المغتربون والسياح العرب أنقذوا السياحة.. رغم استنزاف المازوت العوائد

لعبت الاسعار دوراً أساسياً في جذب المغتربين اللبنانيين والسياح العرب (Getty)
لعبت الاسعار دوراً أساسياً في جذب المغتربين اللبنانيين والسياح العرب (Getty)


الحملة الدعائية التي روجت لها وزارة السياحية، وقرار التسعير بالدولار والفوترة بالليرة اللبنانية، من العوامل التي ساعدت في جذب السياح وخصوصًا المغتربين لزيارة لبنان هذا الصيف.

على شباك التذاكر الخاص لدخول مغارة جعيتا، تفاجأ السياح، بثمن التذكرة التي تبدأ من 66 ألف ليرة، أي ما يقارب دولارين تقريبًا للصغار، وترتفع إلى 130 ألف ليرة تقريبًا، نحو 4 دولارت ونصف الدولار للكبار. وهذه أرقام تبدو زهيدة مقارنة بالرسوم عند زيارة أي معلم طبيعي في دول أخرى.


صيف استثنائي

تصف ماريان الرفاعي (لبنانية قادمة من الولايات المتحدة الأميركية) الرحلة إلى بيروت بالاستثنائية. وجدت الأسعار مناسبة جدًا لدى زيارتها الأماكن الأثرية. وتقول لـ"المدن": "خلال الثلاثين يومًا التي قضيتها برفقة عائلتي في لبنان، تمكنا من زيارة مناطق أثرية عدة، منها قلعة بعلبك، التي ترى أن أسعارها مناسبة جدًا، على الرغم من ارتفاعها إلى نحو 75 ألف ليرة للبنانيين، و300 ألف ليرة للسياح الأجانب. لكن ذلك لم يشكل عائقًا لميزانيتها.

وحسب الرفاعي "أنفقت وعائلتها ما لايقل عن ألفي دولار في المنتجعات السياحية والمطاعم والفنادق، خلال زياراتها. وهذا رقم مقبول لدي، مقارنة بتمضية فصل الصيف في إحدى الدول المجاورة". استفادت الرفاعي كسائر المغتربين والسياح من انخفاض قيمة العملة اللبنانية. لذا كانت الوجهات السياحية الأثرية واحدة من الأماكن التي قصدها السياح. فعلى سبيل المثال، تفيد تقارير أن إيرادات قلعة بعلبك المالية ارتفعت من معدل 4 إلى 5 ملايين ليرة، إلى نحو 100 مليون ليرة تقريبًا يوميًا. وهو رقم جيد لتنمية السياحة الأثرية في لبنان.


عوامل مشجعة

يوضح أمين عام اتحادات النقابات السياحية جان بيروتي لـ "المدن" أن الأسعار لعبت دورًا حيويًا في جذب السياح، خصوصًا العرب، ومن ضمنهم العراقيين الذين احتلوا المركز الأول، ثم المصريين في المركز الثاني مع الأردنيين. وحسب التقديرات، زار لبنان منذ منتصف أيار الماضي وحتى منتصف شهر أب، نحو مليون و200 ألف سائح، نحو 70 في المئة منهم مغتربون لبنانيون، ونحو 30 في المئة من السياح العرب.

وتشير الأرقام الصادرة عن وزارة السياحية، إلى أن لبنان شهد خلال الأشهر السبع الأولى من العام الحالي نمواً في عدد الزوار. فعدد المسافرين عبر مطار بيروت زاد بنسبة 64.16 في المئة سنويًا خلال الأشهر السبعة الأولى، فارتفع إلى 3.390.916 مسافر، مقارنة بـ 2.065.575 مسافر خلال الفترة نفسها من العام 2021.


الحجوزات الفندقية

لم تكن أصداء الموسم السياحي إيجابية بشكل كبير لأصحاب الفنادق، إذ لم تتعدى نسبة الإشغال حاجز الـ 55 في المئة في العاصمة بيروت، فيما ارتفعت إلى 60 في المئة في المناطق الجبلية، حسب بيانات نقلها رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر لـ "المدن". ويقول الأشقر: "على الرغم من أن الموسم السياحي ساهم في إدخال ما يقارب من 3 مليارات دولار، لكن المبالغ لم تكن محصورة فقط بالقطاع السياحي مباشرة، بل توزعت على قطاعات عدة".

يعزو الأشقر هذا الانخفاض في الحجوزات الفندقية إلى عاملين: الأول، يتعلق بخيارات السياح الذين فضلوا استئجار أو شراء الشاليهات، نظرًا لانخفاض أسعارها. والثاني، إن العديد من المغتربين فضلوا قضاء الإجازة الصيفية مع ذويهم، وتمضية عطلة نهاية الأسبوع في الفنادق والمنتجعات السياحية. ولذا ارتفعت الحجوزات في عطل نهاية الأسبوع من 40 و50 في المئة إلى نحو 70 و80 في المئة.


فرص وتحديات

يتفق كل من بيروتي والأشقر، على أن الموسم الحالي أعاد لبنان نوعًا ما إلى الخارطة السياحية. لكن ذلك لا يمنع وجود التحديات التي لابد من ملاحظتها مستقبلًا. ويؤكد كلاهما أن غياب التيار الكهربائي، على الرغم من حملة الترويج السياحية، زاد من الأعباء على القطاع السياحي، ناهيك عن ارتفاع أسعار المازوت. وحسب الأشقر، فإن مداخيل أصحاب الفنادق انخفضت بشكل كبير، بسبب استغلال بعض مزودي مادة المازوت، وأصحاب المولدات، وإقبال الزوار، وفرض أسعارهم بالدولار بدلًا من الليرة اللبنانية.

في المقابل، فإن غياب الماء عن العديد من المناطق، زاد من الضغط على أصحاب المؤسسات السياحية، إذ أهدر أصحاب الفنادق أكثر من ثلث المداخيل لتأمين المستلزمات الأساسية. وعلى الرغم من هذه التحديات، يعتقد القيمون على القطاع السياحي، أن الموسم الحالي كان جيداً، مقارنة بالعامين السابقين. ففي العام 2020 و2021، خسر القطاع السياحي أكثر من 8 مليارات دولار. وتشير التقديرات إلى إقفال المئات من المؤسسات السياحية والمنتجعات والمطاعم، بسبب عدم تمكنها من الصمود أمام تأثيرات الأزمة الاقتصادية، فيما كانت النتائج كارثية على العاملين في القطاع، إذ تشير التقارير إلى أن القطاع خسر نحو 80 ألف عامل في العامين الماضيين من إجمالي 150 ألف عامل مسجلين رسميًا لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي.

تعليقات: