سفارات لبنان وقنصلياته تستنزف الطلاب بالخارج وتبتزّهم

تكاليف خيالية لرسوم المعاملات في سفارات لبنان وقنصلياته (سفارة لبنان في موسكو، Getty)
تكاليف خيالية لرسوم المعاملات في سفارات لبنان وقنصلياته (سفارة لبنان في موسكو، Getty)


في موسم التخرّج من الجامعات يعاني أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج من ارتفاع تكاليف تصديق الشهادات والوثائق، وحتى من تجديد جوازات سفر أولادهم، لتُضاف أعباء جديدة على تكاليف معيشة أولادهم في الخارج وأقساط جامعاتهم. وليس الظلم اللاحق بهم في الداخل لاسيما من قبل القطاع المصرفي، سوى حلقة من سلسلة ممارسات مجحفة ترعاها الدولة اللبنانية بحق مواطنيها في لبنان والخارج. فسفارات لبنان وقنصلياته تستنزف الطلاب اللبنانيين بالخارج وتبتزّهم.


الدولة لا ترحم الطلاب

"نظام ظالم لا يرحمنا لا داخل البلد ولا خارجه". هذه العبارة تلخص حال كثير من أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج. وقد أتت على لسان أحد موظفي القطاع العام في لبنان الذي يعمل وزوجته في قطاع التعليم، ويجهدان لتوفير نفقات ابنهم لإتمام تعليمه الجامعي في الخارج. يقول ع.ص: يترتّب على إبني سداد نحو 600 دولار لتصديق شهادته في السفارة اللبنانية في روسيا. فكل ورقة من الشهادة تبلغ تكلفة تصديقها 60 دولاراً وتُضاف إلى تصديق عدة نسخ طبق الأصل عنها، بالإضافة إلى تصديق الشهادة الصادرة عن وزارة التربية والتي هي إلزامية، بالنتيجة يتوجب عليه ما لا يقل عن 600 دولار، في حين أن الطالب الروسي المتخرّج من الجامعة نفسها يختم الشهادات عينها ببضعة دولارات فقط (لكن بعملة بلده المحلية). ويسأل الوالد "ما الذي تقدّمه السفارة اللبنانية لأولادنا الطلاب في الخارج مقابل كل تلك التكاليف؟ وهل تقدّم لهم الخدمات أم تقتصّ منهم؟ وهل وزير الخارجية يعلم ماذا يحصل بالسفارات اللبنانية؟"

لا تؤمّن السفارات اللبنانية ولا القنصليات لطلابها في الخارج أي دعم من أي نوع كان. لا بل أكثر من ذلك، فهي تنفق على حساب الجاليات اللبنانية في الخارج. لكن يبقى السؤال لماذا لا تميّز السفارات اللبنانية والقنصليات ومن خلفها وزارة الخارجية بين أبناء الجاليات اللبنانية في الخارج، فتراعي الطلاب منهم على سبيل المثال، لاسيما أن بعض الدول ليس فيها من اللبنانيين سوى الطلاب. ألا يستحق الطلاب اللبنانيون دعماً من قبل دولتهم، أقله من خلال التخفيف من الاعباء الملقاة على عاتقهم، يقول أحد أولياء الأمور الذي يعاني لتأمين المصروف الشهري لابنه الطالب في بيلاروسيا بقيمة 400 دولار. ويقول ع.أ. إن تجديد جواز سفره يكلفه أكثر من 300 دولار، وتصديق كل ورقة من الشهادة بقيمة 60 دولاراً. وهي تكاليف مرتفعة جداً إذ لم تكن تتعدى تكلفتها في السابق 15 دولاراً.

السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج تعتاش من جيوب الرعايا اللبنانيين، ولا ترحم الطلاب منهم. كما لا تأبه السلطات في لبنان إلى أن لائحة الرسوم القنصلية الجديدة التي فرضتها وزارة الخارجية منذ مطلع شهر تشرين الثاني 2021، تطال الطلاب الذين تُحاصر المصارف اللبنانية حسابات أهاليهم في لبنان وتحتجز أموالهم، في حين تتهرّب أيضاً من تطبيق قانون الدولار الطلابي الذي ناضل أهالي الطلاب لإقراره، على الرغم من أنه منقوص ولا يساوي بين الطلاب، إلا أن المصارف لم تلتزم به وتتمنّع مراراً عن تحويل الأموال من حسابات ذوي الطلاب. ما يعني أن تلك الدولارات التي تستوفيها السفارات والقنصليات اللبنانية من الطلاب اللبنانيين في الخارج يتم شراؤها من قبل ذويهم في لبنان من السوق السوداء، في الوقت الذي تنتهك فيه المصارف حقهم في سحبها من حساباتهم المصرفية.


أسعار مضخّمة

ولا تكتفي السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج بفرض الرسوم والتعرفات المرتفعة جداً على الطلاب، لا بل منها من "يجتهد" ويفرض رسوماً إضافية لقاء التقدّم بطلب منها، على ما يفيد والد أحد الطلاب في روسيا. فتجديد جواز السفر لمدة عام واحد يكلّفه 60 دولاراً مع إلزامه تقديم طلب بتكلفة 120 دولاراً. فتصبح التكلفة الاجمالية لجواز السفر 180 دولاراً. هذا باستثناء تكلفة السفر من إحدى المدن الروسية إلى موسكو. أما تكلفة تجديد جواز السفر لسنوات إضافية 5 أو 10 سنوات، فإننا نتحدث هنا عن مبالغ كبيرة لا تقل عن 350 دولاراً.

ولا تقل تكاليف تجديد جوازات السفر وتصديق الشهادات والإفادات للطلاب في باقي الدول. ففي تشيكيا مثلاً تبلغ تكلفة تجديد الباسبور لمدة 5 سنوات 360 دولاراً. وفي كندا، تبلغ تكلفة تصديق كل إفادة بالقنصلية اللبنانية في مونتريال 73 دولاراً، وتصديق جواز السفر لمدة عام واحد يكلّف في اوتاوا 72 دولاراً. أما لمدة 5 سنوات فيكلف 360 دولاراً، و10 سنوات 720 دولاراً.

وليس ذلك فحسب، ففي لوائح الأسعار القنصلية الأخيرة، يتم اعتماد تسعيرتين. الأولى بالليرة اللبنانية والثانية بالدولار الأميركي. أما التسعيرة بالليرة اللبنانية فمحدّدة وفق سعر الصرف الرسمي أي 90 ألف ليرة على سبيل المثال لرسم تصديق كل ورقة من الشهادة الجامعية أي 60 دولاراً. أما اللافت في الأمر فهو رفض السفارات والقنصليات تقاضي أي عملة سوى الدولار الأميركي. لا الليرة اللبنانية مقبولة لديهم ولا عملة البلد المتواجد فيه الطالب. فالرسوم محدّدة بالدولار الأميركي حصراً. وهو ما يزيد مستوى الضغوط على ذوي الطلاب لاسيما منهم المقيمين في لبنان.

تعليقات: