انتهازيّو الدَّين والغاز: شفط مستقبل لبنان


لبنان في أحسن أحواله فتاتٌ في السوق العالمية. فرغم استنماطه الاستهلاك حتى الهلاك، لم تكن سوقه يوماً بين كبريات الأسواق. مع ذلك، يحوم انتهازيّو رأس المال فوقه لينتشوا جيفة مفلسة، كغيره من ضحايا الهيمنة الرأسمالية المعولمة. للانتهازية أدواتها الهرمية التي تتأكد من أن بلداً كلبنان لا يملك شيئاً، كما أفشى الوسيط الخبيث، من دون رضى رأس الهيمنة. ولاسترضاء الرأس المهيمن شروطه، وعلى رأسها تقاسمٌ للأرباح يعطي أصحاب الأرض والحق فتاتاً مقابل رهن مستقبل الأجيال لخزائن المركز الإمبريالي. في هذا السياق، لبنان ليس فريداً، إذ سبقته إلى الإفلاس، أو التفليس، بلادٌ وستلحقه بلادٌ أخرى. وفي كل حالة، ستحضر الأدوات المحلية التي تمهّد الأرض للجشع المهيمن، المتجدّد والمتمدّد، مقابل كمشة من الفضّة.

في لبنان، كما في العالم، صدأت بعض الأدوات القديمة للهيمنة ويتمّ استبدالها بأدوات حديثة تواكب العصر. فمضاربو الأوراق المالية الذين كانوا يمارسون جشعهم باللحم الحي استُبدلوا ببرمجيات رقمية تحلّل أرقاماً هائلة يعصى على العقل البشري تصوّرها. مثلاً، تدير حواسيب شركة «بلاك روك» استثمارات تفوق قيمتها العشرة تريليونات دولار، والتريليون هو مليونٌ من الملايين. هذه الشركة بالمناسبة استملكت جزءاً كبيراً من مستقبل لبنان من دون استئذانه، وسيضطرّ مفاوضو لبنان المتمرّسون الى الخضوع لشروط يفرضها عليهم أكبر الصناديق الانتهازية في العالم يوماً ما، لكن لم يحن وقت التفاوض معه بعد.

التفاوض اليوم هو على حقل غاز قد يسدّ ما في باطنه فاتورة من هنا، أو دَيناً من هناك. للهيمنة على ثروات النفط والغاز أدواتها المثبتة الفعالية حول العالم التي لم تكن موجودة في لبنان قبل اكتشاف ثروة محتملة في عمق بحره، ولذا وجب استحداثها. لهذه الأدوات لغتها ومصطلحاتها وشفافيتها وحوكمتها، فهذه طبيعة إدارة الموارد الطبيعية في عالم ينهش الطبيعة. قد يكون زمن مقاولي العقارات ولّى، تاركاً بلداً مفلساً معتماً لا يبدو جذاباً لأصحاب التريليونات، لكن الانتهازية الرأسمالية لا تفوّت ربحاً مهما صغر، وها هو زمن تجّار فتات الغاز يتجلّى.



لوبي النفط والغاز: لا شفافية ولا اختصاص

علي حسن مراد


تدّعي الجمعيّة امتلاكها أغلب الإجابات عن أسئلة حقوق لبنان النفطية والطرق الأمثل لانتزاعها من بين أنياب العدو، وما ينبغي فعله لإدارة الثروة الوطنية النفطية، وفق المعايير الليبرالية الغربية، أي ما تسمّى الشفافية والحوكَمة. لكن، هل LOGI فعلاً أهل لادّعاد هذه المثالية؟

بعد تأسيسها في كانون الأول 2014، برز اسم جورج ساسين، ممثّل «المبادرة اللبنانية للنفط والغاز LOGI» أمام الحكومة، إلى جانب مجموعة من الشابات والشباب ممن لا خبرة لهم في مجال النفط والغاز. بحسب مصدر مطّلع، جاء تأسيس الجمعية أواخر 2014 بناءً على طموح ساسين بالحصول على منصب في «هيئة إدارة قطاع البترول»، وعندما لم يجد له مقعداً في الهيئة، تصدّر الظهور الإعلامي باسم الجمعية مع شخصيات أخرى، إثر انضمام وافدين جدد. مع بدء الورشة التشريعية لإقرار التشريعات المتعلّقة بالنفط والغاز، غاب ساسين عن المشهد ليبرز اسم ديانا القيسي التي كانت تعقد لقاءات وتظهر إعلامياً للحديث باسم الجمعية، إلى جانب ممثلين عن «كلنا إرادة» وNRGI. وبما أنّ LOGI تقوم على فكرة الشفافية وتدعو إليها، تنشر الجمعية تقاريرها المالية السنوية على موقعها الإلكتروني الذي يظهر أنها حصلت على تمويلها التأسيسي عامَي 2015 و2016 من كلٍّ من منصة التمويل الجماعي «ZOOMAL» و«مؤسسة سمير قصير» (حوالي 13,000 دولار في العام)، وبدءاً من عام 2017 بدأت أرقام التمويل تكبر ومصادره تتنوّع.

عام 2017، حصلت LOGI على حوالي 28,500 دولار من مؤسسة «فريدريش إيبرت» التابعة للحزب الديموقراطي الاجتماعي الألماني، وحوالي 89,386 دولاراً منNorwegian People’s Aid، فيما ظهرت منصّة «كلنا إرادة» كمموّل بحوالي 47,000 دولار. بدءاً من عام 2018، أصبحت «كلنا إرادة» مموّلاً ثابتاً للجمعية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الأولى تبنّت LOGI كذراع للضغط في مجالَي النفط والغاز داخل البرلمان وخارجه. ففي 2017، يُذكَر أنّ أسباب التمويل كانت لـ«السياسات والقوانين»، وكما هو معلوم، في ذلك العام كانت تُسَن القوانين الناظمة لقطاع النفط والغاز. تنوّعت مصادر دخل LOGI في السنوات اللاحقة فدخلت «Publish What You Pay - انشر ما تدفع» على خط التمويل، إضافة إلى مؤسسات أميركية وبريطانية وألمانية أخرى. من المعروف أنّ «انشر ما تدفع» هي من ابتكار «مؤسسات المجتمع المنفتح» لصاحبها جورج سوروس، لخدمة الأجندة التي تدعو إلى الشفافية كمدخل للولوج إلى المجتمعات التي عادةً ما تمتلك ثروات أو تكون للشركات المتعدّدة الجنسيات مصالح فيها. من المؤسسات التي موّلت LOGI عام 2019 المعهد الديموقراطي الوطني – NDI، الذي سبق لـ«الأخبار» أن تناولته ضمن ملف عن NED، ومؤسسة «ويستمينيستر للديمقراطية» - Westminster Foundation for Democracy التي تعمل لمصلحة الأحزاب الممثَّلة في مجلس العموم البريطاني. لم تنشر LOGI الداعية إلى الشفافية بعد تقاريرها المالية السنوية عن عامَيٍ 2020 و2021، مع أنّ صوتها خلال هذين العامين كان عالياً في مطالبة مؤسسات الدولة اللبنانية بالشفافية، وكان مديروها يجوبون ساحات التظاهر للتحذير من «فساد السلطة التي ستسرق عائدات النفط».



أصبحت «كلنا إرادة» مموّلاً ثابتاً لـ LOGI وتبنّتها كذراع للضغط في مجالَي النفط والغاز داخل البرلمان وخارجه

أكثر ما يلفت في «شفافية» الأرقام المالية التي نشرتها LOGI هو الاختلاف الواضح بين أرقام التمويل التي أعلنت أنّها تلقّتها من «انشر ما تدفع»، وما نشرته الأخيرة في تقاريرها المالية السنوية. مثلاً، غابت «انشر ما تدفع» من قائمة الجهات المموّلة لـ LOGI من تقريرها السنوي لعام 2017، بينما ذكرت «انشر ما تدفع» في تقريرها السنوي في العام نفسه أنّها دفعت 22,722 جنيهاً استرلينياً لـ LOGI. وفي عام 2018 ذكر تقرير LOGI السنوي أنّ الجمعية تلقّت 5,108 دولارات من «انشر ما تدفع»، بينما تقرير الأخيرة السنوي لعام 2018 لم يذكر أنّه دفع شيئاً لـ LOGI. أمّا في تقرير LOGI السنوي لعام 2019 فقد ورد أنّ «انشر ما تدفع» دفعت للجمعية 16,556 دولاراً، بينما لم يرد أيّ تمويل لـ LOGI في التقرير المالي السنوي لـ «انشر ما تدفع» عن ذلك العام. وفيما لم تنشر LOGI بعد تقريرها المالي السنوي لعام 2020، يرد في التقرير المالي السنوي لـ«انشر ما تدفع» أنّها دفعت 113,457 جنيهاً استرلينياً لـ LOGI.

مع افتراض النية الحسنة، قد يجري تبرير هذا التفاوت بين أرقام LOGI و«انشر ما تدفع» بأنّ الأولى تُجَدوِل أرقام ميزانياتها على سنوات قادمة، فتوزّع مبالغ التمويل بحسب الحاجة التشغيلية للبرامج التي تنفّذها. لكن حتى في هذه الحالة، يجب على جمعية تقوم فكرة وجودها على الدعوة إلى «الشفافية» أن تلتزم قواعد صارمة في الوضوح والشفافية حول ميزانيتها، وتنشر كل ما تقبضه كما يُصرَف لها. حتى في خانة الأسباب المعلَنة للتمويل في تقارير LOGI المالية، يغيب التفصيل الشفّاف لأسباب تمويل كل برنامج أو مشروع تعمل الجمعية على تنفيذه، فتُستَعمَل عبارات عامة ومطّاطة في الوصف من قبيل «لدعم مشاركة المجتمع المدني» أو «دعم المحتوى المحلي»، وكأنّ نشر التقرير السنوي المالي هو لـ«رفع العتب»، لكي لا يقال إنّهم يدعون إلى الشفافية ولا ينشرون تقريراً شفّافاً.


لوري هايتايان

لوري هايتايان مديرة «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي هيئة رقابة عالمية في مجال الطاقة تركّز على موارد النفط والغاز في دول الجنوب. اشتهرت هايتايان بدورها كمنسقة عامة لـحركة «تقدّم» التي ينتمي إليها النائبان الفائزان في دائرة جبل لبنان الرابعة نجاة صليبا ومارك ضو. وكانت إحدى أبرز شخصيات «المجتمع المدني» في قطاع النفط والغاز في لبنان، حيث عملت سابقاً مع المعهد من أجل القيام بـ «إصلاحات» في قطاع النفط والغاز في الشرق الأوسط. كما تمت دعوتها من قبل مركز كارتر لمراقبة الانتخابات البرلمانية التونسية عام 2011، بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي في بدايات «الربيع العربي». ومنذ عام 2011، لعبت هايتايان دوراً في كونها مراقبة من قبل المعهد على البرلمانات العربية، والضغط من أجل «إصلاحات» في قطاعي النفط والغاز. كتبت هايتايان ورقة بحثية لصالح المعهد تتحدث فيها عن غياب الفائدة من استخراج النفط والغاز، مدعية أن الفوائد التي تعود على الاقتصاد اللبناني مبالغ فيها من قبل السياسيين وأن السوق الأوروبية لاستيراد النفط والغاز غير مشجعة، مشدّدة على أن لبنان يجب أن يستثمر في «الطاقة البديلة» بدلاً من ذلك.

في عام 2017، كتبت هايتايان مقالاً مفاده أنّ «لبنان أصبح منتجاً جديداً للنفط والغاز تحت أعين مجتمعه المدني الساهرة». في هذا التقرير، أوصت بأن يقوم المجتمع المدني اللبناني بتسهيل صياغة السياسة النفطية اللبنانية من خلال الحصول على مقعد ضمن «مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية» (EITI)، وتجاوز الحكومة لإصدار سياسات، لا سيما في قطاع النفط والغاز.


ديانا القيسي

تمثل ديانا القيسي المجتمع المدني في مجلس الإدارة الدولي لـ«مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية» (EITI)، وعملت سابقاً كمنسقة إقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ في مؤسسة «انشر ما تدفع» (Publish What You Pay) المتخصصة بالشفافية في القطاع النفطي، وهي أيضاً عضو مجلس إدارة في «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI). في كانون الثاني 2021، وبمبادرة من مؤسسة «انشر ما تدفع» تم تأسيس «التحالف من أجل حوكمة الطاقة» في لبنان. ويشمل التحالف، إلى جانب «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI)، «كلنا إرادة» ومبادرة «غربال» و«جمعية الشفافية اللبنانية». في أيلول 2021، في مقابلة مع صحيفة Arab News السعودية، أعربت القيسي عن رفضها لـ «بيع حزب الله للمشتقات النفطية بأسعار أقل من أسعار السوق». وأضافت أن الخطوة الطارئة التي اتخذها حزب الله تعني «ظهور كارتيل جديد يمتلك أسلحة غير شرعية ويبيع الوقود على أسس غير صحيحة».


كارول عياط

عملت كارول عياط في مجال الاستثمار المصرفي في مجال الطاقة، بخاصة في قسم تمويل الطاقة في بنك عودة. انضمت في تشرين الأول 2021 إلى معهد عصام فارس كزميلة رئيسية متخصصة في سياسة حوكمة الطاقة. قبل ذلك عملت مع بنك Goldman Sachs بين نيويورك ولندن ودبي من عام 2006 إلى عام 2011، وشهدت تلك الفترة ارتفاعاً في أرباح Goldman Sachs، وكانت البنوك الدولية تتطلع إلى خصخصة ما يقدر بنحو 300 إلى 400 مليار دولار من أصول المنطقة العربية. كان يُنظر إلى السوق المصرفية في العالم العربي على أنها صغيرة ومجزأة وتهيمن عليها البنوك التي تسيطر عليها الحكومات والعائلات، وكانت البنوك الكبرى تسعى للحصول على حصتها من هذه الأسواق. في مقال صدر في تشرين الأول عام 2021، بعنوان «استخدام الأزمة المصرفية كرافعة لإصلاح قطاع الكهرباء في لبنان»، دعمت عياط مطالبة صندوق النقد الدولي بقطع الدعم عن قطاع الكهرباء وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الطاقة، وفقاً لقانون عام 2002، والذي من شأنه أن يسرع مسار الخصخصة وسيطرة الشركات المالية على القطاع الذي تديره الدولة. كما كتبت عياط ورقة لـ «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في آذار 2021 حول حوكمة الطاقة، ونصحت الحكومة بعدم استخدام النفط والغاز، وهي خطوة من شأنها أن تضعف الدولة أكثر وضمنها مؤسسة كهرباء لبنان، التي تسعى مقترحات عياط إلى تحويلها إلى شركة مساهمة يملكها جزئياً المودعون في المصارف المتخلفة، بالإضافة إلى خصخصة القطاعات الحكومية الضعيفة الأخرى، وتحويلها إلى شركات مساهمة خاصة أيضاً. عياط هي عضو مجلس إدارة في «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI)، وتشغل شقيقتها كارن التي تعمل في مصرف Credit Suisse منصب المدير التنفيذي.



«صخرة سوداء» تجثم على مستقبل لبنان الاقتصادي

رند وهبة

الأسوأ في أزمة الديون اللبنانية لم يأتِ بعد. فخلال الانهيار الاقتصادي وتقاعس السلطات عن اتخاذ الإجراءات الحمائية اللازمة، انتقلت ملكية سندات الدين من أيد لبنانية إلى أيدي شركات إدارة الاستثمار وصناديق التحوّط الأجنبية بنسبة تصل إلى 40% من السندات التي كانت تملكها المصارف اللبنانية على أقل تقدير.

ورغم التعتيم الشديد والضبابية حول ملكية السندات، إلا أن ما ظهر في الإعلام يدل على أن شركة «بلاك روك» Blackrock هي أكبر مالك أجنبي للسندات. الحذر من هذه الشركة واجب خصوصاً أن مديرها للأسواق الناشئة والصناديق السيادية عامر بساط صرح بأن إعادة رسملة المصارف وتأميمها ممكن عبر إصدار سندات طويلة الأمد مؤمّنة بعائدات الغاز والنفط المستقبلية. تصريح الرجل - العضو في منصة «كلنا إرادة» التي تدّعي أنها تريد مستقبلاً لا فساد فيه للبنانيين، لا يتطرق إلى محاسبة المصارف، بل يريد إنقاذها عن طريق الثروة الوطنية الأخيرة، ويقترح إعادة السياسات نفسها ورهن آخر أمل اقتصادي للبنانيين لمزيد من الألاعيب المالية.


السياسة والمال

يعدّ مؤسس «بلاك روك»، لاري فينك، من أهم المؤثرين في الاقتصاد والسياسة، وتعتبر رسالته السنوية إلى المساهمين خريطة طريق استراتيجية يتبعها زبائن الشركة من مستثمرين ورؤساء شركات وسياسيين كبار وحكومات دول. فينك المقرب من الديموقراطيين، والذي كان يطمح إلى تولّي منصب وزير الخزانة في حال ربحت هيلاري كلينتون انتخابات العام 2016، من أكبر دعاة العولمة و«رأسمالية أصحاب المصلحة»، وهو الاسم الذي يطلقه على مؤشر (ESG البيئة والمجتمع والحكومة) الذي يقول إنه يجب أن يحكم القرارات الاستثمارية. طبعاً استثمارات الشركة تتناقض مع هذا المؤشر، إلا أنه مفيد لمهاجمة الخصوم الاقتصاديين.

على عكس كثيرين من أمثاله من الرياديين في عالم إدارة الاستثمارات، لم يأتِ فينك من عالم الاقتصاد أو التكنولوجيا، بل درس أساساً السياسة، ومنها دخل إلى عالم الأعمال. منذ بداية عمله كموظف، كان من ذوي العلاقات العميقة في واشنطن، وتتبع الشركة سياسة الباب الدوار مع الحكومات الأميركية، خصوصاً الديموقراطية منها. والمناصب لا تقتصر على الاقتصاد بل أيضاً تصل إلى الأمن القومي الأميركي. تداخل السياسة بالاقتصاد يدفع البعض إلى اتهام فينك بتشكيل حكومة ظل في أميركا، ويدفع آخرين إلى وصف «بلاك روك» بأنها أكبر «بنك ظل» في العالم، إذ يمتد تأثيرها على حكومات دول عدة منها فرنسا ونيوزيلندا والسعودية وألمانيا.


استثنائية «بلاك روك»

هناك عدد من عناصر القوة تتميز بها «بلاك روك» عن نظيراتها، الأمر الذي يجب أن يدعو اللبنانيين للقلق منها أكثر من غيرها من الشركات الأجنبية الحاملة للسندات. ومن هذه العناصر:

- حجم وانتشار برنامج حساب المخاطر الخاص بالشركة والمسمى بـ Aladdin، وهو يُستخدم في 65 دولة ويحلّل 6.5 مليون محفظة استثمارية، ويراقب 430 ألف تداول يومياً، بحسب التقرير السنوي للشركة عام 2019.

- حجم المعلومات الذي يمر عبر البرنامج وحده هو أفضلية معلوماتية استثمارية ضخمة للشركة. وبحسب مجلة «ذا إيكونوميست»، من غير المعلوم من يحق له الaاطلاع على حجم الداتا الهائل هذا، عدا عن كون عدد المستخدمين (مستثمرين أفراد، شركات، صناديق تحوط، مؤسسات حكومية، صناديق تقاعد) الذين يتبعون نصيحة وتحليلات البرنامج مهول، مما يضخّم من قدرة «بلاك روك» على تحريك الأسواق العالمية وتوجيهها وإدارتها. فوق كل ذلك، استحوذت الشركة على برنامج تحليل مخاطر آخر اسمه Efront يفسح لها سيطرة وأسواقاً أكثر من ذي قبل.

- الاستثمار الدائري: تملك «بلاك روك» أسهماً في شركات تستثمر في «بلاك روك» نفسها، مثل بنك دويتشه الألماني، ما يزيد من تأثير الشركة التي تلعب دور المستثمر والاستثمار مع عدد من شركائها.

- العلاقات السياسية: خصوم الشركة يتهمونها بأن علاقاتها السياسية تعطيها أفضلية في اتخاذ القرارات الاستثمارية بناء على المعلومات التي توفرها هذه العلاقات والسياسات التي تتمكن من تمريرها عبرها.

- قوة التصرف في أموال حزم الإنقاذ: منحت الشركة عدداً من أموال حزم الإنقاذ خلال الأزمات، أهمها أزمة 2008 وأزمة «كوفيد»، وتحوم الشكوك حول كيفية إدارتها لحزم الإنقاذ الضخمة هذه، إذ يتردّد أنها استخدمتها لإنقاذ استثماراتها، علماً أن حجم الشركة قفز بعد كل حزمة إنقاذ بشكل كبير.

- حجم الشركة ووزنها في السوق: حجم الشركة بحد ذاته محرك أساسي في الأسواق وهي اليوم تقارب الـ 10 تريليونات دولار وتعد أكبر شركة في العالم على الإطلاق.



لاري فينك من أهم المؤثرين في الاقتصاد والسياسة، وتعتبر رسالته السنوية إلى المساهمين خريطة طريق استراتيجية يتبعها زبائن الشركة

وهناك عوامل قوة إضافية لـ«بلاك روك» تتعلق بقطاع إدارة المحافظ ككل. فهو، على عكس المصارف، أقل تشريعاً وانضباطاً وتلفّه الضبابية والغموض، ما يعطيه حرية أكبر في التحرك والاستثمار. من الجدير بالذكر أن الشركة استولت في مراحل عدة على الأقسام الاستثمارية لعدد من المصارف أهمها «ميريل لينش». كما تعد الشركة من أعداء القطاع المصرفي التقليدي كما ورد في تقرير لـ The Intercept اتهم حملة هيلاري كلينتون بالهجوم على القطاع المصرفي لمصلحة الجيل المالي الجديد من شركات إدارة الاستثمارات الأكثر عدائية وضبابية وعلى رأسها «بلاك روك». وهناك عامل قوة آخر مرتبط بالقطاع ككل، هو الابتكارات المالية الأكثر مرونة والأقل كلفة التي تعرضها «بلاك روك» على المستثمرين مثل ishares، وهي خدمة صندوق تجارة تبادلي.


صناديق التقاعد، جبهة الاستثمار الأخيرة

عانت الدول اللاتينية من وحشية الاقتصاد الليبرالي الذي فرضته أميركا عليها بقوة الانقلابات العسكرية، وبحلول التسعينيات تمت خصخصة غالبية موارد هذه الدول لصالح الشركات الأجنبية، وفقدت السيادة على عملاتها ما قضى على الجزء الأكبر من مدخرات مواطنيها، ودمرت صناعاتها المحلية لصالح الشركات المتعددة الجنسيات. ترافق هذا مع تآكل لمستويات الدخل وارتفاع في كلفة المعيشة. هذا كله لم يكف الناهبين الدوليين الذين لم يقاوموا إغراء الانقضاض على آخر ملاذ وشبكة أمان للمواطن الجنوب أميركي المسكين، فبدأت من تشيلي بتحويل صناديق التقاعد إلى إدارات استثمارية خاصة، الأمر الذي انتشر في مختلف دول القارة. وهذه الإدارات تعمل على الاستثمار في شركات مثل «بلاك روك» وتوظفها للاستشارة الاستثمارية، ما أدى إلى تضخم أرباح هذه الشركات في وقت تتآكل تعويضات التقاعد. وفوق كل هذا، يجد موظفون ببدلات منمقة ومكاتب مكيفة في أميركا أنفسهم مخولين بالتشكيك بحق الموظف الجنوب أميركي في التقاعد في عقده السادس، وأن عليه العمل أكثر لينعم بتعويضه التقاعدي الذي ادخره، بينما يقطفون هم ثمار شقائه من دون جهد يذكر. هذه الإجراءات لا تقتصر على القارة الجنوبية، إذ إن الوصفة نفسها يطبقها إيمانويل ماكرون في فرنسا منذ ولايته الأولى، الأمر الذي يعزوه البعض إلى علاقته الخاصة بلاري فينك.


مستقبل لبنان الاقتصادي تحت ثقل السندات

نظراً إلى حجم السندات اللبنانية التي تمتلكها شركة بلاك روك، وحجم الشركة نفسها وقوتها في السوق، ونفوذها السياسي العالمي والإقليمي وتاريخها، على اللبنانيين القلق مما ستؤول إليه مفاوضات كتلة حملة السندات اللبنانية الأجانب، الذين وكّلوا شركة «وايت أند كيس» الأميركية لتمثيلهم.

الإشكالية الكبرى في قضية السندات أنها في الأساس طرحت بمعدلات فائدة مرتفعة وصلت إلى 14 في المئة عام 2019، ما يجعل عبء سدادها ثقيلاً وظالماً على الشعب اللبناني. أما بالنسبة لحملة السندات على المقلب الآخر، فهم لن يستطيعوا فرض السداد لعدم قدرتهم على توكيل شركات محاماة كبرى، وعليه يسارعون للتخلص من سنداتهم الأمر الذي يخفض من قيمتها أكثر، إلى أن وصلت عشية الانتخابات النيابية الأخيرة إلى 10% من قيمتها الاسمية بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ Bloomberg. علماً أن شركات إدارة الاستثمارات وصناديق التحوط لا تستثمر في السندات إلا في هذه المرحلة، وتطالب الدولة بالقيمة الكاملة للسندات التي اشترتها بأعشار ثمنها الحقيقي مع الفائدة المتراكمة، والدولة بدورها تضطر لحلول بمجملها تحمّل للمواطن في نهاية الأمر من خصخصة وتقشف وديون إضافية.

ومما يثير القلق أيضاً أن للشركة علاقات في الوسط السياسي اللبناني، منها أن عامر بساط تربطه علاقة قرابة برئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي يسرّ بساط لمعارفه وأصدقائه، منذ سنوات، بأنه ينظر إليه كقدوة، وهو عمل تحت إدارة نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية سعادة الشامي في صندوق البنك الدولي، وأشاد أخيراً بقيادة مديره السابق كنائب لرئيس الحكومة. خلال عمل بساط في صندوق النقد الدولي، ساهم في عمليات خصخصة الغاز والنفط في كل من أوكرانيا وروسيا، وشمل نطاق عمله مصر في نهاية حقبة التسعينيات، حيث انتهى المطاف بخصخصة حقول الغاز المصري لصالح شركات أجنبية، باعته إحداها للعدو الصهيوني بسعر أقل من سعر التكلفة. خلال السنتين الأخيرتين بدأ الاحتفاء بالدكتور بساط في منصات عديدة كخبير اقتصادي حول مفاوضات الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، وفي احدى المحاضرات التي أقيمت عبر الانترنت من قناة الجامعة الأميركية في بيروت، صرح بساط بأن عملية المفاوضات هذه وبرنامج الصندوق هو عملية سياسية بالضرورة، وأن مخرجاتها من الرابحين والخاسرين ستغير وجه لبنان السياسي الذي نعرفه منذ 100 عام وتحقق التغيير الذي «نطمح اليه جميعاً». وقد أشاد الرئيس نجيب ميقاتي ببساط في لقاء تلفزيوني أخيراً، وقال إنه يستشيره حتى في ساعات الفجر حول خطة التعافي المالي، علماً أن إحدى فروع الشركة متخصص في نصح الحكومات المتعثرة. فهل تكون هذه الاستشارات مدخلاً آخر للشركة للتحكم بمستقبل لبنان؟


«White and Case» محامو الشيطان

أعلن في نهاية أيلول الماضي توكيل مجموعة من حملة سندات اليوروبوندز اللبنانية من شركات ومؤسسات أجنبية كبرى شركة «وايت أند كيس» White and case للمحاماة لتمثيلها. وتضم هذه المجموعة كلاً من «بلاك روك» و«آشمور» البريطانية (تحوم الشكوك حول شرائها لسندات آذار 2020 ضمن عملية تلاعب) و«أموندي» الفرنسية، إلى جانب آخرين يحملون سندات بقيمة اسمية تقدر بـ 6 مليارات دولار. وكانت شركة المحاماة نشرت ورقة إيجابية النبرة حول العقوبات الأوروبية ضد لبنان كإجراء «يحارب الفساد». وبعد بدء المفاوضات مع الشركة، أصدر وزير المالية يوسف خليل تصريحاً حول المسألة لا يبشر بالخير، إذ رحب بمشاركة مجموعة حملة السندات في عملية إعادة هيكلة الديون حفاظاً على مصالحها.

حاملو السندات ينتظرون وقوع الفريسة

لطالما مثّل حاملو السندات كابوساً لأي دولة مدينة، لكن الأجانب منهم هم الأكثر انتهازية، لا تدعى صناديق التحوط بـ«صناديق النسور» من فراغ. فهي تشبه هذه الطيور الجارحة في الانقضاض على جثث فرائسها الاقتصادية من دون رحمة وتعتاش على الرمم بشكل خاص. في السابق، كان تسريب السندات إلى الخارج يتم بشكل أكثر فضائحية، كما عندما أعطيت جنسيات فرنسية وبريطانية لحملة السندات المكسيكيين في القرن التاسع عشر، ليتحول هؤلاء إلى دائنين أجانب يجلبون الاحتلال لبلادهم. حملة السندات اليوم ليسوا أقل دموية، إلا أن تحويلهم إلى أجانب أصبح مسألة أكثر سلاسة وسهولة، خصوصاً في وجود حاكم مصرف وجمعية مصارف ولجنة رقابة على المصارف تحتفي وتكرّم بعضها بعضاً.

أما محامي الانتهازيين في حالة لبنان، فهو الشركة نفسها التي وكلتها مجموعة حملة السندات الأرجنتينية الأجانب. هذا البلد الذي لم يتوقف حملة السندات عن إعاقة نموه منذ عقود، فلم يكفهم محاصرته والعمل على مصادرة أملاكه في الخارج، بل قادوا حملة منظمة على كريستينا كيرنشر التي حاولت توطين الاستثمارات الأجنبية التي اعتادت نهب الثروات وترحيل أرباحها إلى الخارج في محاولة جدية لإنقاذ الاقتصاد الوطني. في هذه الحملة اتهم الفاسدون الرئيسة بالفساد، ولُفّقت لها العديد من التهم أغربها أنها «باعت النظام القضائي الأرجنتيني للإيرانيين!». ومن بعدها جاء المخلّص الرأسمالي الرئيس ماكري الذي أخضع البلاد لصندوق النقد مجدداً وبدّد ثروة النفط الجديد (الليثيوم) لصالح الشركات الأجنبية التي قدم لها كل الإعفاءات الممكنة، حارماً بلاده المفقرة من أي عائد يذكر من هذه الثروة المنقذة.

نبذة عن محامي الشيطان

اختيار «White and Case» لم يأتِ من فراغ، فهي ذات تاريخ وباع طويلة في مفاوضات إعادة الهيكلة يعود إلى عام 1975 مع أزمة ديون إندونيسيا. أما علاقتها بعالمي المال والسياسة فأقدم من ذلك بكثير. فالشركة التي تأسست عام 1901 في نيويورك كانت تعمل مع الجمعيات المصرفية من البداية، وفي الحرب العالمية الأولى لعبت دوراً مساعداً لبنك JP morgan لبيع معدات الحرب لكل من فرنسا وبريطانيا، كما عُيّن أحد مؤسسيها في مجلس الحرب من قبل الرئيس وودرو ويلسون. وفي عام 1952 أصبحت الشركة تمثل «أرامكو» قانونياً، وفي عام 1990 افتتحت مكاتب في كل من موسكو وبراغ ووارسو لتلعب دوراً استشارياً في عملية النهب الهائلة المسماة بالخصخصة التي طاولت دول الاتحاد السوفياتي السابق.


عامر بساط

يقدّم عامر بساط، عضو مجلس إدارة «كلنا إرادة»، نفسه كخبير في الانتقال الاقتصادي والسياسي للبنان، وبالتالي كمستشار اقتصادي للمعارضة اللبنانية، إلا أنه مترسخ في النخبة اللبنانية على الجبهتين الاقتصادية والسياسية منذ زمن. على الصعيد الشخصي، تربط بساط قرابة عائلية بفؤاد السنيورة، وعلى الصعيد الاقتصادي السياسي، تدرّب بساط لدى زميله في صندوق النقد الدولي سعادة الشامي، نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال. كان بساط مستشاراً لصندوق النقد الدولي من عام 1991 إلى عام 1998، مع تركيزه على إصدار إرشادات استشارية حول السياسات المتعلقة بخصخصة أصول الدولة في البلدان النامية وجمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً. أصدر بساط ورقة سياسية عام 1996 بعنوان «متأخرات الغاز في أوكرانيا: القضايا والتوصيات المتعلقة بالخصخصة والتوصية بتسريع «الإصلاحات الهيكلية» في بلد ما بعد السوفياتي». بعد الفترة التي قضاها مع صندوق النقد الدولي، عمل باحثاً في Salomon Brothers، التي كانت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أكبر شركة تداول للأوراق المالية في وول ستريت والشركة التي ساهمت في ظهور سندات الرهن العقاري. بعد إدارته لاثنين من صناديق التحوط الرئيسية، أصبح بساط المدير العام للأسواق الناشئة والاستثمارات السيادية في Black Rock، عملاق الصناديق الانتهازية الذي يملك أكبر حصة من استثمارات صناديق التحوط الدولية والاستثمارات الأجنبية في لبنان.



حوكمة الموارد الطبيعية: انسوا الغاز

جوليا قاسم

نشر «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في آذار 2021 ورقة أعدّتها لوري هايتايان وكارول عياط بعنوان: «الحفاظ على الإنارة: خطة عمل قصيرة المدى لقطاع الكهرباء في لبنان». في خلفية الورقة، كان عقد مؤسسة كهرباء لبنان قد انتهى مع مورِّد الوقود السابق، سوناطراك، في كانون الأول 2020، ولم يتم تجديده بسبب استنفاد احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.

تحثّ الورقة، التي أتت استكمالاً لندوات أقيمت في معهد عصام فارس في أيلول وتشرين الأول 2020 حول مستقبل الطاقة في لبنان، على فتح أقسام للطاقة المتجددة في مؤسسة كهرباء لبنان وفي السوق اللبنانية، مع التشجيع على عدم الاستثمار المؤمم في قطاع النفط والغاز باعتبار أن إمكانات القطاع مبالغ فيها. تتشابه توصيات عياط لتحويل مؤسسة كهرباء لبنان إلى شركة مخصخصة مملوكة من المودعين والمستثمرين مع توصيات «غولدمان ساكس» لعام 2019 بشأن «إصلاحات» قطاع الكهرباء والتي كانت ترى أنه «من المرجح ألا يحظى إنهاء الحصول على الكهرباء المجانية بشعبية كبيرة وسيقاوم بشدة، لا سيما من سكان المناطق الفقيرة الذين يشكلون الدعم الشعبي الأساسي للأحزاب السياسية الرئيسية. في رأينا، قد يكون هذا مكلفاً سياسياً ومن المرجح أن يختبر تصميم وقدرة الحكومة على تقليص الخسائر في الأشهر والسنوات المقبلة».

تركيز NRGI على الصناعات المتجددة التي يتم تشغيلها بواسطة الكوبالت والليثيوم والمعادن الأخرى التي يتم الحصول عليها من بلدان الأنديز، لا يشمل لبنان حصراً. إذ إن المنح المقدمة من المعهد (NRGI) إلى مؤسسة GIZ الألمانية في كانون الأول 2019 تركز على «التعدين المستدام في بلدان الأنديز» وكان ذلك بعد شهر من إلغاء بوليفيا عقودها مع الشركات الألمانية التي وقعت عليها حكومة الانقلاب العسكري هناك. وبالمثل، ركزت المنحة المقدمة في نيسان 2019 من المعهد (NRGI) إلى جامعة بيركلي على استكشاف «المسارات المحتملة للسيارات الكهربائية وصناعات البطاريات للمساهمة بشكل أكثر فاعلية في الحكم الرشيد في مناطق إنتاج المعادن». والسيارات الكهربائية تعمل على الليثيوم، وهو السلعة الساخنة التي تزخر بها بوليفيا.



لوري هايتايان
لوري هايتايان


ديانا القيسي
ديانا القيسي


كارول عياط
كارول عياط


«صخرة سوداء» تجثم على مستقبل لبنان الاقتصادي
«صخرة سوداء» تجثم على مستقبل لبنان الاقتصادي


عامر بساط
عامر بساط


حوكمة الموارد الطبيعية: انسوا الغاز
حوكمة الموارد الطبيعية: انسوا الغاز


تعليقات: