التلفزيون العربي على أرض عربية: هوية بصرية وبرامجية جديدة.. والالتزام نفسه

تشهد استوديوهات التلفزيون العربي تغييرات تقنية مختلفة لمواكبة الرؤية التحريرية
تشهد استوديوهات التلفزيون العربي تغييرات تقنية مختلفة لمواكبة الرؤية التحريرية


قبل عام واحد، أعلن "التلفزيون العربي" أنه سينقل مقره الرئيسي من العاصمة البريطانية لندن إلى مدينة لوسيل القطرية. واليوم يستعد مذيعو ومقدمو البرامج في التلفزيون لبدء البث من قطر بعدما أنجز الفريق التقني تجهيز جميع الاستديوهات والتفاصيل التقنية تحت شعار #العربي_على_أرض_عربية.

وكانت عملية الانتقال مليئة بالتحديات، حيث توزّعت فرق غرفة الأخبار على ثلاثة أماكن هي لندن والاستديوهات المؤقتة في الدوحة والمقر الجديد في مدينة لوسيل خلال فترة التحضير وإعداد النشرات التجريبيّة، وتم ذلك في فترة زمنية قصيرة تزامناً مع عملية استقطاب لكفاءات جديدة، إضافة إلى تحديث كل الأنظمة التقنية وإجراء التدريبات اللازمة عليها.

وقال مدير التحرير في "التلفزيون العربي" محمود عمر لـ"المدن": "عملنا بشكل دؤوب خلال الأشهر الماضية، ونعتقد أننا سنتمكّن خلال فترة وجيزة من تعزيز العلاقة بين التلفزيون العربي ومشاهديه ونقلها إلى فضاءات أرحب".

وفي أيلول/سبتمبر 2021، خيرت إدارة التلفزيون أسرة العاملين بين الانتقال مع التلفزيون إلى مقره الجديد في قطر، وبين البقاء في لندن، لتكون لهم الحرية الكاملة في اتخاذ قرارهم بهذا الشأن، كما أقرت إدارة القناة تعويضاً للذين يختارون عدم الانتقال يفوق بأضعاف ما تنص عليه القوانين البريطانية وأعراف شركاتها، منطلقة من قيمها المهنية والأخلاقية التي تتفهم خيارات العاملين وظروفهم الشخصية والعائلية، وتقديراً لجهودهم خلال فترة عملهم في المؤسسة.

وفيما كان "التلفزيون العربي" يبث أيضاً مجموعة من البرامج ونشرات الأخبار من العاصمة اللبنانية بيروت، فإن البث حالياً سيكون موحداً بالكامل من قطر. ويمتلك التلفزيون عشرات المكاتب الخارجية حول العالم وفيها مراسلون ومنتجون ومصورون، و"هذه لن يتغير عليها شيء"، بحسب عمر الذي أضاف: "أما مكتبا بيروت ولندن بما فيها من طواقم واستوديوهات، فستتحوّل إلى مكاتب مثل بقية الدول. وكل البرامج ستنتقل لتنتج وتبث من لوسيل في قطر، ولن يكون هناك برامج تنتج وتبث من أي استوديوهات أخرى. وموظفو القناة في في بيروت انتقلوا وسينتقلون تباعاً إلى قطر، ليبقى في بيروت فريق المكتب والفريق التحريري للموقع الإلكتروني".

وطوال الأسبوع الماضي غرد إعلاميون وصحافيون وفنيون عاملون في "التفزيون العربي" تحت هاشتاغ #العربي_على_أرض_عربية تحضيراً للانتقال، ونشروا استعداداتهم للانتقال إلى المقر الجديد، حيث ينطلق البث الجديد للتلفزيون، الثلاثاء. وفيما يحمل الشعار الجديد معنى عاطفياً للعاملين في "التلفزيون العربي" بالطبع، فإنه يحمل معاني أخرى من جوانب مهنية وتحريرية أيضاً.

وأفاد عمر بأن "شركة شبكة التلفزيون العربي بالأساس شركة قطرية قرر مجلس إدارتها عند انطلاقتها الأولى أن تنطلق من لندن وكان وجودنا في لندن فرصة مهمة جداً للقناة، وكان لدينا الوقت لدراسة موضوع البُعد من المنطقة العربية بإيجابياته وسلبياته"، وأتى قرار الانتقال إلى المنطقة العربية التي تعيش فيها الغالبية العظمى من جمهور القناة، خصوصاً أن وجود التلفزيون في قطر "يمنحنا مزايا لوجستية كبيرة، وهنا نحن أقرب بكل المعاني لجمهورنا العربي الذي نرى أنفسنا في التلفزيون العربي صورة لتطلعاته وآماله".

والحال أن "التلفزيون العربي" منذ انطلاقته العام 2015 كان قريباً من المنطقة العربية وقضاياها ولم يخف انحيازه لقضايا الإنسان العربي وآمالاه بمستقبل أفضل، في فترة زمنية متقلبة شهدت أحداث الربيع العربي وثورات شعبية طالبت بالحرية السياسية وبالديموقراطية، ما مهد لحروب في دول مثل سوريا واليمن إضافة إلى ارتفاع مستوى القمع وتراجع الحريات في دول مثل تونس ومصر ولبنان. وبالانتقال إلى قطر "نصبح أقرب إلى ذلك كلّه، وأقدر على التحرك لضمان تقديم تغطية إخبارية احترافية لكل التطورات المتلاحقة في المنطقة العربية وما يجاورها. إلى جانب توافر مرونة أكبر في استقطاب أفضل الكفاءات الإعلامية وتمكننا من توسيع خياراتنا بالطواقم والفرق وكذلك ضيوفنا الحاضرين معنا في البرامج والأخبار والوثائقيات"، بحسب عمر.

ومنذ تحوّل القناة إلى قناة إخبارية متخصصة مع إطلاق قناة "العربي 2" مطلع العام الجاري كقناة ترفيهية ثقافية منوعة متعددة المنصات، تم اعتماد الفترات الإخبارية المتصلة ذات الساعتين. ومع الانطلاقة الجديدة ستتم إضافة فترة إخبارية جديدة هي "الرابعة"، وسيتحول البرنامج الصباحي "صباح جديد" إلى فترة إخبارية أيضاً مدتها ساعتان. أما البرامج فسيكون التجديد والتطوير في قوالبها وفقراتها وبنيتها. وكذلك ستحضر الوثائقيات والتحقيقيات الصحافية بشكل أكبر في المرحلة القادمة.

توازياً، يعمل التلفزيون العربي على تجديد عهده مع القيم والمعايير التي تعهد بها منذ انطلاقته العام 2015 على مستوى السياسة التحريرية. وأوضح عمر: "نحن نواصل تقديم المحتوى الإخباري والبرامجي المهني، والتمسك بقواعد العمل الصحافي بما تستلزمه من دقة وموضوعيّة، مع التأكيد على الانحياز إلى الإنسان العربي وقضاياه. سيتغير الكثير على مستوى الشكل والقوالب، نحن نتحدث عن تغيير سيجعل الشاشة والمقاربة أحدث وأجرأ وأكثر حيوية، في استجابة للتبدل السريع في الأدوات التكنولوجية. أما القيم والسياسة التحريرية فهي ثابتة".

وعليه، تشهد استوديوهات "التلفزيون العربي" تغييرات تقنية مختلفة لمواكبة الرؤية التحريرية. فاستوديو الأخبار الرئيسي على سبيل المثال سيكون دائرياً ويمكن تصويره من كل الزوايا بتقنية 360 درجة مدعومة بكاميرات ذكية وشاشات تستعمل للمرة الأولى في استديو إخباري مباشر على مدار الساعة وتعرف باسم "الشاشات الرقمية الشفافة"، بالإضافة الى أحدث اجهزة الغرافيكس التي تدعم الواقع الافتراضي، وشبكات إضاءة هي الأحدث في العالم، ما يمكن فريق الاخبار من تقديم محتوى شيق وأنيق.

وبنيت الاستوديوهات لتعطي طابعاً شاباً حيوياً من جهة وجدياً ويتحلى بالمصداقية من جهة ثانية، كما أن التقنيات التي جهز بها التلفزيون ستدفع بالهوية البصرية له باتجاه دمج أكبر مع المنصات الرقمية المختلفة. فيما ستساعد قوالب العرض البصري الجريئة العاملين في مجال التحرير من أجل عملية إنتاجية سريعة وجذابة بهوية واضحة تأمل الإدارة في أن تكون هوية تجمعها مع المشاهد العربي.

وعلق عمر: "غرفة الاخبار الجديدة تشبه قناة العربي التي تتطور باستمرار وتحجز مكاناً مهماً في الأخبار والتغطيات، وتقترب أكثر وأكثر من قضايا المواطن العربي الذي يستحق أن تروى حكايته وتُشاهد بأفضل ما يوجد من تقنيات متطورة".

وأوضح: "عندما بدأنا بالتخطيط للاستوديوهات الجديدة كان السؤال لدى الفريق التقني: ما الذي يمكن تقديمه من تقنيات لدعم الفريق التحريري؟ من هذا المنطلق تم اختيار الانظمة والحلول الأحدث من ناحية معالجة المادة البصرية، استقبال الوكالات، الربط مع المراسلين، الغرافيكس إلى جانب أنظمة وحلول لدعم السرد البصري للقصص الإخبارية".

تعليقات: