حرّك حزب الله صواريخه.. فأعلنت أميركا رغبة إسرائيل بالاتفاق؟

نفذ حزب الله عملية خفية.. وتلقفها من يعنيه الأمر (Getty)
نفذ حزب الله عملية خفية.. وتلقفها من يعنيه الأمر (Getty)


تتقدّم المؤشرات الإيجابية في ملف ترسيم الحدود. نظريًا، واستنادًا إلى المواقف العلنية، كل ما يرِد عن هذا الملف يبدو إيجابيًا على الضفتين اللبنانية والأميركية. حتى على جانب الكيان الإسرائيلي، فإن رئيس الوزراء يائير لابيد أبلغ المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين، نية حكومته الوصول إلى اتفاق. مؤشرات التقارب تتخذ مجالًا أوسع من الملف اللبناني، استنادًا إلى المواقف العلنية. فلا بد من العودة إلى مواقف سبقت قمّة جدة، وإعلان عدد من المسؤولين الخليجيين عدم نية تشكيل تحالف أمني وعسكري ضد إيران. وكان لهذه المواقف صدى إيجابي ترك ارتياحًا في الإقليم.


أميركا تفاوض

عمليًا، لا أحد يريد التصعيد في المنطقة، على وقع أزمة عالمية. وإذا كانت أي حرب في المنطقة، هدفها إعاقة إيصال الغاز من البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، تلبية لمصلحة روسية للضغط على أوروبا، فإن الولايات المتحدة الأميركية لن تعطي روسيا هذه الفرصة، لأن غايتها إيصال الغاز. هذا الهدف هو الذي يدفع الجميع إلى البحث عن اتفاق وتسوية. لذا برزت المواقف الإيجابية حول احتمال اقتراب الوصول إلى اتفاق حول الترسيم في لبنان.

من المفترض أن يعود المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال الفترة المقبلة إلى بيروت. كذلك تشير معلومات إلى زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف إلى لبنان في منتصف شهر آب المقبل. وذلك للبحث في ملف الترسيم والرئاسة. وهناك معطيات لبنانية تفيد أن التفاوض ينحصر في المطالبة بالخط 23 إضافة إلى حقل قانا، من دون اقتطاع الجانب الإسرائيلي أي مساحة من البلوك رقم 8، ومن دون المطالبة ببدائل مالية لقاء التنازل عن حقل قانا. بذلك يصر لبنان على تحصيل 860 كلم زائد مساحة حقل قانا.


أشهر الحسم

طبعًا لا يمكن لأحد أن يملأ يده من الاتفاق. قد تستمر المناورات. لكن المؤشرات تفيد بتحقيق تقدّم. إلا أن حجم التحشيد الأمني والعسكري والتعبوي لا يزال ينذر بحصول انفجار، بنتيجة أي خطأ في التقدير. المؤشرات الإيجابية المستلهمة لبنانيًا في ملف الترسيم، تبدو مستمدة من مؤشرات إيجابية إقليمية، بعضها يرتبط بالمساعي لتجديد التفاوض الإيراني- السعودي، وسط معطيات تفيد برفع مستوى التمثيل بالشق الديبلوماسي، بدلًا من الشق الأمني. كذلك هناك مؤشرات حول احتمال تجديد التفاوض النووي بين إيران والولايات المتحدة، وهو بلا شك يفترض أن ينعكس على وضع المنطقة ككل.

بعض المتفائلين يعتبرون أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة. وقد يُحرز فيها بعض التفاهمات. فلا إيران تبدو قادرة على المزيد من التصعيد، وتسعى للوصول إلى اتفاق. ولا دول الخليج تريد التصعيد. أما إسرائيل فتعيش أزمة سياسية واجتماعية متعددة الأبعاد، تنطوي على انقسامات داخلية، وعدم بروز شخصية "قائد" لا في الميدان السياسي ولا في الميدان العسكري. وعلى قدر هذا الترهل، قد تخرج بعض القرارات الرعناء سعيًا لكسب شرعية أو لتثبيت وقائع. وهذا ما قد يؤدي إلى ما هو غير محسوب. أما في حال تحقق التقدم، فلا شك في انعكاسه على لبنان في الترسيم وغيره من الملفات، ومن بينها الاستحقاق الرئاسي.


فرنسا ومصر

إلى جانب الوساطة الأميركية في ملف الترسيم، برزت أدوار عدة لدول أوروبية وعربية للحفاظ على الاستقرار. فرنسا ومصر من أبرز المهتمين بهذا الملف:

الأولى، نظرًا لأهمية الغاز بالنسبة إلى أوروبا، مع إبداء استعداد شركة توتال للبدء بالتنقيب بعد انجاز الترسيم. ومصر، لأنها تشكل دولة محورية أو دولة ارتكاز في تصدير الغاز إلى أوروبا، ولا تريد حصول أي اهتزاز في أمن شرق البحر المتوسط.

حزب الله حرك صواريخه

هنا يكون حزب الله أحد أكبر الرابحين. ففي حال الوصول إلى اتفاق، يكون الحزب إياه هو الذي دفع إلى تكريسه، خصوصًا أن نصرالله أشار في خطابه الأخير إلى أن لا نية أميركية وإسرائيلية للترسيم، كي لا يستفيد لبنان. وبالتالي، بعد تهديده بالمعادلة العسكرية، نجح حزبه في فرض إيقاعه على ملف الترسيم. صحيح أن حزب الله لا يعترف بالخطوط والحدود والحقول، لكنه يكون قد حقق مكسبًا لبنانيًا، وينسب ذلك إلى استعراض قوته، بدءًا من إطلاق المسيّرات، وصولًا إلى عملية خفية قام بها وتلقفها من يعنيه الأمر.

تفيد مصادر متابعة أن حزب الله أجرى تحريكًا لبعض قطعات سلاحه، ولا سيما صواريخه الدقيقة، فأخرجها من مخازنها إلى فوق الأرض ووجهها نحو كاريش. وهناك قاعدة صاروخية أخرى وجهها إلى حقل آخر أبعد من كاريش. وذلك ليقول إنه قادر على استهداف أي حقل أو منصة لمنع تصدير الغاز. وتلقى حزب الله إشارة إلى أن الرسالة وصلت، فأعاد صواريخه إلى مخازنها، واتصل الأميركيون بالمسؤولين اللبنانيين لتفعيل الوساطة وإعلان نية إسرائيل تحقيق تقدم.

لكن لا بد من انتظار ما تحمله الأيام المقبلة. ففي حال حصل الاتفاق، يكون حزب الله قد حقق مكسبًا، وأمن غطاءً جديدًا لمعادلة سلاحه، مع احتفاظه به من دون السماح بنقاشه. وهذا طالما أنه لا يعترف بحدود وحقول، ويحمي الحقوق اللبنانية طوال مدة التنقيب، وصولًا إلى الاستخراج وحمايته. أما في حال حصل أي خطأ يؤدي إلى معركة عسكرية، فيكون حزب الله قد ربح سلفًا. وهذا الربح أبعاده سياسية في أي تسوية مقبلة.

تعليقات: