تمديد التعميم 161.. لمصلحة حفنة من المحظيين ومدراء المصارف

هدر لما تبقّى من دولارات في احتياطات مصرف لبنان (علي علوش)
هدر لما تبقّى من دولارات في احتياطات مصرف لبنان (علي علوش)


أصدر مصرف لبنان قراراً جديداً قضى بتمديد العمل بالتعميم 161 حتى نهاية شهر أيلول المقبل. وإذا كانت الغالبية الساحقة من الموظفين لا تستفيد من التعميم المذكور، وعمليات الاستيراد المدعومة بدولار منصة صيرفة تقلّصت إلى الحدود الدنيا.. إذاً من المستفيد اليوم من التعميم 161 ومن دولارات منصة صيرفة؟

التعميم 161

لمن لا يذكر مضمون التعميم 161 (مستند مرفق) فهو يتيح لمصرف لبنان تزويد المصارف بالدولار الأميركي النقدي على أساس سعر الصرف المعلن، بشكل يومي، لليرة اللبنانية تجاه الدولار، حسب عمليات التداول المنفذة على المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة Sayrafa في اليوم السابق، وذلك ضمن المبلغ المتبقي من السقف المحدّد لكل مصرف للشهر الجاري.

ويفرض التعميم 161 على المصارف أن تقوم بدفع كامل المبالغ أوراقاً نقدية (Banknotes) بالدولار الأميركي لعملائها بالسعر المشار إليه على منصة صيرفة، بدلاً من تسديد المبالغ التي تعود لهم بالليرة اللبنانية، والناتجة عن إجراء سحوبات أو عمليات نقداً من الحسابات أو من المستحقات العائدة لهم، وفقاً للحدود المعتمدة لتنفيذ العمليات لدى المصرف المعني.

أما المُضحك في التعميم، فهي المادة الثالثة منه، والتي تنص على أنه في حال أراد العميل عكس ما ورد في المادة الثانية، أي عكس تقاضيه المبالغ من حساباته بالدولار الاميركي، فذلك يحتم عليه التقدّم بطلب خطي إلى المصرف المعني.

يُصدر مصرف لبنان التعاميم وقرارات تمديدها وشروط تطبيقها، كما لو أن المصارف تطبق تعاميمه وقراراته بدقة لا متناهية. متعامياً عن ممارسات المصارف التي غالباً لا تمت إلى التعاميم بصلة. فتقرر وتحجب وتمنع وتسمح وتخفض وتقتطع وتختلس من دون أي حسيب أو رقيب.

وفي حالة التعميم 161 فإن الدولارات التي كان يضخّها مصرف لبنان منذ أشهر عبر منصة صيرفة، وتفوق في كثير من الأحيان 100 مليون دولاريومياً، باتت اليوم لا تتعدى ملايين قليلة من الدولارات. أما المستفيدون من تلك الدولارات فللمصارف وحدها حرية اختيارهم وتحديد المبالغ التي يسحبونها.

تجار ومدراء مصارف

أنفق مصرف لبنان مليارات الدولارات على منصة صيرفة، لم يستفد منها بشكل فعلي سوى حفنة صغيرة من التجار المحظيين ومدراء المصارف وبعض الموظفين في القطاع، بالإضافة إلى دعم بعض عمليات الاستيراد من خلال منصة صيرفة. أما المصارف فتفرض بغالبيتها قيوداً قاسية على العملاء للاستفادة من منصة صيرفة لاسيما على الموظفين.

حتى أن عدداً غير قليل من المصارف يمنع الموظفين من سحب رواتبهم بالدولار من حساباتهم الموطنة فيها، في حين ان المصارف عينها تفتح المجال لتجار وسماسرة يمتهنون صرف مليارات الليرات يومياً من المصارف بالدولار، وفق سعر منصة صيرفة، ويحقّقون الملايين من تلك العمليات يومياً. وقد نشرت "المدن" تقارير عن حالات موثقة تفضح استغلال بعض مدراء المصارف وسماسرة وتجار من المحظيين لديها، للتعميم 161، بهدف تحقيق ملايين الدولارات مكاسب نقدية بشكل يومي، من دون بذل أي مجهود، في حين يُحرم عشرات الآلاف من الموظفين من سحب رواتبهم الزهيدة (والبالغ متوسطها نحو مليوني ليرة) بالدولار على منصة صيرفة، وتعويض بعضاً مما تآكل منها نتيجة انهيار العملة الوطنية.

وفي حين يصر البعض على ضرورة استمرار العمل بالتعميم 161، باعتبار أن لا خيارات أخرى أمام مصرف لبنان لضبط عدم انفلات سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وتأمين متنفّس للموظفين لتحسين مداخيلهم، لاسيما موظفي القطاع العام، يصر البعض الآخر على عدم جدوى التعميم 161 لما يتسبب به من هدر لما تبقّى من دولارات في احتياطات مصرف لبنان، في مقابل حرمان الموظفين من أي إفادة من دولارات صيرفة، وحصر شراء الدولارات بيد قلة من التجار والسماسرة وموظفي المصارف ومديريها.

تعليقات: