الكلّ تشارك في محاولة إخماد الحريق
حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم يعلن إخماد الحريق الذي اندلع في أحراج بعض قرى غربيّ عاليه وأتى على 20 ألف دونم من الأشجار الحرجية في عيناب. الحريق اندلع في وقت كان فيه وزير البيئة يحدد مواعيد لزيارة المحميات
عيناب ــ
من دون سابق إنذار، وفيما كان وزير البيئة أنطوان كرم يحدّد «برنامج زيارات ميدانية لغابات المحميات للاطّلاع على أوضاعها»، ويطالب بـ«مكافحة الحرائق من خلال تفعيل إمكانات الدفاع المدني البشرية واللوجستية ووضع حدّ للإهمال الذي يؤدّي إلى مثل هذه الكوارث البيئية التي تلتهم ثرواتنا الطبيعية التي تشكل كنز لبنان الأخضر»، كان المزيد من أحراج لبنان وإحدى أهم مميّزاته تندثر ضمن مسلسل الحرائق المتواصل.
محطة أمس كانت في قضاء عاليه، حين تحوّلت «عيناب»، إحدى أجمل بلدات لبنان السياحية إلى منطقة ملوّثة بدخان الحرائق المتصاعد من أحراجها الخضراء الخلابة. من بلدتي سرحمول وعين عنوب باتجاه عيناب صعوداً، تحوّلت المنطقة إلى قطعة سوداء متفحّمة في غضون ساعات قليلة، بعدما اندلعت النيران فيها وساهمت الرياح الشديدة باتساع رقعة الحريق الذي واجه عناصر الدفاع المدني صعوبات في إخماده بسبب وعورة الجبال وصعوبة الوصول إلى أماكن قريبة.
وفي التفاصيل أن الحريق نشب نحو الساعة الحادية عشرة من ليل أول من أمس في أحراج سرحمول وعرمون، واستمر حتى أمس، مطاولاً الأحراج الواقعة ما بين بلدات: البساتين ــ قبرشمون ــ سرحمول ــ عيناب. وقد سارع رئيس بلدية عيناب فؤاد الشعار إلى إطلاق نداء استغاثة إلى «المسؤولين والمعنيين، للعمل بكل الوسائل للإسراع في إخماد الحريق الذي بدأ يقترب من المنازل وخصوصاً من الحرج من جهة بلدة سرحمول». وقد فتح الشعار البئر الارتوازية في البلدة لسيارات الدفاع المدني، كذلك شارك الأهالي الذين يملكون سيارات مجهزة بـ«سيترنات مياه» ومضخات في عمليات الإطفاء، إضافة إلى عمال البلدية. وواجه الجميع صعوبة في عملهم بسبب عدم وجود الطرق الزراعية ووعورة المكان.
وقد شهد النهار الطويل عمليات كرّ وفرّ، إذ ما إن تسيطر الفرق على منطقة حتى تعود النيران وتشتعل من جديد. وأكثر ما كان يرهق الفرق العاملة على إخماد النيران ذاك الدخان الكثيف المتصاعد الذي سبب عمليات اختناق للمتطوّعين منعتهم عن العمل والمتابعة، وخصوصاً بعدما غطت سحابة كبيرة من الدخان أجواء المنطقة. ووصلت النيران إلى مشارف بلدة عيناب ولامست القاعة العامة فيها. وأتى الحريق على أكثر من 20.000 ألف دونم، تحوي على أشجار الصنوبر والأشجار الحرجية من سنديان وبلوط، كما قضى على مساحات واسعة من أشجار الزيتون المثمرة التي تشتهر بها تلك البقعة من سفح الجبل.
هذا الحريق نقل البلدة من حالة الهدوء التي كانت تميّزها إلى مشهد مختلف وكأنها ساحة معركة، تجنّد الأهالي مع البلدية لها فتوجهوا إلى الأحراج حاملين الرفوش والمعاول وأوعية الماء، في محاولة للحد من حجم الحرائق التي كانت تنتقل من جبل إلى جبل ومن تلة إلى أخرى.
وشارك في عمليات إخماد النيران عناصر الدفاع المدني الموجودون في المراكز القريبة في منطقة البنّيه ومدينة عاليه، إضافة إلى فوج التدخل الخامس للجيش اللبناني، ومشاركة من طوافات الجيش، كذلك طائرات الإطفاء القبرصية التي استأجرها النائب سعد الحريري حسب مصادر الدفاع المدني.
وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس رفض رئيس البلدية فؤاد الشعار أو مسؤولو الدفاع المدني الإعلان النهائي عن السيطرة على الحريق بسبب التخوّف من تجدد اندلاع النيران. فيما حضر عناصر من قوى الأمن الداخلي إلى مكان الحريق وباشروا التحقيقات لمعرفة أسبابه، وما إذا كان عرضياً أو مفتعلاً.
يبقى السؤال برسم الجميع: إلى متى تستمر هذه الكوارث دون حلول جذرية؟ وهل سيبقى من غابات حتى نحدد مواعيد زياراتها؟ ومن يعوّض هذه الخسائر المتكررة؟
تعليقات: