لا يزال حزب الله جديًا في احتمال ذهابه إلى حرب
أدت مواقف أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، إلى تقديم ترسيم الحدود على كل ما عداه من ملفات. مهلة الشهرين التي أعطاها نصرالله ضاغطة وحافلة بالتطورات والاستحقاقات المرتبطة بهذا الملف.
معادلة نصرالله الجديدة
لا يزال حزب الله جديًا في احتمال ذهابه إلى حرب أو مواجهة، في حال عدم التوصل إلى اتفاق على الترسيم والسماح للشركات الدولية بالبدء بالتنقيب عن النفط. ففي حال عدم السماح لها قد يطرح نصرالله معادلة جديدة: استقدام شركات لا تخضع للعقوبات، لتباشر العمل، وقد تكون روسية أو إيرانية.
بعد اللقاء الذي بين آموس هوكشتاين ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، برزت بينهما مواقف متناقضة. فهوكشتاين تحدث عن تضييق بعض الفجوات وتحقيق تقدم، وبدا متفائلًا، بخلاف ما جرى تسريبه عن وزيرة الطاقة الإسرائيلية التي اعتبرت أن الوسيط الأميركي لم يقدّم الأجوبة اللازمة التي ينتظرها الإسرائيليون من اللبنانيين. قد يكون ذلك توزيعًا للأدوار، أو نوعًا من المماطلة التي كان نصرالله متنبهًا لها، ونبّه الدولة اللبنانية منها. وبعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، يفترض بهوكشتاين أن يعود إلى إسرائيل لإجراء بحث تفصيلي في ملف ترسيم الحدود، فيما اللبنانيون ينتظرون عودته أيضًا. فهم تبلغوا منه قبل فترة أنه سيعود في الأسبوع الذي يلي زيارته إسرائيل والسعودية، في عداد الوفد الأميركي.
ضرورة حزب الله اللبنانية
حسب التأكيدات الأميركية، لا ترغب واشنطن بالتصعيد أو حرب. حزب الله ينطلق من هذا المعطى، باعتباره نقطة القوة لديه. فمعادلة نصرالله تضع إسرائيلي أمام خيار من إثنين: إما بقاؤها تحت سطوة حزب الله وقراره بما يتعلق باستخراج النفط والغاز وتصديره. وهذه عملية مهددة بشكل دائم. وإما تقديم تنازل والذهاب إلى ترسيم. وفي كلا الحالتين وضع نصرالله نفسه في موقع القادر على تحقيق أهداف سياسية ومعنوية وعسكرية.
إذا حصل تصعيد يكون مخالفًا للرغبة الأميركية والتوجه الإسرائيلي. فمصلحة اسرائيل يكرسها الحفاظ على الاستقرار وعمل شركات النفط لتصديره. أما إذا حصل توتر فستتأخر عملية الاستخراج والتصدير. وفي حال حصول التوافق والترسيم، يكون الإنجاز منسوبًا إلى تهديدات نصرالله. وفي الأحوال كلها يكرس حزبه ضرورته اللبنانية.
هناك احتمال آخر: السماح للبنان بإعادة التفاوض مع شركات الحفر والتنقيب، للبدء بالعمل بلا وصول إلى ترسيم الحدود. وهذا نوع من المماطلة وكسب للوقت، طالما أن لبنان لن يكون قادرًا على البدء بعمليات الاستخراج قبل حوالى 5 سنوات على الأقل. وهنا يكون حزب الله قد سجّل نقطة معنوية أيضًا، وإن لم تكن مقرونة بنتائج واقعية أو فعلية منتجة.
روسيا وإيران
وسط هذه الاحتمالات، يبقى الجنون أمرًا ممكنًا. وهذا قد يسري على الطرفين. فقد تجد إسرائيل أنها محرجة ومخنوقة إلى حد بعيد، إقليميًا ودوليًا وداخليًا، على وقع أزمتها الحكومية والسياسية، على أبواب التحضير لانتخابات برلمانية. لذا قد تنساق إلى مغامرة جديدة.
في المقابل، أي مواجهة عسكرية يخوضها حزب الله تعتبر لصالحه: أولًا، تكرس وضعه العسكري والسياسي. ثانيًا، تفتح له بابًا على آفاق جديدة تمكنه من فتح المعضلة اللبنانية على مصراعيها، للبحث في صيغة جديدة للبلاد.
لا يمكن فصل كل ما يجري عن سياق التطورات الإقليمية والدولية: الحرب الروسية على أوكرانيا. وكان نصرالله واضحًا في هذا السياق، فاعتبر أن تلك الحرب هي الفيصل في حاجة أوروبا الماسة إلى النفط. واستبق نصرالله بموقفه هذا زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران.
وهناك معلومات تفيد أن موسكو هي التي طلبت من طهران وحزب الله التصعيد إلى أقصى الحدود، لمنع اسرائيل من استخراج النفط وتصديره إلى أوروبا، قبل حلول الخريف. وذلك ليبقى بوتين قادرًا على التحكم بمسار الغاز المصدر إلى أوروبا، ولمنع توفير البديل. هذا أيضًا يبقي الوضع في حال استنفار قابل للانفجار في أي لحظة.
تعليقات: