صحافي برّأه القضاء من التعامل مع العدو.. والإعلام صامت

الصحافي محمد شعيب.. تم توقيفه في كانون الثاني/ يناير الماضي بتهمة التعامل مع العدو
الصحافي محمد شعيب.. تم توقيفه في كانون الثاني/ يناير الماضي بتهمة التعامل مع العدو


البحث في ملف الصحافي محمد شعيب، الذي تم توقيفه في كانون الثاني/يناير الماضي بتهمة التعامل مع العدو، يقود الى منشورات عن اعترافاته أمام الضابطة العدلية. وسائل إعلام قليلة جداً، تحدثت عن الإفراج عنه في نيسان/ابريل الماضي بقرار قضائي قضى بـ"إبطال التعقبات". لا تحديثات على الخبر الأول، ولا تصحيحات. لم تتحلَّ وسائل الإعلام بشجاعة التصحيح.

هذا ما دَانه شعيب في بيان نشره في صفحته في "انستغرام" اليوم. فوجئ كثيرون بأن محمد أُفرج عنه قبل شهرين. قد يكون موقع "جنوبية" من وسائل الإعلام القليلة التي نشرت تفاصيل براءته في المحاكمة في نيسان الماضي. ونشر يومها خبر الإفراج عنه بعد الإفراج عن ثلاثة قبله في ملف شبكات التجسس وتوقيف 17 شخص. كما نشر وقائع المحاكمة امام القضاء، وصولاً الى التأكيد أنه "لا يوجد جرم قد ارتكبه".

قال شعيب في بيانه اليوم إنه انتظر شهرين قبل إصدار البيان، وأكد أنه تم توقيفه لمدة ثلاثة أشهر "بتهم باطلة" وكان ضحية "هجمة إعلامية شرسة وظالمة" قبل الإفراج عنه بقرار "كفّ التعقبات"، وهي "أعلى مرتبة من أحكام البراءة".

بعد أسبوعين على القبض عليه ضمن ملف شبكة التجسس لصالح العدو، بثّت قناة "المنار" تقريراً عنه تضمن تحقيقات أولية معه. تم الكشف عن هويته، ما دفع مؤسسات إعلامية ثلاث كان يعمل معها، إلى التبرؤ منه.

في بيانه اليوم، دان شعيب الحملة ضده، ومن ضمنها نشر صوره وتفاصيل عن حياته، وإهمال أو الامتناع عن نشر خبر الإفراج عنه. بدا عاجزاً عن مواجهة المُشهّرين به، والمستمرين في الحملة ضده. توعد بمواجهتهم في القضاء، وهو الأدرى أن الدعوى القضائية لتحصيل الحق المعنوي، هدفها رد المظالم عنه.. وإعادة ترميم صورته أمام عائلته ومعارفه.. مع أن ذلك قد لا يحصّل له حقه مهنياً واجتماعياً.

وأزمة النشر والإحجام عن التصحيح، في ملف محمد شعيب وآخرين ثبتت براءتهم في ملفات جنائية عديدة، هي أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى. يمكن لأي وسيلة إعلامية أن تنشر خبراً، أو سبقاً، أو حتى اعترافات وتحقيقات حصلت عليها من مصادرها الأمنية والقضائية.. ذلك حق طبيعي في العمل الإعلامي، لكن لا يحق لها الامتناع عن نشر التصحيح والتحديث والمتابعة. في ذلك معضلة إنسانية ومهنية.

فالمتهم الذي تعرّض للتشهير به، يتعرض لإعدام اجتماعي ونفسي ومهني، قبل حتى صدور الأحكام القضائية. لا يقتصر ذلك على المشتبه فيهم في ملف العمالة، بل ينسحب على ملفات القتل والسرقة والنصب وغيرها... القاعدة الأساسية تقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

لا يطبّق معظم الإعلام هذه القاعدة. في العادة، يغلب السبق على التعاطي بمسؤولية مع قضايا النشر، كما تدخل السياسة والأجندات في تلك المعايير. عدم التصويب، هو إمعان في الإعدام، وممارسة غير أخلاقية تنطوي على جُبن، كما تنطوي على إمعان في الأذية. ولن يكون محمد شعيب آخر هؤلاء في غياب منظومة قضائية تحمي حقوق الأفراد وتسترد صورته الاجتماعية.

تعليقات: