حوار مع مؤسس نادي كوكبا الثقافي التنموي المحامي جوزيف الياس

 المحامي جوزيف الياس مع إمام علي حمدان
المحامي جوزيف الياس مع إمام علي حمدان


الإنماء حلم يراود الجنوب..

- مشكلاتنا كبيرة تمتد من 1948، إلى واقع الحال الصعب والمستقبل المجهول!

- كل من يود إكمال دراسته الجامعية من شبابنا عليه النزوح من بلدته إلى بيروت؟!

- هل توجد دولة في منطقتنا بدون وجود مؤسساتها التربوية والصحيّة والإنمائيّة؟!

مخطِّطٌ ناجح، انتدبته أبرشية صور المارونية ليمثلها كعضو في المجمع البطريركي الماروني الأخير. واختارته ليكون ممثلها كعضو في مجلس رابطة كاريتاس لبنان من العام 1998 – لغاية العام 2004. ومن بعدها عيّن رئيساً لهيئة منطقة الجنوب للتنسيق بين أقاليم كاريتاس فيها، وقد ساهم مساهمة فعّالة في إنماء المنطقة وخصوصاً أقضية مرجعيون وحاصبيا وجزين. هو أحد فعاليات منطقة الجنوب، شارك في العديد من المؤتمرات والأنشطة الاجتماعية والإنمائية ويسعى مع كل مسؤول لإنماء بلدته ومنطقته. إنه المحامي جوزيف الياس التقته «شؤون جنوبية» وبادرته بالسؤال عن أبرز نشاطات نادي كوكبا فأجاب:

للأسف الشديد، عندما قمنا بتأسيس النادي الذي غابته رفع المستوى الثقافي والاجتماعي والإنمائي لأبناء البلدة، واجهنا صعوبات كثيرة على أكثر من صعيد، فبداية العمل التطوعي تتطلب جهداً ووقتاً وكنا ما زلنا على مقاعد الدراسة ومن طبقة فقيرة فواجهتنا صعوبة تأمين المال لتنفيذ ما كنا نحلم به. ولكن عزيمة الشباب واجهت هذه المشكلة وتجاوزتها. والمشكلة الثانية، وكما في كل قرية، هي عدم التجاوب وعدم الإيمان بالعمل الاجتماعي والجمعيّات فبذلنا جهداً أكبر وبددنا هذه القناعة.

المشكلة الثالثة، السياسة المحلية وهي مرض يشبه مرض السرطان، إذ وبعد تحرير ما كان يسمى بالشريط الحدودي من العدو الإسرائيلي المحتل دخلت "السياسة المحلية" الضيّقة يأتلف معها جيل الشباب الصاعد الذي ومع الأسف أصبح يخضع لضغوطات الحياة الحديثة جداً كاللهو بالألعاب الالكترونية فيمضي ساعات وساعات من أوقات فراغهم يكرسونها لنشاطات ترفيهية ليس لها أي محتوى تثقيفي أو روحي يدفعه إلى التفكير والتأمل بهذه الدنيا ومشاكلها، وانصرف الكثير من هؤلاء الشباب للاهتمام بشؤونه الخاصة وسئم البعض الآخر من العمل التطوعي المجاني، وساهمت السياسة المحلية بزرع الفتنة، فتوقف النادي عن العمل ولا يزال، وأقولها وفي القلب غصة وحسرة. إذ إن مجتمع كوكبا بعد عام الألفين غير ذلك المجتمع الذي كان منذ الستينات ونهاية التسعينات.

الوضع التنموي لمنطقة العرقوب

* ما هي صورة الوضع التنموي لبلدة كوكبا الآن، وما هي أبرز المشاريع التي نفذت والموضوعة للتنفيذ؟

- بعد حرب التحرير ساهمت وبشكل فعّال بعض المؤسسات الأجنبية مثل البنك الدولي ومؤسسة "مرسي كور" ورابطة "كاريتاس لبنان"، والبعثة البابوية ودولة قطر وقوات اليونيفيل، بمشاريع إنمائية عديدة كبناء الجدران من الحجر بطريقة تجميلية، كما ساهمت البلدية الحالية بإنجاز شبكة جديدة لمياه الشفة، وبالاشتراك مع مؤسسة "مرسي كور" ثم إنشاء شبكة للمجاري ومحطة للتكرير، ولكن لغاية تاريخه لم تشغّل بعد؛ كما جرى تمديد شبكة للهاتف الثابت، وبعد حرب تموز قامت دولة قطر بترميم الكنيسة، وساهمت الوحدة الإسبانية في قوات اليونيفيل ببعض التجهيزات؛ كما قامت البلدية وبمساهمة من رابطة كاريتاس لبنان والبعثة البابوية والقوات الماليزية بحفر بئر ارتوازي في أعالي البلدة أما المشاريع الموضوعة للتنفيذ مستقبلاً فلا علم لي بها.

منطقة كوكبا والدولة.. بعد الحرب

* وكيف تنظرون واقعاً إلى وجود الدولة ومؤسساتها وخططها الإنمائية في منطقة العرقوب وخصوصاً بعد اندحار الاحتلال الإسرائيلي؟

- إن المنطقة الجنوبية عاشت حروباً متتالية على أرضها نظراً لحدودها مع العدو الإسرائيلي منذ العام 1948، فالحروب بدأت من الجنوب ونتمنى أن يكون السلام عاجلاً من الجنوب؛ لقد أهملت الدولة هذه المنطقة أكثر من أي منطقة لبنانية أخرى، فهي مثقلة برواسب ما جرى في السنوات السابقة ولا تزال ليومنا هذا، ولقد عانت منطقتنا كثيراً فقبل التحرير لم يكن فيها مستشفيات ومدارسها ابتدائية؛ ولا مشاريع إنمائية ولا وجود للمصانع لاستيعاب اليد العاملة، ولا وجود لأي فرع من فروع الجامعة اللبنانية فالراغب بمتابعة دراسته الثانوية كان ملزماً بالرحيل إلى العاصمة ويقتصر ذلك على بعض العائلات المقتدرة مادياً.

تفعيل المؤسسات للمستقبل

بعد حرب التحرير قام مجلس الجنوب ببناء بعض المدارس وقامت الدولة وبصورة خجولة من تأمين بعض المستشفيات التي تشبه المستوصفات. فدور الدولة على صعيد إنماء المنطقة لا زال حلماً متراجعاً، وعليها إن تركز على تفصيل المؤسسات. والمساعدة على تأسيس المصانع والمعامل وفتح فروع للجامعة اللبنانية ليبقى الجنوبي صامداً في أرضه.

وأجمل ما أختم به هذه المقابلة هو الفقرة الأخيرة من افتتاحية مجلتكم "شؤون جنوبية" في العدد الصادر خلال أشهر آب، أيلول وتشرين الأول 2006 بقلم رئيس التحرير على الأمين التي جاء فيها: "... رغم المرارة والحزن والقلق الفعلي ثمة اعتقاد راسخ في عقول الأكثرية الساحقة من اللبنانيين أن هذا الوطن يستحق دولة تليق بشعبه الذي قدّم الأمثولات في التضحية والشرف وفي قول كلمة الحق والمثابرة على التعبير عن الرأي الحر مهما كلّف الثمن. إنه شعب أثبت أنه يستحق الحياة".

جوزيف الياس

ولد في قرية كوكبا – قضاء حاصبيا، أنهى دروسه الابتدائية في مدرسة الرسمية، ودروسه الثانوية في ثانوية فرن الشباك الرسمية ونال شهادة البكالوريا بقسميها فرع الفلسفة. يحمل إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية. خدم في سلك المساعدين القضائيين في قصر العدل في بيروت طيلة 27 سنة حيث قدّم استقالته وانتسب إلى نقابة المحامين في بيروت ويمارس حالياً مهنة المحاماة.

وهو الشخصية الجنوبية المتعددة الوجوه والعاملة بجهد ومثابرة على أكثر من صعيد، فيه ترى المؤمن الملتزم والعلماني الصادق، ناشط اجتماعي من الطراز الأول، فهو واحد من مؤسسي النادي الثقافي الاجتماعي في كوكبا منذ العام 1964، تولى رئاسة النادي عام 1971 حيث أقام مهرجاناً ثقافياً واجتماعياً وفنياً شارك فيه العديد من الأدباء والشعراء والفنانين الكبار. وكان أول من اهتم بأطفال المنطقة وتلامذتها فتعاون مع الحركة الاجتماعية وفتح مدرسة صيفية لتعليم الطلاب وتحضير دروسهم وفروضهم الصيفية. وأقام المخيمات في أكثر من منطقة من لبنان، وبقي في هذه المسؤولية لغاية العام 2002.

 المحامي جوزيف الياس
المحامي جوزيف الياس


تعليقات: