الترسيم مدار مهاترات تشكيل الحكومة.. وميقاتي يُغضب حزب الله

رسالة قاسية من حزب الله إلى ميقاتي (عباس سلمان)
رسالة قاسية من حزب الله إلى ميقاتي (عباس سلمان)


ما بين ترسيم الحدود البحرية وتشكيل حكومة جديدة خيط رفيع، يحكم توازن العلاقة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من جهة، وحزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون من جهة أخرى. ولم يعد في الإمكان لبنانيًا فصل مسار الترسيم عن أي ملف آخر، سواء كان يرتبط بتطورات إقليمية، أو باستحقاقات داخلية تتعلق بتشكيل الحكومة، وقد تكون لاحقًا فاتحة مسار البحث عن تسوية رئاسية.


حليفان يوزعان الأدوار؟

حكوميًا أيد حزب الله ميقاتي ومنحه أصوات نوابه، فيما لم يسمِ نواب التيار العوني ميقاتي لرئاسة الحكومة. وقبل مدة أبلغ حزب الله الرئيس المكلف أنه يسعى إلى مساعدته في إنجاز تشكيل الحكومة، فيما فرض عون وتياره شروطًا على ميقاتي، لا يبدو أنه في وارد تلبيتها.

لكن هناك انسجام بين حزب الله والتيار العوني حول ترسيم الحدود. فجبران باسيل أكد على معادلة قانا في مقابل كاريش، وعلى استفادة لبنان من القوة التي يملكها، في إشارة ضمنية إلى حزب الله ومسيّراته. وموقف باسيل هذا لا ينسجم مع موقف رئيس الحكومة المكلف، ولا مع موقف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ولا حتى مع موقف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي عبّر عن تحفظه على توقيت إطلاق المسيرات.

ثمة معلومات تفيد أن الشروط العونية على ميقاتي في تشكيل الحكومة، يقابلها ميقاتي برفضه إعادة بو حبيب إلى وزارة الخارجية. وكان بو حبيب أول من استنكر إطلاق حزب الله مسيراته، وأعلن عن توقعه الوصول إلى حلّ معضلة الترسيم في أيلول المقبل.


رهان على دور أميركي

موقف بو حبيب، حسب مصادر متابعة، جاء نتيجة مهلة أميركية مُنحت للبنان مدتها شهران للوصول إلى إتفاق على الترسيم، لا سيما في ظل الإصرار الإسرائيلي على بدء استخراج الغاز في شهر أيلول المقبل، وتصديره إلى أوروبا. ومن الآن حتى أيلول يكون لبنان في حال انتظار ما تحققه التطورات الخارجية، واحتمال انعكاسها إيجابًا على الترسيم.

وبعدما قدّم لبنان مقترحه -التمسك بالخط 23 مع الإصرار على حقه في أن قانا من حصته- ردّت إسرائيلي باقتراح آخر: العودة إلى الخطّ المتعرج الذي ينطلق الخط 23 ويتعرج جنوبًا، ضامًا حقل قانا كاملًا، لينحسر بعده في اتجاه الشمال، فيُسحب من لبنان مساحة من البلوك رقم 8. وهذا يرفضه لبنان مطلقًا.

وتشترط تل أبيب أن يدفع لبنان ثمن الغاز الذي يستخرج من قانا، على اعتبار أن اسرائيل تنازلت عن حصتها فيه. وهذا موقف مرفوض لبنانيًا أيضًا. هنا يراهن لبنان، حسب مصادر متابعة، على دور أميركي قادر على حسم الجدل بالحصول على الخطّ 23 كاملًا مع حقل قانا. وقد يتركز الدور الأميركي على الوصول إلى حلّ قبل أيلول، تجنبًا لأي تصعيد.


حزب الله يلوم ميقاتي

انطلاقًا من هذا الرهان صدر الموقف اللبناني عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب: تبرؤ الحكومة اللبنانية من عملية إطلاق حزب الله المسيرات في اتجاه كاريش. وهذا ما استدعى من الحزب إياه إيصال رسالة قاسية إلى ميقاتي، تتضمن رفضه تصرفه بهذه الطريقة، التي تعني سحب المظلة الشرعية عن المقاومة.

ومن ما أبلغه حزب الله لميقاتي أن أعضاء كتلة الوفاء للمقاومة منحوه أصواتهم، ولا يمكن مقابلتهم بمثل هذا الموقف. بل على لبنان أن يستفيد من عوامل قوة حزب الله لتعزيز موقعه التفاوضي. أعاد الحزب عينه، إذًا، وضع شروطه السياسية على ميقاتي. والشروط هذه يحاول رئيس الجمهورية وفريقه الاستفادة منها في عملية تشكيل الحكومة: ممارستهم المزيد من الضغوط على ميقاتي، واتهامه بأنه يريد الحصول على وزارة الطاقة، لأن لبنان مقبل على اتفاقات واسعة في مجالات النفط والغاز والكهرباء.


معضلة تصدير الغاز

هكذا يستمر لبنان في انتظار ما تؤول إليه تطورات المنطقة. والمشكلة لا تنحصر بمسألة استخراج الغاز من عدمه، بل في كيفية تصريفه وتصديره. وهذه مشكلة أعمق من البدء في استخراجه الصعبة أصلًا.

وتطال مشكلة التصدير انخراط لبنان في شراكة شرق المتوسط أو عدمها. وانخراط لبنان في هذه الشراكة دونه عقبات سياسية واستراتيجية كبيرة محورها حزب الله. فموقف الحزب عينه هو الأساس الذي يؤدي إلى اتفاق أو إلى انعدام فرص الوصول إليه.

تعليقات: