تذاكر الميدل-إيست أغلى من غيرها!

ارتفاع الأسعار لم يمنع المغتربين من التوجّه إلى لبنان (المدن)
ارتفاع الأسعار لم يمنع المغتربين من التوجّه إلى لبنان (المدن)


رغم انفراده بانهيار لا يُحسَد عليه، يلتقي لبنان مع باقي دول العالم تحت مظلّة تأثيرات تغيّر الأسعار العالمية، وخصوصاً أسعار النفط التي تتقلّب بفعل الحرب الروسية الأوكرانية. فأسعار المحروقات ارتفعت عالمياً ورتّبت مفاعيل طالت الأكلاف في القطاعين العام والخاص. ويحصد قطاع الطيران في العالم، نصيبه من ارتفاع تلك الأسعار ويُترجمه في ارتفاع أسعار تذاكر السفر.

غير أن فرادة لبنان، تنعكس تميّزاً خاصاً لشركة طيران الشرق الأوسط (الميدل إيست) التي بادرت باكراً إلى اعتماد الدولار بدل الليرة لاستيفاء أسعارها، فضلاً عن تحليق أسعارها مقارنة بشركات أخرى، عربية ودولية.


ارتفاع عام

ينتظر مطار بيروت انفراجاً لهذا الصيف، تحمله حركة الطيران المفترض بها إنعاش موسم الاصطياف. فحركة الحجوزات "تبشّر بالخير"، وفق ما يقوله لـ"المدن"، نقيب أصحاب وكالات السفر جان عبود. وبرأيه "عدد الحجوزات ارتفع، ويشمل كافة الدول العربية والأجنبية. وحركة الرحلات زادت بنحو 20 بالمئة عن فترات سابقة". ويشهد مطار بيروت وصول "نحو 17 ألف راكب يومياً، ويرتفع العدد إلى 20 ألفاً في شهر أيلول". على أن القادمين هم "مغتربون لبنانيون. فيما السياحة العربية تقتصر تقريباً على الأردنيين والعراقيين والمصريين". وينفرد الأردنيون بدخول أعداد كبيرة برّاً عبر سوريا.

تأتي الحركة مع ارتفاع أسعار تذاكر السفر. ويشرح عبود أن الأسعار يحكمها في الأصل "مبدأ العرض والطلب، وإذا زاد الطلب على المقاعد، يرتفع السعر". لكن مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً "بات هناك سبب إضافي لارتفاع الأسعار".

ويميّز عبود بين ارتفاع أسعار التذاكر بحد ذاتها، وبين ارتفاع أسعار النفط. وبالتالي "ما ارتفع هو كلفة المحروقات وليس سعر التذكرة". وبالتفصيل، فإن "السعر النهائي للتذكرة يتوزّع بين كلفة الطيران وثمن الوقود وضريبة المطار أو ضريبة الخروج. وثمن الوقود هو الذي ارتفع".

هذا الارتفاع أصاب كل شركات الطيران، والتي تشترك في آلية توزيعها لأسعار الحجوزات. إذ تقوم الشركات بعملية تعرف باسم "إدارة المحصول. يتم خلالها زيادة الأسعار بين 10 إلى 15 بالمئة عندما يرتفع الطلب على الحجوزات. وتالياً، تقوم شركات الطيران بتقسيم مقاعد الطائرة، فأوّل نحو 30 مقعداً، تكون بسعر منخفض، وعندما يتم حجزها، ترفع الشركة سعر تذاكر نحو 30 مقعداً إضافياً، ثم ترفع سعر المقاعد التي تليها".


الميدل إيست حالة خاصة

لا يحتاج المسافر إلى كل ذلك الشرح حول طريقة توزيع سعر التذكرة، فهذا أمر تقني من شأن شركات الطيران وحدها. فما يهمّ المسافر هو ما يدفعه ثمناً للمقعد. وما يدفعه حالياً يُعَدُّ مبلغاً مرتفعاً.

ومع ذلك، يختلف سعر تذكرة الميدل إيست بين 100 إلى 300 دولار مقارنة مع باقي شركات الطيران. وتتفاوت الأسعار بحسب المواسم. مع أن عبّود يؤكد أن أسعار الميدل إيست ليست مرتفعة كثيراً لأن الهامش المرتفع يقلّل قدرتها التنافسية، إلاّ أن المسافرين الذين يدفعون ثمن التذاكر، يؤكّدون الهامش الكبير بين الشركة اللبنانية والشركات الأجنبية.

أيضاً، تلجأ الميدا إيست إلى تبديل رحلاتها مع شركات طيران أخرى، وهو أمر معتاد بين الشركات حول العالم، لكن تكرار هذه العملية بوتيرة كبيرة، تثير ريبة المسافرين. إذ يحجزون مقاعدهم على طيران الشركة اللبنانية، بسعر أعلى من شركة أخرى، فيكتشفون بأنّهم سينتقلون عبر شركة طيران سعر تذكرتها أقل مما دفعوه للميدل ايست، وخدماتها على الطائرة أقل، وهُم تجنّبوا الحجز عليها في الأصل نظراً لعدم توفّر خدمات معيّنة، لتجبرهم لاحقاً الميدل ايست بالسفر عبرها.

وتحايل الميدل إيست على الواقع، لم يولد فجأة. فالشركة أعلنت في شباط 2020، حصر قبولها ثمن التذاكر بالدولار. ثم تراجعت عن القرار بعد موجة احتجاجات احتكمت إلى القانون الذي يمنع التسعير بغير العملة اللبنانية. لكنها في نهاية العام نفسه أعلنت اعتمادها الدولار، الطازج حصراً، وغير المحوَّل عبر المصارف. وكذلك، رفعت الشركة أسعارها حين إحضارها اللبنانيين من الخارج أثناء إقفال المطار بفعل انتشار فيروس كورونا في العام 2020.

وبرَّرَ رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت اعتماد الدولار، بأنه "غير مستعد لاستعمال "الكاش" المتوفّر لدى الشركة في ظل أزمة لا نعرف متى تنتهي". مع أنه، وفي ظل الأزمة، أحضَرَ للمبنى الجديد في المطار، تجهيزات ومفروشات من دبي، بنحو 5 ملايين دولار. واعتبر في نيسان 2021، أن ثمن التجهيزات "لن يكسر الدولة التي تكلّفت على المبنى نحو 20 مليون دولار". ويتسلَّحَ الحوت دائماً بأن الشركة تريد من الدولة نحو 120 مليون دولار، وكأن ديون الدولة للشركة يبرّر صرف أموال بشكل اعتباطي، أثناء هذه الأزمة.

الامتعاض من ارتفاع الأسعار سواء لدى جميع الشركات أو لدى الميدل إيست على وجه الخصوص، لم يمنع المغتربين من التوجّه إلى لبنان. وتنتظر مكاتب السفر الأسبوع الأوّل من شهر تموز لتبدأ تسجيل تسارع حركة الوفود التي ستتزايد خلال الأسبوع الثاني، وصولاً إلى شهر أيلول.

تعليقات: