منظمي مونديال قطر لم يهملوا أي ناحية تتعلق بالتنظيم والأمن والإقامة والتنقلات (Getty)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لا يعرف السرور محياه، لم يهنأ كثيراً وهو يشاهد منتخب بلاده في افتتاح مونديال 2018 بموسكو يكتسح المنتخب السعودي بخماسية نظيفة على مرأى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. تفوق منتخب الأوروغواي على أصحاب الأرض بثلاثية نظيفة، خففت من وهج الثلاثية (مقابل هدف) أمام الفريق العربي الآخر، منتخب مصر، ليودّع الروس مونديالهم باكراً، ومن الدور الثاني أمام منتخب إسبانيا بالركلات الترجيحية.
المونديال أجدى من ديبلوماسية الكرملين!
وعلى الطريقة العربية في البحث عن انتصار من رحم الهزائم، أوجدوا تعويضاً لروسيا بشهادة النجاح في التنظيم، وإظهار البلد المضيف كموطن لكرة القدم ولو لمدة شهر. لم يكن هذا التبرير من بوتين، بل من رئيس "الفيفا" جاني إينفانتينو الذي اعتبر مونديال روسيا الأعظم في التاريخ... فيما بوتين أصدر أمراً بالإفراج عن أساريره ولو للحظات، متحدثاً عن الانطباع الإيجابي الذي غادر به أكثر من مليون زائر المدن الروسية، بعدما مكثوا فيها ثلاثين يوماً. لكن كيف كانت تلك الفترة كافية لتغيير صورة البلاد السلبية بالكامل؟
التغني بالنجاح في التنظيم يؤكد أهمية استضافة الأحداث الكبيرة في تغيير أي انطباعات سلبية، وهذا أهم ما لفت انتباه بوتين في المونديال العشرين لدرجة اعتباره "أن الخرافات والصور النمطية عن روسيا تبددت، وهو ما عجزت عنه ديبلوماسية الكرملين في سنوات عديدة مضت..."!!
رؤية قطر في المونديال الواحد والعشرين تزخر بالأمل في مستقبل أكثر إشراقاً، وهذا ما عبّر عنه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في ملتقى دافوس، بقوله: "أنا ممتنٍ للأضواء التي سلطتها كأس العالم التي ألهمتنا إجراء التطوير والاصلاح والتقدم بسرعة البرق، ولذا ستكون بطولتنا نسخة خاصة".
وكما كان بوتين مزهواً وهو يحدّث زائريه أبان مونديال 2018 عن المليون الذين تواجدوا في روسيا، كان أمير قطر فخوراً وهو يطلع المستشار الألماني أولاف شولتس أن 800 ألف ألماني طلبوا حضور مونديال قطر، واعداً بتوفير كل السبل والإمكانات لجماهير المونديال من أنحاء العالم، مشدداً على طلب واحد، أن يلتزم الضيوف بالعادات والتقاليد الاجتماعية في بلد مونديال العرب والمسلمين.
الأكثر أمناً في تاريخ المونديالات
والواقع أن مونديال قطر تحضّر لاستقبال 1.2 مليون زائر وحسب "الفيفا". هناك 23 مليون طلب للحصول على التذاكر مع انتهاء آخر مرحلة لمبيعات التذاكر بنظام القرعة في أواخر نيسان/أبريل الماضي. وأحصي 1.8 مليون طلب تذاكر للمباراة النهائية، فيما سيتم بيع مليوني تذكرة فقط لزائري البلاد في المونديال.
ويبدو أن منظمي مونديال قطر لم يهملوا أي ناحية تتعلق بالتنظيم والأمن والإقامة والتنقلات، ولم يغضوا الطرف عن أي مخاوف تصدر في الإعلام الغربي أو غيره، كالحديث عن تعقيدات لوجستية، فكان الردّ من رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني: "سنشهد أرفع مستويات الأمن والأمان في تاريخ المونديالات".
هذا التصريح ليس من فراغ ففي هذا الإطار مددت قطر الاتفاقية مع الانتربول لتأهيل الكوادر الوطنية كخبراء دوليين في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، وتم فتح المجال لأكثر من 200 ألف متطوع، ولن تكون هناك مشكلة في الإقامة، إذ أنهت الدولة تجهيز 80 ألف غرفة فندقية فيما المطلوب 60 ألفاً.
نصف العالم بانتظار قطر 2022
ولا يُخفى أن بعض الروابط الجماهيرية حول العالم، تحفظت حول ارتفاع أسعار التذاكر بنسبة تصل إلى 40 بالمائة من أسعار تذاكر مونديال روسيا، وعلى سبيل المثال: تذكرة نهائي قطر بـ 1600 دولار مقابل 1100 في روسيا. وفي المقابل قدمت قطر أرخص سعر دولي منذ 2006 (69 دولاراً) بما يعادل ثلث سعر روسيا. وأكثر من ذلك فان سعر تذكرة المقيمين للفئة الرابعة تنخفض إلى 11 دولاراً.
صحيح أن قطر لن تستوعب أكثر من مليوني زائر، وهذا أكثر بالطبع من زائري روسيا، ولكن نصف سكان الأرض سيشاهدون المونديال القطري، حسب ما أعلنه رئيس "الفيفا" إينفانتينو في المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس سويسرا، متوقعاً العدد بخمسة مليارات شخص مقابل 3.5 مليارات لمونديال روسيا حيث أن توقيت البلاد يضمن للجميع مشاهدة طيبة وفي أوقات معقولة سواء عبر شاشات التلفاز أو على شبكة الإنترنت، وهذا رقم تاريخي مما يؤكد أن مونديال قطر سيكون استثنائياً بكل المقاييس، حسب قول رئيس "الفيفا".
تعليقات: