التباينات السياسية لا تفسد تعاون القوى الجنوبية حول القضايا التنموية (المدن)
تعيش القوى والمجموعات السياسية في الجنوب مخاض ما بعد الانتخابات لتشكيل أطر محلية، بغية التواصل مع مكونات شبيهة في باقي المناطق وتأسيس حراك وطني منظم (راجع "المدن"). حراك سياسي جنوبي بمستويات عدة، منه محاولة الحفاظ على إطار التعاون الانتخابي بين قوى سياسية متباعدة في وجهات النظر حول القضايا الوطنية، والذي تكلل بفوز النائبين الياس جرادي وفراس حمدان. ومنه أيضاً محاولات لتشكيل إطار سياسي بين قوى سياسية منسجمة في الرؤية السياسية، يتجاوز التعاون الانتخابي الذي كان قائماً.
تعاون انتخابي تنموي
على مستوى الحراك الأول، تواصل القوى السياسية التي تعاونت في الانتخابات وشكلت لائحة معاً نحو الجنوب، التنسيقَ المحلي رغم وجود التباينات السياسية بينها. وتعمل على تكريس إطار تعاون لما بعد مرحلة الانتخابات في القضايا المشتركة والاستفادة من النواب بما يتعلق بالقضايا التنموية المحلية التي تهم الجنوبيين.
إطار سياسي منسجم
على مستوى الحراك الآخر، بادرت إليه قوى سياسية مثل نبض الجنوب المنتفض، ومنظمة العمل اليساري، وعامية 17 تشرين، وشخصيات مستقلة، وانضمت إليه مجموعة من القيادات الشيوعية الوسطية، التي استقالت من الحزب الشيوعي مؤخراً. وتم تشكيل لجان تنسيق على مستوى أقضية الجنوب لوضع برنامج سياسي ورؤية سياسية مشتركة.
تعاون نيابي
أما في إطار الحفاظ على التعاون الانتخابي بين القوى غير المنسجمة في الرؤى السياسية فقد التقى بعض مكونات لائحة معاً نحو التغيير بالنائبين الفائزين على اللائحة فراس حمدان والياس جرادة لتنسيق الخطوات ودعمهما بمكتب استشاري قانوني واقتصادي. وجرى التباحث في ضرورة توسيع الإطار المعارض في الجنوب وفي البرلمان، واتفقوا على التواصل مع النواب المعارضين في الجنوب.
والتقت هذه القوى بنائب صيدا أسامة سعد، وستلتقي بالنائبين شربل مسعد وعبد الرحمن البزري، لتنسيق الجهود على مستوى الجنوب ولا سيما في القضايا التنموية. وتباحث المجتمعون مع النائب سعد بالمستجدات السياسية وسبل التعاون على مستوى الجنوب.
سعد ونواب التغيير
ووفق مصادر "المدن"، أبدى نائب صيدا استعداده للتعاون مع نواب التغيير في الجنوب في القضايا المحلية والتنموية، وكذلك مع تكتل نواب التغيير، بما يتعلق بالقضايا التشريعية التي تهم اللبنانيين، رغم أن لديه بعض الملاحظات عليه.
وأكد سعد أنه في حال أحسن نواب التغيير واتفقوا على اسم رئيس للجمهورية مستقل ولديه برنامج إصلاحي انقاذي للبلد ولا يخضع لا لإملاءات داخلية ولا خارجية، يتبنى ترشيحه. ليس هذا فحسب بل أكد للحاضرين أنه لن يمانع بالتصويت لهذا الرئيس الذي يختاره نواب التغيير، سواء قرر حزب الله أو القوات اللبنانية أو طرف آخر، دعمه للوصول إلى سدة الرئاسة.
تسرّع الحزب الشيوعي
رغم الإيجابية التي تتحلى بها مختلف القوى للحفاظ على هذا الإطار الجنوبي الذي تشكل قبل الانتخابات، إلا أن ثمة تباعداً بالقضايا الوطنية بين الشيوعي والمكونات اليسارية والديمقراطية. وظهر التباين مؤخراً في البيان الذي أصدره الشيوعي ضد النائب الياس جرادة. فقد اعتبر الشيوعي أن "اللقاء النيابي في مجلس النواب، تحت مسمى نواب مستقلين وتغييريين، محاولة لإجهاض المسعى المستمر لبناء أوسع إطار سياسي وطني للتغيير الديمقراطي..، وحضور جرادة اللقاء تشويه لمضمون التغيير الحقيقي وخروج عن البرنامج الانتخابي". ليس هذا فحسب بل منن الشيوعي النائبَ المنتخب من كل القوى الديمقراطية بالقول: "الشرعية الشعبية والوطنية تُعطى لمن يستحقها ولكن أيضاً تُسحب ممن ينكث بها".
واعتبرت باقي القوى السياسية أن بيان الشيوعي متسرع وفيه استفراد بالرأي. كما لو أن جرادة نائب الحزب ويريد منه أن ينسق معه كل كلمة قبل النطق بها. هذا فيما يعلم الجميع أن التعاون الانتخابي بني على اتفاق أن يكون المرشحون مستقلين وغير تابعين لأي جهة.
التباعد السياسي والائتلاف الجنوبي
ورغم أن تلك القوى لا تريد الانجرار لاشتباك مع الشيوعي على بيان متسرع، إلا أن المواقف المعبر عنها في البيان تكشف مدى التباعد السياسي بين الشيوعي والمكونات اليسارية والديمقراطية، المصرة على استقلالية النواب الجنوبيين ومواصلة التعاون النيابي مع مختلف النواب في القضايا التشريعية التي يستفيد منها اللبنانيون.
التباينات السياسية بين القوى المؤتلفة خلال الانتخابات تعيق الانتقال من التعاون الانتخابي إلى الائتلاف السياسي، لكنه لا يمنع التعاون في القضايا المحلية الجنوبية. لذا انتقلت بعض القوى اليسارية والديمقراطية إلى تشكيل إطار سياسي تحت اسم الائتلاف الجنوبي، الذي سيكون بين قوى منسجمة في الرأي السياسي وبمثابة إطار تنظيمي. ويفترض أن يبصر النور في الأسابيع المقبلة بعد الانتهاء من وضع برنامج سياسي. وسيكون لهذا الائتلاف مواقف واضحة حول استعادة الدولة وبسط سيادتها وصولاً إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية وعدم تحميل المجتمع اللبناني ثمن الانهيار الحاصل.
تعليقات: