دويلة المولدات تبسط سلطتها على المواطن


تعرفة مرتفعة وتقنين يواجه تقنين كهرباء لبنان..

قباني: القانون لا يتدخّل بالتسعيرة لكن بإمكان البلديات الضغط..

يضع أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة في لبنان، أنفسهم في كفة الميزان مقابل مؤسسة كهرباء لبنان الرسمية، تقنيناً وسعراً، وفي حين أن المؤسسة الشرعية تجهد للتوازن في تعرفتها يوائم بين سعر الانتاج والمبيع للكيلوات ساعة، تذهب "دويلة المولدات" الى كسر حاجز الأسعار صعوداً وقياساً، مستغلة صمت الدولة اللبنانية التي تئن من أوجاع اقتصادية وسياسية وأمنية، زادتها إيلاماً أسعار النفط المرتفعة عالمياً.

وفيما زادت أسعار المازوت في السوق المحلية متأثرة بأسعار النفط العالمية التي وصلت الى مستويات قياسية، إلا أن أصحاب المولدات زادوا تعرفة الاشتراك على المواطنين بنسب كبيرة تجاوزت فيها 50 و60%، وهو ما يؤشر الى أن لا قواعد تتحكم بأصحاب المولدات، بل إن شريعة "كلّ من إيدو إلو"، هي بلا شك القاعدة الوحيدة التي تتحكم برقبة المواطن، فمن يحمي المواطن من التقنين ومن نار أسعار اشتراك مولدات الكهرباء الخاصة.

فتعرفة 5 أمبير اشتراك في مولدات الكهرباء الخاصة تراوح بين 60 و80 دولاراً في بعض المناطق، وهي ما يجعل المواطن اللبناني يتحمل عبء فاتورتين: واحدة لكهرباء لبنان وأخرى لـ"دويلة مولدات الكهرباء الخاصة"، وبذلك يكون انفاق القطاع الخاص بسبب تردي خدمات المؤسسة (مولدات كهربائية خاصة للمؤسسات والأفراد)، وبحسب خبير لبناني وقبل الصعود الصاروخي الأخير لأسعار النفط هو نحو 200 مليون دولار سنوياً مضافاً إليها نحو 40 مليون دولار تكلفة استهلاك وصيانة، فتكون التكلفة السنوية للخزينة والناس أكثر من 940 مليون دولار، عدا التكلفة الباهظة غير المنظورة الناتجة عن التلوث.

وإذا كانت حماية المستهلكين الفقراء من الكهرباء مبدأ ينبغي لوزارة الطاقة أن تكرسه في بداية عهدها الجديد، فإنَّ مسألة تعديل تعرفة الكهرباء الرسمية وبشكل يراعي ذوي الدخل المحدود، باتت مسألة ملحة لحماية 70% من الشعب اللبناني، لأن المواطن الذي يدفع فاتورتين واحدة مدعومة تدخل في حسابات الخزينة وأخرى لا تدخل في حسابات الخزينة بل الى خزينة "دويلة أصحاب المولدات"، لن يتضرر فيما لو عدلت تعرفة الكهرباء الرسمية وألغيت حالة الاضطراب الكهربائي، لأن الدولة أحق بالإفادة من سواها بمال المواطن، ومن غير الجائز أن يترك هذا المواطن يواجه قدره مع تسعيرات عشوائية لا تخضع لقانون.

إن سعر تكلفة الكيلوات ساعة الذي تنتجه مولدات الكهرباء الخاصة يباع للمواطن بأضعاف الثمن الذي تبيعه مؤسسة كهرباء لبنان، إضافة الى أن مئات الميغاوات التي تنتجها هذه المولدات خارجة عن نطاق الدولة وخارجة عن نطاق شركة كهرباء لبنان وهي لا تدفع (TVA) ولا ضريبة دخل ولا توفر فرص عمل وهي تفسد الأدوات الكهربائية في المنازل.

وفيما تشكل أعطال الكهرباء الرسمية المتنوعة، مساحة كبيرة للتقنين، وسبباً لانتشار مولدات الكهرباء الخاصة في جميع أحياء المناطق اللبنانية كافة، إلا أنها لا تشكل مبرراً للزيادات العشوائية والمرتفعة لتعرفة الاشتراك في مولدات الكهرباء الخاصة.

وبحسب دراسة موضوعة لدى وزارة الاقتصاد، فإن عملية الاحتساب لتشغيل المولد مع الأسعار المعطاة لطاقة مولد 200 ك.ف، تظهر ما يلي:

1­تتوقف الطاقة الناجمة عن تشغيل مولد بالقدرة استناداً لمعادلة أنه لا يمكن سحب كامل الطاقة المنتجة من المولد إلا بمعدل 90% من قدرته بالتساوي من كل فاز، باعتبار أن المولد له 3 مخارج (فازات) ويختلف هذا استناداً لحالة المولد بحسب القدم والاستعمال.

2­إن عملية احتساب ك.ف.أ واحد يعتبر 1.5 أمب. هي عملية خاطئة، إذ ان المعادل الصحيح هو 1.3 أمب في حالة 480 ف. وأن معادل كل 1 أمب. على 220 ف. يوازي استعمال واستخراج 950 ف.، وقد تبين من خلال الوقائع لعمليات الاشتراك الممنوحة من أصحاب المولدات بوضع فواصل (ديجنتور) ولنأخذ مثلاً 5 أمب. يكون في الواقع وإذا كان هذا الديجنتور (الفاصل) 3.8 في أحسن الحالات.

3­أجمع الخبراء في المجال المذكور على أن المولد الواحد وبقوة 100 ك.ف.أ. يستهلك وقوداً بمعدل 5 ليترات كل ساعة، وبكامل قوة السحب للطاقة لذلك، فإن التكلفة الفعلية لمولد بهذه القدرة لجهة إعطاء 220 ساعة شهرياً، تظهر أن التسعيرة الموضوعة هي أكبر بكثير من التكلفة الفعلية.

إلا أن صرخة المواطنين التي باتت تصيخ في آذان المسؤولين في قطاع الكهرباء، للحد من استغلال أصحاب المولدات لأزمة الكهرباء، هي حتى الآن مثل كرة الثلج التي بدأت تكبر كلما تدحرجت قليلاً الى الأمام.

وفي حين أن القانون يمنع التدخل في الأسعار وخصوصاً لتلك غير السلع غير المدعومة من قبل الدولة، فإن لا شيء يمنع البلديات من دخولها على خط المنافسة مع أصحاب مولدات الكهرباء الخاصة وإعطائها كهرباء للمواطن، بحسب ما يقوله رئيس لجنة الأشغال والطاقة النيابية النائب محمد قباني.

ويقول قباني حول هذا الموضوع "لقد تدخلنا في المرة الماضية من باب حماية المواطن، واليوم هناك مرحلة إعادة نظر للجدول الذي وضع بالتعاون مع مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد منذ ثمانية أشهر، وهو قد وضع على أساس سعر صفيحة المازوت 25500 ليرة، أما اليوم فهي بحدود 38700 ليرة، والدولة تتدخل في تسعير المواد التي تدعمها إلا أنها لا تتدخل في تلك المواد التي لا تدعمها لأن الاقتصاد اللبناني اقتصاد حر".

ويضيف "تدخلنا هو من باب إعطاء إرشاد للناس وللمواطنين حول هذا الموضوع، قلنا منذ المرة الماضية ان البلديات بإمكانها أن تتدخل لكون أصحاب المولدات يستخدمون البنى التحتية العائدة للدولة ومنها الطريق والهواء وغير ذلك، ولذلك فإن بامكان البلديات أن تراقب وتضغط على أصحاب المولدات الذين اعترضوا كثيراً".

ويوضح قباني "إن أسعار النفط تتبدل وتتغير بشكل سريع فقبل أسبوعين وصل سعر البرميل الى نحو 147 دولاراً ليعود الى أقل من 124 دولاراً. لذلك فإن ضبط الوضع بالنسبة لتسعيرة اشتراك مولدات الكهرباء الخاصة مسألة ليست بالأمر السهل وتتطلب غاية في الدقة حتى لا يظلم أحد"، ويشير قباني الى أن هناك مسعى لدى لجنة الطاقة النيابية وبالتعاون مع وزارات الاقتصاد والطاقة والبلديات للوقوف على حل لهذا الموضوع قد يتبلور خلال الأسبوع المقبل.

والسؤال، اذ كانت مولدات الكهرباء الخاصة تعوض المواطن اللبناني حاجته من التغذية الكهربائية المطلوبة من مؤسسة الكهرباء، فهل يجوز أن تبقى أسعار الاشتراكات عشوائية بلا معايير، مستغلة ضعف الكهرباء الرسمية؟.

إن المواطن يسأل عن التسمية القانونية لأصحاب مولدات الكهرباء، أهي خاصة أم ذات منفعة عامة، ومن ينظم عملها، وهل هي البديل عن المؤسسة الأم؟

تعليقات: