موت وأزمة طعام في رومية: الأمن الداخلي يستهجن!


بلغت الأزمات المتراكمة في سجن رومية مستوى خطيرًا من الصراع غير المعلن بين نزلاء السجن وإدارته، وظهر أخيرًا جراء وفاة اثنين من المرضى في أسبوع واحد. وتفيد المعلومات عن وفاة مريض آخر ليلة أمس، في حين يقول مصدر رسمي في قوى "الأمن الداخلي" لـ"المدن" أن ثمة حملة ممنهجة ضد إدارة السجون التي يسهر عناصرها على رعاية السجناء وتوفير كل ما يلزمهم.

في هذا الوقت، وجه موردو المواد الغذائية لصالح سجون رومية ونساء بعبدا وزحلة وطرابلس، اليوم الخميس، كتابًا تحذيريًا إلى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، يتعلق بضرورة تأمين الأموال لهم للاستمرار في تسليم المواد الغذائية. بينما يقول المصدر الرسمي لـ"المدن" إن هذا الموضوع قيد المعالجة حاليًا، ولن يسمحوا بقطع تزويد السجون بالطعام.

وشكا الموردون في بيانهم، من تأخر تأمين الأموال اللازمة لهم لتأمين المواد الغذائية لمدة تزيد عن السبعة أشهر، رغم الوعود المتكررة بتأمين صرفها كمقابل لتأمين المواد الغذائية لإعاشة السجناء. واعتبروا أن ما وصلوا إليه قد يمنعهم من تأمين المواد المطلوبة منهم و"خصوصاً في الظروف الصعبة التي يمر فيها وطننا والتغيير المستمر لسعر صرف الليرة".

وبلغة تحذيرية قالوا: "نطلب من حضرتكم الإسراع في تأمين الأموال اللازمة لتأمين المواد الغذائية لإعاشة السجناء حتى لا نضطر للتوقف عن تسليمكم أيًا من المواد الغذائية، بدءًا من الأول من شهر أيلول المقبل كوننا لم نعد نستطيع احتمال توقفكم عن تسديد ثمنها".


موت السجناء من الإهمال؟

يعيش نزلاء سجن رومية قلقًا كبيرًا، في ظل ما يصفونه بالتضييق عليهم وقمعهم بإيصال صوتهم، مع تصاعد حالات الوفيات للمرضى بينهم. ويقول أحدهم لـ"المدن": "كل مريض منا بحاجة لدواء أو علاج عليه انتظار دوره بالموت عوضًا عن شفائه، لأننا محرومون من العلاج المجاني، ولا يوجد أدوية كافية بصيدلية السجن، والدخول إلى المستشفيات التي تطلب الفريش دولار على نفقة أهلنا، وهو ما يعجزون عن توفيره".

وخلال هذا الأسبوع، توفي شخصان مريضان في رومية. الأول من مبنى الأحداث هو صلاح حيدر، الذي يعاني من مرض الصدفية الجلدي، والثاني من المبنى دال هو محمد طالب الذي توفي بالمستشفى بعد تدهور حالته، وتردده عدة مرات إلى الصيدلية طالبًا نقله إلى المستشفى ولم يحصل ذلك قبل يتقيء دمًا، وفق ما تقول لـ"المدن" رائدة صالح، نائبة رئيس جمعية لجان أهالي الوقوفين. وتكشف عن تبلغها حالة وفاة ثالثة ليلًا، لسجين مريض آخر.

ويربط ذوو صلاح حيدر وفاته بتلوث المياه في سجن رومية، التي أثرت على تدهوره صحيًا بسبب مرضه الجلدي. في حين، أعلن نزلاء مبنى الأحداث الذي يضم نحو 460 سجينًا، عن تنفيذ إضراب تحذيري عن الطعام اعتراضًا على أوضاعهم الصحية والمعيشية والاقتصادية في أروقة السجن.


توضيح قوى الأمن

وحتى الآن، لم يصدر أي بيان رسمي عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حول ظروف وملابسات تلك الوفيات داخل سجن رومية.

لكن المصدر الرسمي بالأمن الداخلي، يعتبر في حديث لـ"المدن" أن ثمة مبالغات كبيرة بكل ما يحكى عن أوضاع السجناء، الذين يعيشون وفقه، "بظروف أفضل بكثير من ظروف العناصر الأمنية وحراس السجن".

ويقول المصدر إن وفاة هؤلاء كانت طبيعية بسبب وضعهم الصحي، ولا يوجد أي حالة غير استثنائية، فـ"أحدهم مريض سرطان والثاني مصاب بمرض جلدي ولا نفهم تحميل إدارة السجن ذنب وفاتهما".

ويؤكد أن إدارة السجن تتابع عن كثب حالة السجناء، و"لا تتراخى بالتعامل مع أي حالة تستعدي علاجًا فوريًا، إما داخل السجن أو بإحالتهم لإحدى الجمعيات أو بالطلب من عائلاتهم التكفل بعلاجهم إذا لم تتوفر الموارد الكافية". وأي حالة طارئة، "لا نتردد بإدخالها فورًا إلى المستشفى".

وقال: "إن الصيدلية الموجودة في السجن أفضل من الصيدلية الموجودة بالمركز الطبي للعسكريين". ويوضح أن الكهرباء في السجن متوفرة 24/24، والمياه كذلك مع فلاتر حديثة، و"لكن إذا انقطعت المياه لدقائق أو ساعات قليلة تعلو الصرخات ويطرقون على الأبواب وينتفضون ضد العناصر الأمنية".

وفي ظل شلل عمل القضاء والمحاكم نتيجة إضراب القضاة وتاليًا تعطيل المحاكمات، يعتبر المصدر أن الأزمة الفعلية في السجون هي بسبب الاكتظاظ الكثيف. ويضيف: "لكن ذلك دليل أننا نعمل ونسهر على أمن اللبنانيين، في حين أن العناصر يحضرون إلى خدمتهم تحت وطأة ظروف اقتصادية قاهرة، ومع ذلك لا يترددون بتأدية واجباتهم".

وينفي المصدر الاتهامات الموجهة لإدارة السجن لجهة سوء جودة الطعام، ويقول: "نقدم لهم اللحوم 3 مرات أسبوعيًا إضافة إلى الوجبات الأخرى، العناصر الأمنية تأكل من طعامهم نفسه، ولكن بعض السجناء يصرون على الافتراء وتسريب المعلومات الخاطئة".


اعتصام الغد

في هذا الوقت، يصر ذوو السجناء على التصعيد، وينقلون روايات أبنائهم الذين يتحدثون عن حرمانهم من أدنى حقوقهم المعيشية. وتشير رائدة الصلح إلى أن وزير الداخلية لم يستجب لكل مطالبهم لجهة تحسين أوضاع السجناء ورعايتهم غذائيًا وصحيًا، ولجهة تحسين البنى التحتية داخل السجون. وتستعد لجنة أهالي الموقوفين إلى اعتصام صباح غد الجمعة أمام السرايا الحكومي في بيروت.

تعليقات: