منتزهات الحاصباني المكتظة بروادها
نفضت غبار عدوان تموز وتأمل بوضعها مجدداً على الخارطة السياحية..
تشهد منطقة حاصبيا هذه الأيام كغيرها من المناطق السياحية في لبنان حركة ناشطة لم تعرفها منذ زمن طويل بفعل توافد الزوار من كل حدب وصوب للإستمتاع بجمال طبيعتها الخلابة وتنشق هواءها العليل الذي يفوح بعبق زهر الليمون والكينا والتعرف على المواقع والأماكن الأثرية فيها والتي لا تقبل أهمية عن اثارات صيدا وصور وجبيل وفي مقدمها السراي الشهابية وقلعة الهبارية وسوق الخان وغيرها من معالم أثرية·
الحركة السياحية في منطقة حاصبيا بدت في أوجها مع حلول الصيف لهذا العام وفق ما تؤكده الأوساط المعنية في هذا الشأن حيث ان الإستقرار الأمني والسياسي اللذين بدأ ينعم بهما لبنان ولو نسبياً منذ مؤتمر الدوحة وحتى اليوم كان لهما وقعاً إيجابياً على هذا القطاع وفي هذه المنطقة بالذات وخاصة في المنتزهات والمقاهي والمطاعم المنتشرة على طول ضفتي نهر الحاصباني انطلاقاً من رأس النبع وحتى جسر الشقعة·
منتزهات الحاصباني التي ذاع صيتها في كل اتجاه مشلوحة في واد ضيق يحميه جبل الشيخ شرقاً وجبل الضهر غرباً تظللها أشجار الكينا والحور والدلب والزيتون المعمرة تمكنت بعد عامين من عدوان تموز ان تنفض عنها غبار الحرب وتزيل ما لحق بها من خراب ودمار لتستعيد بذلك جزءاً من ماضيها العريق فتعود كما كانت في سابق ماضيها وعزها من أهم واجمل المناطق السياحية ليس في الجنوب فحسب بل في باقي المناطق اللبنانية الأخرى نظراً لما تتمتع به من مواصفات ومزايا جمالية وتراثية تنفرد بهما عن غيرها·
منتزهات الحاصباني تغص اليوم بعشرات الوفود من الزوار والسياح المحليين والعرب والأجانب مستفيدة أيضاً من الهدوء الأمني الذي يسود جانبي الحدود بين لبنان وفلسطين سيما وأن هذه المنطقة عند تخوم مزارع شبعا المحتلة وهذا الإسترخاء الأمني فرضه الإنتشار الكثيف لقوات اليونيفل في أعقاب حرب تموز وشكل في الوقت نفسه متنفساً لهذه المنتزهات التي باتت تعج بصورة شبه دائمة بحركة ضباط وجنود هذه القوات لتمضية أوقات اجازاتهم وتذوق المأكولات اللبنانية·
اصحاب المنتزهات في حوض الحاصباني يعولون كثيراً على هذا الموسم منذ بدايته حيث أنه كسر الجمود المخيف الذي تحكم بهم لسنوات وسنوات آملين من الدولة ان تقرن القول بالأفعال وان تقوم بما هو مطلوب منها تجاه هذا القطاع ولو بالحد الأدنى من خلال دعمهم ومساعدتهم على تخطي الصعوبات التي تعترضهم وهي عديدة ومتعددة كما يقول صاحب ومستثمر منتزه "نبع البحصاصة"·
أمين الحمرا الذي يعتبر ان النشاط السياحي اليوم هو من أبرز النشاطات المعتمدة في الدول النامية والمتطورة وهو عاملاً أسياسياً في تحريك وتنمية الدورة الإقتصادية فيها كما وأن نجاح أي منطقة سياحية يعتمد في جزء منه على طريقة تسويقها وايصالها الى المستهلكين السياح بصورة صحيحة ومنتظمة لانه في غالب الأحيان تكون زيارة السياح عرباً كانوا أم أجانب لأية منطقة في لبنان بفضل الحملات الإعلانية الناجحة التي يروجها البعض لذا يجب على الدولة ان تعي مسؤولياتها تجاه هذا القطاع وان تكون منصفه في كافة المناطق السياحية في لبنان لتأخذ كل منطقة حقها في هذا المجال وتساءل الحمرا لماذا لا تدرج منتزهات الحاصباني على الخارطة السياحية ولماذا لا تقوم وزارتي السياحة والإعلام بالدور المطلوب من كلاهما وتخصيص برامج وفقرات اعلامية واعلانية لجميع المناطق اللبنانية دون استثناء علها تتمكن من خلالها توجيه وارشاد السياح باتجاه هذه المناطق·
ويشير الحمرا الى أن الحركة السياحية خلال هذا الموسم فاقت كل التوقعات والحجوزات متواصلة على مدار الأسبوع طغت عليها مناسبات الافراح والزواج تزامناً مع عودة كثيفة للمغتربين بدأت منذ بداية تموز الفائت ويعزو سبب هذا الاقبال الكثيف الى التسهيلات والتقديمات التي يلاقيها زواره بهدف استقطابهم على الدوام·
الحمرا شكا من التقنين العشوائي للتيار الكهربائي الذي تخضع له المنطقة منذ فترة طويلة وهذا ما يرتب اعباء اضافية لإضطراره استخدام المولدات الخاصة في ظل ارتفاع جنوني لأسعار المحروقات كما طالب الحمرا وزارة الأشغال العامة والنقل تأهيل وتعبيد الطرقات الرئيسية التي تربط حاصبيا بباقي المناطق اللبنانية لتسهيل حركة الزوار· من جهته رئيس بلدية حاصبيا كمل أبو غيدا يرى أن مستقبل حوض الحاصباني يتوقف على مدى تفعيل وتطوير قطاع السياحة والإصطياف فيه وليس على القطاع الزراعي كما يتصوره البعض مؤكداً الى المقومات والمواصفات التي تتميز بها هذه المنطقة وغناها بالمواقع والاماكن الأثرية القديمة تؤهلها بان تكون في طليعة المواقع السياحية في لبنان ويضيف أبو غيدا انطلاقاً من هذا الواقع وضعت بلديتنا قطاع السياحة في سلم أولوياتها واعدت مشروعاً ضخماً من شأنه تحويل نبع الحاصباني والمنطقة المحيطة به الى منتج سياحي بمواصفات عصرية تمكن المنطقة من ادراجها على الخارطة السياحية الدولية حيث أن هذا المشروع بحسب أبو غيدا يتضمن مشاريع عدة تتكامل مع بعضها البعض وتمتد على مساحة 15 كلم2 والعمل جار على قدم وساق من أجل تنفيذ هذا الحلم من خلال التعاون ما بين البلدية ومؤسسات محلية ودولية بينها مؤسسة ميرسي كور ولفت أبو غيدا الى أن الدراسات والخرائط قد اعدت من قبل فريق من المهندسين والخبراء السياحيين وباتت جاهزة للتنفيذ متى تأمنت الاعتمادات اللازمة ولفت أبو غيدا الى ان السراي الشهابية وسوق الخان وبعض المواقع الاثرية الاخرى تدخل ضمن هذا المشروع الذي يغني المنطقة ويؤمن فرص عمل لأكثر من 300 شاباً وشابة من أبناء المنطقة كما وأن هذا المشروع سيحدث صدمة إيجابية قد يمكن البلدية من خلق مشاريع أخرى من المحيط ربما تصل الى قصر شبيب في أعلى قمم جبل الشيخ حيث تجلى السيد المسيح وامل ابوغيدا ان ينجز هذا المشروع الحلم اليوم قبل الغد لما له من انعكاسات إيجابية علي هذه المنطقة التي عانت الكثير من الاهمال والحرمان منذ أمد بعيد·
من جهته الأمير منذر شهاب شكا من الاهمال الكبير اللاحق بالأماكن الاثرية في منطقة حاصبيا وخاصة بالنسبة للسراي الشهابية التي يشغل احد اجنحتها ويقول منذر ان هذه القلعة تعتبر من اهم المعالم الأثرية في الجنوب وربما في لبنان أيضاً نظراً ما تحويه من آثار ونقوش ومعالم يعود بعضها الى العهد الصليبي وهذ الوحيدة التي تحمل أكبر قنطرة حجرية بين القلاع والمواقع الأثرية المنتشرة في الشرق قاطبة·
ويضيف شهاب الى أن وضع السراي اليوم في حال يرثى لها بالرغم من دخولها ضمن المواقع الأثرية التاريخية في لبنان بموجب مرسوم جمهوري صدر في العام 1957 إلا ان اهمال الدولة وتقصيرها تجاه هذه الصرح بالرغم من أهميته التاريخية والحضارية جعله يفقد الكثير من معالمه حتى أن بعض الأجنحة باتت متداعية ومهددة بالإنهيار وهذا يتطلب خطة انقاذ سريعة من قبل مدرية الأثار لمعالجة الوضع قبل حصول الكارثة وكشف شهاب ان غياب الدول واهمالها المتعمد تجاه السراي اضطرنا الى اعادة ترميم الاجنحة التي نقطنها على نفقتنا الخاصة دون مساعدة احد·
ولفت منذر الى أن السراي ونظراً لأهميتها الاثرية والتاريخية باتت محجة للزوار والسياح العرب والاجانب فلو قدر لوزارتي الثقافة والسياحة بالتنسيق مع مديرية الاثار من وضع خطة صحيحة تنظم استقبال هؤلاء الزوار كما يجري في المواقع والأماكن الاثرية الاخرى لتمكنا من المحافظة على هذا المعلم الاثري واعدناها الى سابق عزها ومجدها كمزار تاريخي وثقافي وسياحي هام في هذه المنطقة·
تعليقات: