سباق بين تسوية لم تنضج ظروفها وتعديل النظام

تضج الساحة السياسية بالأفكار وبالاستعداد لمراحل غير مبلورة بعد(Getty)
تضج الساحة السياسية بالأفكار وبالاستعداد لمراحل غير مبلورة بعد(Getty)


يبدو لبنان وكأنه في سباق مع الوقت بين الوصول إلى تسوية سياسية مرحلية تنتج رئيساً للجمهورية، وبين الذهاب إلى خيارات أخرى من بينها طروحات متجددة حول تغيير النظام السياسي اللبناني وإدخال تعديلات عليه.

تضج الساحة اللبنانية بأفكار سياسية متعددة، بعضها يشدد على ضرورة الوصول إلى تسوية وفق القواعد المعهودة للحد من الخسائر في هذه المرحلة ولانتظار تبلور مسار التطورات الإقليمية. فيما بعضها الآخر يشير إلى ضرورة الذهاب إلى تغيير جذري. ما بينهما ثمة من يستمر في رهانه على حصول إنهيار تام وشامل واستكمال مسار السقوط إلى حين توفر ظروف جديدة من شأنها أن تعيد تركيب كل شيء من الصفر.


سقوط صيغة الطائف

حتى الآن لا أحد في لبنان يمتلك تصوراً حقيقياً ودقيقاً حول آلية الدخول في مسار تعديل بنية النظام اللبناني، باعتبار أن هناك الكثير من القوى التي تعتبر أن صيغة اتفاق الطائف قد سقطت، ولا بد من الذهاب للبحث عن صيغة أخرى. صيغة غير واضحة ولا توافق حولها حتى الآن، إذ أن البعض يطالب بتعزيز وتوسيع اللامركزية المالية والإدارية، فيما البعض الآخر يشير إلى تخوفه من المثالثة، وغيرها الكثير من الأفكار التي تمثّل تابوهات بين مكونات "الشعوب اللبنانية".


لبنان والفاتيكان

برز قبل أيام كلام منقول عن لسان السفير البابوي في لبنان جوزيف سيبيتري. كثرت القراءات والتحليلات حوله. فاعتبر بعضهم أن السفير البابوي يركز على تمسك الفاتيكان بالصيغة اللبنانية قائلاً بحسب ما نقل عنه:" في الشأن اللبناني الداخلي، فإن لا شيء يمنع الدولة التي أنجزت الانتخابات النيابية الأخيرة بنجاح، من إتمام الانتخابات الرئاسية بحسب الاصول الدستورية." يعني ذلك تشديد الفاتيكان على انجاز الإستحقاقات في مواعيدها. وبالتالي عدم ترك مجال للفراغ الذي سيؤدي إلى مزيد من الإنهيار. وهذا يعني استعداد فاتيكاني للبحث مع القوى الدولية في كيفية الوصول إلى صيغة سياسية تنتج تسوية جديدة.

في المقابل، نُقلت أجواء أخرى عن السفير البابوي حول ضرورة الوصول إلى صيغة جديدة تنظم الإجتماع بين اللبنانيين، بفعل تحويل اتفاق الطائف إلى مناسبة للقفز فوق الدولة والدستور وبالتالي لا بد من الذهاب إلى صيغة جديدة. لكن هذا الكلام المنقول تنفيه مصادر قريبة من الفاتيكان مؤكدة أن الحرص الأساسي هو الحفاظ على الصيغة اللبنانية، وتضيف المصادر أن المقصود بكلام السفير هو التمسك باجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها لقطع الطريق على اي فراغ او مؤتمرات قد ينتج عنها تلاعب بالمناصفة والصيغة. أما ما يتعلق بالبحث عن صيغة جديدة فهذا مرتبط بإرادة اللبنانيين ومدى توافقهم.


استعدادات للمرحلة المقبلة

لا شك أن هذا الكلام سيلقى الكثير من الجدل في الداخل اللبناني بالمرحلة المقبلة، وسط معطيات تفيد بأن جهات متعددة من بينها حزب الله بدأت العمل على تحضير أوراق وأفكار واقتراحات للبحث بها على أي طاولة حوارية يفترض أن تعقد بالمرحلة المقبلة، حتى أن جهات أخرى تعمل على وضع الافكار التي تناسبها. على قاعدة أن الواقع اللبناني القائم اليوم لا يمكنه الإستمرار في ظل استمرار الشلل والإنهيار.


غياب السنة

ومما لا شك فيه أن حزب الله قادر على وضع أفكاره المتماسكة وسيكون قادراً على فرض جزء أساسي منها في ظل اختلال موازين القوى الداخلية والخارجية حتى الآن. حتى أن بعض المسيحيين لديهم أفكارهم حول الذهاب إلى اللامركزية الموسعة أو الفيدرالية أو غيرها. في هذه المعادلة يبقى هناك الغياب الكامل للسنّة، غياب في الحضور وعن التأثير.

أمام هذه الخيارات ثمة صيغة أخرى يعمل على بلورتها وليد جنبلاط، تتلاقى مع طروحات بكركي ومع طروحات الفاتيكان أيضاً وهي تركز على ايجاد تسوية قادرة على تسيير العجلة السياسية وتنفيذ بعض الإصلاحات للحفاظ على بنية النظام والكيان بدلاً من الغرق في الخيارات البديلة التي سيطول البحث عنها والإتفاق حولها.

تعليقات: