وداعًا أيّها البوهيميّ الطيّب حسن العبدالله.
تركت أثرًا طيّبًا يسبح على أشعة ماء الدردارة التي أحبّتكَ حتى الغرق الأخير في صفصافها وتين مرجها.
كان الشاعر أستاذنا في مدرسة الخيام الرسميّة للغة العربيّة في صفوف المتوسط (نهاية الستّينيّات وبداية السبعينيّات). كان يتحفنا، بل يسقينا، من شعره قبل بدء الحصّة، كمن يعزف مقامًا موسيقيًّا يشبه الصلاة. أذكر القصيدة حول الراديو، والثرثرة العربيّة بعد الهزائم، التي يقول فيها: "أقلب إبرة المذياع .. يثرثر ذلك المجنون والأخبار كالعادة؛ نفس الصوت، نفس اللحن…". كنتُ أحبّ طريقته في التعليم، وحسّه اللغويّ الشفاف والشغوف، ما شجّعني على القراءة والمطالعة في متون الكتب المتوافرة في مكتبة الخيام..
لروحك الرحمة أستاذ حسن يا أجمل الشعراء. لقد قرّرتَ اللحاق بثنائي شعراء الخيام، عصام ومحمد العبدالله حيث الشعر هناك أكثر غموضًا وأقلّ جنونًا.. وداعًا أيّها الثلاثيّ المجنون؛ الجنون سرّ عبقريّتكم الشعريّة..
صدّقني يا حسن، بعد صدور ديوانك الشعريّ "الدردارة" كنتُ، ولمّا أزل، عند مروري بمرج الخيام، أو الوقوف على ضفّة الدردارة، لا أرى الطيور بل كلمات قصائدك تحلّق في الفضاء كالطيور، طيور الشعر، التي احتلّت فضاء الخيام وهواءها..
"لم يبقَ من شجرة التين.. سوى بقايا جذعها"..
"صامدون" على متون الكلمة، "ننزوي في ثياب" الشعر وديوان الدردارة ، ونذرف "دمعتين ووردة" على رحيلك.
سيشتاقك "أبو الحنّ" يا حسن..
تعليقات: