تركيا:السوريون يتجنبون تقديم الشكاوى.. خوفاً من الترحيل


تتزايد حملة ترحيل اللاجئين السوريين بشكل غير طوعي، من تركيا نحو الشمال السوري، تزامناً مع ارتفاع حدة الخطاب التحريضي من قبل الأحزاب التركية المعارضة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.. وأيضاً في ظل حالة النأي بالنفس التي تمارسها حكومة حزب "العدالة والتنمية" في إطار اتخاذ إجراءات رادعة تجرم من خلالها الخطاب العنصري بما فيه السياسي.


اقتناص الفرص

وتحدث ناشطون سوريون في تركيا، عن أن السوريين باتوا اليوم يتجنبون الذهاب إلى مراكز الشرطة التركية في الولايات المختلفة على خلفية تعرضهم للاعتداء والعنصرية من قبل مواطنين أتراك تجنباً للترحيل القسري، موضحين أن الشرطة أمست اليوم تقتنص الفرص لاتخاذ إجراء الترحيل على وجه غير ذي حق، ومن دون حكم قضائي، كما ذهب الناشطون إلى نقطة أبعد من ذلك وهي التأكيد على وجود تعليمات مكتوبة لدى الشرطة التركية لممارسة الإجراء.


تهم الترحيل فضفاضة

لم يؤكد أو ينفِ الباحث السياسي السوري في تركيا سهيل الغزي وجود مثل تلك التعليمات لدى الشرطة التركية، مستدركاً بقوله: "لكن الأمر متوقع خصوصاً أن الترحيل يتم بناء على تهم لها علاقة باللجوء وقضايا متعلقة بتهديد الأمن العام والجنح، وهي تهم فضفاضة على مبدأ تهمة وهن الأمة التي يوجهها نظام دمشق ضد السوريين".

وقال الغزي ل "المدن"، إن "سرعة الإجراءات المتعلقة بالترحيل والتي تسبق تعيين محامٍ؛ تجعل من قضية الترحيل صعبة الحل"، موضحاً أن الشخص عندما يتم القبض عليه من قبل الشرطة؛ يتم تحويله للمحكمة التي تقضي بترحيله فوراً في أقل من يوم واحد، وخلال ساعات يكون قد وصل إلى مركز ترحيل الأجانب على الحدود التركية-السورية، في ظل صعوبة تعيين محامٍ تركي مقتنع بقضية لاجئ سوري، عدا عن وقوف اللغة حاجزاً أيضاً بالإضافة إلى التكلفة المادية العالية.

وعن الأسباب التي تمنع السوريين من توجيه الشكاوى ضد مواطنين أتراك عبر مراكز الشرطة، أوضح الغزي أن الأمر مرتبط بعوامل وأسباب كثيرة، يأتي على رأسها عامل اللغة، كون جميع عناصر الشرطة الأتراك لا يتحدثون العربية، كما تمنع الشرطة الاستعانة بصديق للمشتكي يتحدث التركية عن شرح أسباب وطبيعة شكوى صديقه، عدا عن الفساد وحالة عدم التفهم الموجودة لدى الشرطة التركية التي تحول صاحب الحق إلى متهم مهدد بالترحيل.

أما السبب الأهم فهي قضية "الرموز" التي تلصق على (الكملك) الخاص باللاجئ السوري عند ارتكابه لمخالفة معينة لجهل بالقوانين كالتدخين في محطة المترو مثلاً، أو قضايا أخرى أكثر أهمية مثل ذهابه سابقاً إلى الشمال السوري لقضاء إجازة العيد، موضحاً أنه بمجرد الدخول إلى أحد مراكز الشرطة يظهر "كود" المخالفة أو القضية فوراً، ويصبح اللاجئ مهدداً بالترحيل على إثرها. كما أشار إلى إمكانية إزالتها، لكنها تحتاج إلى معاملات طويلة، ومحامٍ مختص وأمور شائكة أخرى تجعل من إزالتها قضية صعبة ومعقدة.


أمثلة عديدة

وتحدّث الناشط الحقوقي السوري في تركيا أسامة الموسى ل"المدن"، عن أمثلة كثيرة حول تلك الحالات، وبدأها بحادثة الإخوة الخمسة الذين ذهبوا للمطالبة بمستحقاتهم من أحد أرباب العمل الأتراك، الذي قام بالاستعانة ببعض الشبان الاتراك لحبسهم ضمن غرفة صغيرة وضربهم بشكل مبرح، ما أدى إلى فقدان أحدهم للذاكرة، موضحاً أن والدهم فضّل عدم الذهاب لمركز الشرطة خوفاً من الترحيل، ولعلمه المُسبق بأن القضية "ستنقلب ضد أولاده".

لكن الموسى رفض إلصاق التعميم على جميع مخافر ومراكز الشرطة التركية، مبيناً أن بعض المخافر الموجودة في بعض الولايات التركية تنظر بتفهم أحياناً حول طبيعة الشكوى ضده أو عليه.

وعن وجود تلك التعليمات المكتوبة لترحيل السوريين مهما كانت القضية، سواء كانوا هم المشتكين أو المشتكى عليهم، أوضح أن تلك القضية بحاجة إلى دليل ملموس يؤكد وجودها، لكنه في الوقت ذاته أكد تنامي هذه الحالة بشكل مضطرد.

تعليقات: