزب الله

خلال هذه الأيام، بقي حزب الله على الحياد، وبحسب المصادر فإن الحزب هو من رفع الغطاء عن المطلوبين حتى تسنّى للجيش اللبناني مداهمتهم. وهذا السبب الأساسي وراء غضب العشائر المقيمة في الضاحية الجنوبية. ولكن حزب الله اتخذ هذا الموقف بعد انتشار حالات من الذعر والخوف لدى المواطنين في الفترات الأخيرة بسبب كثرة حالات النشل والسرقات وتجارة المخدرات والممنوعات في شوارع الضاحية. ويوم الجمعة 3 حزيران دخل الجيش اللبناني منطقة الليلكي بواسطة 6 ملالات وبحماية مكثفة، في وضح النهار، وداهم بعض البيوت من أجل إلقاء القبض على بعض المطلوبين. علماً أن المطلوبين الموجودين في منطقة الليلكي تربطهم علاقة متينة بأبو سلة. وحسب بعض الروايات فإنهم يتابعون عمله في هذه المناطق.


موقف العشائر

تحركت العشائر بعد هدم بيوت المطلوبين في حي الشراونة، ورفضوا رفضاً تاماً هذا التصرف وطالبوا حزب الله بالتدخل وحماية النساء، ألا أن الأخير لم يتدخل أيضاً. فما كان منهم إلا رفع الصوت أكثر والاحتجاج في مناطقهم والضغط على حزب الله بتذكيره بالانتخابات. إذ اعتبروا أن واجب حزب الله أن يتدخل وذلك بعد طلبه منهم انتخاب نوابه في الانتخابات. وحذروا قائلين بأنه في حال بقي الوضع على حاله، تسيطر الفوضى على الضاحية، وربما لن يتمكن أحد من حفظ الأمن فيها. وبالتالي ينزلون إلى الشارع من مناطقهم بأسلحتهم ويدافعون عن أنفسهم بالسلاح ويثأرون بأنفسهم.

وطالبوا من أمين عام حزب الله التدخل، وكذلك كبار مسؤولي الحزب، طالبين تأمين التغطية لهم في هذه المناطق وايقاف المعركة في حي الشراونة وحماية النساء والتوقف عن هدم الأملاك. ولأن حزب الله طلب منهم خلال الانتخابات إنتخابه، فحان الآن رد هذا الدين وحمايتهم وحماية أرزاقهم. وبحسب المصادر فإن هذه الرسالة واضحة وصريحة وتعتبر تهديداً غير مباشر، إذا لم يتدخا حزب الله، لينعكس القتال سلباً على الضاحية الجنوبية.


القرار الأخير

ومساء أمس، زار الوكيل الشرعي العام للخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك، عشيرة آل زعيتر وعشائر المنطقة في بعلبك. وعبّر عن أسفه للقتال الحاصل بين عناصر الجيش اللبناني والعشائر، وحاول تهدئة النفوس، من طريق إقناعهم بأن حزب الله معهم وأنه إلى جانب الجيش اللبناني في ضبط الأمن وإلقاء القبض على المجرمين. وطالب يزبك العشائر التصرف بهدوء أكثر والابتعاد عن الانفعال والعصبية، مؤكداً أن ما يؤلم العشائر يؤلمه أيضاً، وليس كل من تأذى في هذه العملية هو مجرم أو خارج على القانون. وناشد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وكل الجهات المعنية للتدخل قبل أن تتوسع هذه المشكلة، ويبدأ الثأر بين العشائر ويبدأ القتال من جديد مع الجيش اللبناني.

تعليقات: