للمرّة الأولى يخرج نصر الله مهددًا بإشعال حرب ضد إسرائيل
الجمعة 2022/07/15
نصرالله بعد كاريش: الحرب أولها كلام.. أو تسبقها الصفقة
increase
حجم الخط
decrease
مشاركة عبر
يترك المشهد الإقليمي والدولي المزدحم بالأحداث والمواقف، انطباعًا بأن منطقة الشرق الأوسط تقف على شفير حرب. لكن الواقع لا يبدو كذلك: الرئيس الأميركي جو بايدن في إسرائيل، قبل زيارته المملكة العربية السعودية. كلام كبير يدور حول البحث في إنجاز تحالفات إقليمية غايتها مواجهة إيران.
كلام في كلام
لكن هذا يظل موضوعًا كلاميًا لا أكثر، لزوم إنجاح الزيارة وإسباغ القوة عليها. الإسرائيليون يتحدثون عن التصدي لإيران، وانشاء تحالف إقليمي، أمني وعسكري، لمواجهتها. وهذا بدوره لا يضر إيران، بل يخدمها، فتندفع إلى المفاوضات بجدية أكبر بعد الزيارة، للتوصل إلى اتفاق. ومن لوازم المعركة أيضًا أن يتحدث الرئيس الأميركي عن احتمال اللجوء إلى عمل عسكري لمنع إيران من حيازة القنبلة النووية. والموقف هذا تفرضه إطلالة بايدن الإعلامية من إسرائيل.
إيران ونصرالله: تهديد غايته الاتفاق
على الجانب الآخر من هذا المشهد، تتصاعد المواقف على ألسنة مسؤولين إيرانيين. لكن الوضوح الأكبر جاء على لسان أمين عام حزب الله حسن نصرالله: ركّز على انتهاز الفرصة برهانه على الوقت، وعلى الحاجة الأميركية والإسرائيلية لتصدير النفط. للمرّة الأولى يخرج نصر الله مهددًا بإشعال حرب ضد إسرائيل. سابقًا كانت مواقفه دفاعية. ولربما هي المرّة الأولى التي يهدد طرف بوضوح ومباشرة بحرب ضد إسرائيل، منذ العام 1973.
لا داعي هنا للدخول في سردية المواقف الإيرانية التي تحدثت دائمًا عن الاستعداد لإبادة إسرائيل، وعن حاجتها إلى دقائق سبع ونصف الدقيقة. فموقف نصرالله جاء أكثر وضوحًا وجدية. لكن جديته تنطوي على ما هو ضمني: المسارعة إلى حلّ ترسيم الحدود، وإلا قلب الطاولة في المنطقة.
وضع نصر الله معادلة واضحة: لا استخراج للنفط من كاريش أو غيره، قبل بدء لبنان بالتنقيب في مياهه، ومن دون إنجاز ترسيم الحدود. ونصرالله تجاوز تهديداته السابقة. لكنها تهديده بإشعال حرب جاء في معرض السعي إلى اتفاق. خصوصًا عندما قال إن الوقت داهم ولا مجال إلا لإنجاز الترسيم قبل شهر أيلول.
أبقى نافذة مفتوحة إلى ما بعد أيلول، معتبرًا أن أكلافها مرتفعة جدًا. وموقف نصرالله جاء على وقع تسريبات إسرائيلية تتحدث عن تفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق مع لبنان. إذا كان هذا الكلام جديًا، يعني أن نصرالله التقط هذه المؤشرات وصعّد للوصول إلى الاتفاق في ما بعد، معلنًا مباشرة أن تهديداته تحمي الثروة، وأنتجت الترسيم وبدء التنقيب.
ألزم نصر الله نفسه بمهلة زمنية وبسقف مرتفع. لم يتخل عن مبدأ وقوفه خلف الدولة، تاركًا لموقفه هامش رفضه التوقيع على أي اتفاق كان. وهذا لزوم احتسابه احتمالات متغيرات داخلية أو خارجية.
الحرب أولها كلام
وضعت مواقف نصرالله الترسيم أمام احتمال من إثنين: إما إنجازه والبدء بالتنقيب. أو إبقاء التوتر قائمًا، والتدرج في عمليات أمنية وعسكرية قد تؤدي إلى مواجهة. وإعلانه عن استعداده لقلب الطاولة في المنطقة كلها، تتجاوز لبنان وأهدافه واستراتيجياته.
في سياق عرض موقفه، قال نصرالله إن أميركا لم تكن مهتمة بأي اقتراح لبناني، وتهديداته الأولى لدى وصول باخرة الاستخراج اليونانية دفعت هوكشتاين إلى زيارة المنطقة. وهذا انجاز يحتسبه حزب الله لنفسه. وبعد إرسال لبنان مقترحه الجديد، كان جواب إسرائيل وأميركا الهزء والسخرية، خصوصًا لدى مطالبة تل أبيب بالحصول على أموال لقاء تنازلها عن حقل قانا. وهنا اعتبر نصرالله أن إطلاق المسيرات، غير وجهة التفاوض، فأصبحت أميركا مستعدة لإقناع إسرائيلي بالقبول بمبدأ قانا مقابل كاريش، أو التنازل عن قانا من دون المطالبة بمبالغ مالية. وحاليًا يستدرج موقف نصرالله عرضًا اسرائيليًا وأميركيًا جديدًا أفضل. عندها يكون الحزب هو قد حقق إنجازًا، من دون أن يخسر هامش تحركه. عمليًا قد يكون هدف التصعيد الكلامي تحصيل الاتفاق فقط، والبدء بالتنقيب، بلا رغبة جدية بالذهاب إلى حرب.
في المقابل، يعتبر بعض معارضي حزب الله أن تهديدات نصرالله غير جدية، ويقدمون تصوراً سلبياً إزاء كل ما حصل: تريد إسرائيل الاحتفاظ بحقل كاريش. وهذا تحقق. والتصعيد هدفه، إذًا، التغطية على هذا التنازل. وطالما أن إسرائيل تحمي كاريش، لن تمانع منح لبنان ما يريده خارج هذا الحقل. ما يعني أن افتعال المشكلة هدفه التغطية على التنازل.
لكن نصر الله عاد إلى وضع معادلة جديدة: ما بعد بعد كاريش. ما يعني أن حزب الله لن يسلِّم، حتى بعد التوصل إلى اتفاق، طالما أنه لا يعترف لا بحدود ولا بحقوق إسرائيلية. وهنا نعود إلى معادلة: "الحرب أولها كلام، وإن اقتصرت على الكلام فقط".
تعليقات: