المسيّرات تجدد شرعية السلاح.. بالترسيم أو من دونه؟!

يفترض حزب الله الآن أن إطلاقه المسيّرات أدى إلى نجاحه سياسيًا (Getty)
يفترض حزب الله الآن أن إطلاقه المسيّرات أدى إلى نجاحه سياسيًا (Getty)


هل يقترب لبنان فعلًا من إنجاز ترسيم الحدود مع إسرائيل؟ تحتاج مقاربة مسألة الترسيم إلى هدوء وإحاطة واسعة، تشمل تفاصيلها وتداعياتها. فهي استراتيجية الأبعاد، سياسيًا، أمنيًا، عسكريًا، اقتصاديًا، وماليًا.

في الأيام القليلة الماضية برزت مؤشرات إيجابية على لسان مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين. وفي الأسبوعين المقبلين يفترض أن يعود آموس هوكشتاين إلى بيروت، محاولًا الوصول إلى تفاهم في مهلة أقصاها شهر أيلول المقبل.


التنقيب والتصدير والأمن

لا يمكن فصل ترسيم الحدود عن غيره من الوقائع السياسية والاستراتيجية في الجنوب وفي لبنان كله. فالاتفاق يعني تكريس وقائع جديدة: إرساء تهدئة واستقرار أمنيين وعسكريين، لتأمين فرص وظروف استخراج النفط والغاز، وتوفير الظروف الملائمة للشركات النفطية كي تتمكن من العمل من دون تعرضها لأي أضرار. لذلك يرتبط الترسيم باتفاقيات ضمنية حول هدنة راسخة ومستدامة تمنع أي تصعيد عسكري.

وهناك من يعتبر أن إسرائيل تستعد لإنجاز اتفاقيات حول توريد غازها إلى أوروبا بقيمة 50 مليار دولار. وبالتالي، لا تحتاج إلى أموال من حقل قانا. ولبنان يحتاج بالتأكيد إلى توريد غازه. وهذا ما تسعى إسرائيل إلى الرهان عليه للضغط على لبنان، ودفعه إلى تقديم تنازلات. لذا، قد يكون البازار المفتوح حول طلب إسرائيل مبالغ مالية من لبنان جراء تنازلها عن مساحة من حقل قانا، على سبيل الابتزاز ورفع السقف.

وهناك من يضع المعادلة التالية: التفاوض كي يبدأ لبنان بالتنقيب للحصول على الغاز، مقابل بحث إسرائيل عن الأمن لتأمين عملية توريد الغاز.


المزارع والسلاح

ثمة من يعتبر أن إنجاز ترسيم الحدود البحرية، يليه تسجيله في الأمم المتحدة. ثم يبدأ التركيز على إنجاز ترسيم الحدود البرية، فتبرز معضلة مزارع شبعا. وهذه تجري مباحثات حولها في الكواليس وتتناول إنهاء الصراع. وكان أحد أعضاء الكونغرس الأميركي -وهو من أصل لبناني- أبلغ قبل مدة شخصيات لبنانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو أبلغه أن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، يجعل إسرائيل مستعدة للانسحاب من مزارع شبعا.

في هذه الحال هناك من يخرج قائلًا: هذا يؤدي إلى إنهاء حال الحرب بين إسرائيل ولبنان. وبذلك يفقد حزب الله أي ذريعة لتمسكه بسلاحه. ويتعرض إلى ضغوط كبيرة، داخليًا وخارجيًا، لفتح النقاش حول مصير سلاحه. هنا تذكِّر مصادر بصيغة ذُكرت سابقًا في التعامل مع معضلة المزارع: يحصل لبنان على المساحة المسجلة في الدوائر العقارية اللبنانية. وتحصل سوريا على مساحة مسجلة في دوائرها العقارية. والجزء الثالث الباقي يكون تحت رعاية قوات الأمم المتحدة (الإندوف) المولجة بهدنة الجولان.


المسيّرات والاتفاق والتطبيع

لا بد من تسجيل ملاحظات وأسئلة حول مرحلة ما بعد الترسيم: هل يؤدي الاتفاق حول الحدود البحرية إلى تطبيع اقتصادي؟ هذا ما تتخوف منه جهات عدة. ففي حال بروز حقل مشترك، لا بد من اللجوء إلى شركة دولية للتنقيب والاستخراج وتوزيع العائدات. وهذا أمر مرفوض لبنانيًا.

أخيرًا، يفترض حزب الله الآن أن إطلاقه المسيّرات أدى إلى نجاحه سياسيًا، والدليل: تفعيل المفاوضات، واستدراج هوكشتاين لزيارة لبنان. وفي حال حصول اتفاق يرضي الطرفين، على ما قال رئيس الجمهورية ميشال عون، يعني أن حزب الله سجل لنفسه انتصارًا. وهو يقول إن مسيّراته حققت الاتفاق، ويكون عون قد اختتم عهده بإنجاز.

أما في حال عدم الوصول إلى اتفاق، فقد يحصل توتر أو تصعيد. وهنا أيضًا يكون حزب الله هو اللاعب الأساسي في هذه المعادلة. وهكذا تتجدد شرعيته باعتباره يحمي الثروات الوطنية اللبنانية.

تعليقات: