هل يؤشر غضب سجناء القبة إلى فوضى شاملة آتية؟

لا طعام، لا كهرباء لا مياه ولا أدوية كافية للمساجين في لبنان(Getty)
لا طعام، لا كهرباء لا مياه ولا أدوية كافية للمساجين في لبنان(Getty)


يسود الغضب في أروقة سجن "القبة" في طرابلس منذ أيام، على خلفية انقطاع المياه، قبل أن يبادر فريق الدفاع المدني لتعبئة خزاناته، بعد أن كادت صرخات السجناء تخرج عن السيطرة وتتحول إلى أعمال شغب وعنف وتهديد بانتفاضة جماعية.

وكان لافتًا دخول وزير الداخلية على خط السجال ردًا على اتهامات ذوي السجناء، إذ حمّله بعضهم مسؤولية انهيار البنى التحتية داخل السجون، فقال أمس: "أنا لا انزل إلى هذا المستوى من الكلام غير اللائق والمبني على الافتراءات والأكاذيب".

وعلّل مولوي موقفه بأن انقطاع المياه حصل لساعات قليلة فقط بسبب تعطل مولّد الضخ ويجري العمل على استبداله بآخر اليوم الأحد؛ في حين تؤكد معظم الروايات أن السجن يشهد انقطاعًا دوريًا بالمياه وكذلك بالكهرباء.


نموذج القبة

يوجد في سجن القبة أكثر من ٨٠٠ سجين، في حين قدرته الاستيعابية القصوى لا تتخطى ٤٥٠ سجينا. وإذا كانت لغة الردّ الرسمي تدل على تفاقم عجز السلطات في تحمل مسؤولياتها، فإن سجن القبة، لا يختلف عن بقية السجون، التي تفتقر للحد الأدنى من مقومات صون الكرامة الإنسانية. فلا أكل ولا مياه ولا مستوى مطلوب من النظافة ولا أدوية تغطي حاجة نزلاء السجون الذين يكتظون بغرف تتجاوز أضعاف قدرتها الاستيعابية.

لم تكن أحوال السجون على المستوى المفروض قبل بداية الأزمة . لكن منذ ثلاث سنوات تتكثف المؤشرات التي تبعث على القلق من أوضاعها. وهي تنذر بفوضى شاملة ووشيكة، خصوصًا أن أوضاع الحراس والامنيين تدهور إلى لمستوى خطير، وهم يطالبون بتوفير نفس الحقوق التي يطالب بها السجناء من خلف القضبان، بعدما أصبحت قيمة رواتبهم الشهرية أقل من ٥٠ دولاراً.


جرس الانذار

وبالتدقيق، يظهر أن ما تشهده سجون الضواحي والأطراف، هو ارتداد لصدى ما يشهده سجن رومية، أكبر السجون اللبنانية في بيروت، حيث تتكثف المعاناة من انهيار البنى التحتية وتراجع الرعاية الصحية والغذائية للنزلاء.

ويؤكد بعض السجناء الذين تواصلت "المدن" معهم، أن الأوضاع المعيشية بلغت مرحلة خطيرة، مقابل تصاعد حالات الإدمان على الحبوب المخدرة، وعجز الأهالي عن تغطية نفقات أبنائهم غذائيًا وصحيًا. ويبدو أن الشغل الشاغل للسجناء هو ابتكار أساليب جديدة من العصيان والتمرد، رغم خوفهم من مجابهتهم بالعنف. لكن "ليس لدينا ما نخسره بعد فقدان الأمل بالعفو العام أو التسريع بالمحاكمات، ونحن ننام فوق بعضنا ونأكل أسوأ الطعام ونستحم بمياه غير نظيفة ولا نجد من يداوينا".

وواقع الحال، يحمّل كثيرون السلطات مسؤولية كل ما يحدث أو قد يحدث بمستوى أكثر خطورة داخل السجون. فإذا كانت الدولة اللبنانية غير قادرة على رعاية سجنائها بما يتلاءم مع الحد الأدنى لمعايير حقوق السجين عالميًا، لماذا لا تتخذ خطوات غير مكلفة كالإسراع بالمحاكمات؟

هذه الإشكالية، مرتبطة بحلقة متكاملة من الأزمات، سياسيًا وقضائيًا، خصوصًا أن قصور العدل والمحاكم بحالة شلل منذ أشهر طويلة، تعمقت أكثر مع إعلان القضاة مؤخرًا الإضراب المفتوح.

يدق جرس الإنذار من خلف أسوار السجون، وبعض المشاهد مدعاة للقلق بدءا من الغضب جراء المطالبة بالمياه والغذاء والدواء، وليس انتهاء بمشهد الفرار من الزنزانة الواقعة قرب مبنى الأمن العام تحت جسر العدلية في بيروت قبل نحو أسبوعين.

تعليقات: