الوضع داخل السجون بات ينذر بحصول انفجار (ريشار سمور)
دخل سجن رومية المركزي في جبل لبنان حالة الفوضى الشاملة، وسط تضارب بمضمون الاتهامات المتبادلة بين النزلاء وإدارة السجن ومن خلفها قوى الأمن الداخلي، وبلغت مرحلة "العنف بالعنف قدر المستطاع"، وفق ما يتداول بعض أهالي الموقوفين.
تعنيف وهجوم
وبعد أيام من إضراب بعض المساجين عن الطعام، وتسريب فيديوهات وصور عن الأوضاع المزرية داخل رومية، وافتقاره للحد الأدنى من مقومات الحقوق الإنسانية غذائيًا وصحيًا ومعيشيًا، حصلت اليوم الإثنين أعمال عنف بين نزلاء بعض المباني، بلغت حد المواجهة التي أسفرت عن إصابة عنصرين عسكريين.
وحسب رواية بعض السجناء والأهالي لـ"المدن"، فإن عناصر من قوات مكافحة الشغب وقوى الأمن الداخلي، اقتحموا غرف النزلاء في رومية، وانهالوا عليهم بالضرب وداسوا على أغراضهم الخاصة وحطموها، وكذلك على طعامهم، كرد على تسريب الفيديوهات والصور التي تنقل واقع رومية، وفتشوهم لمصادرة هواتفهم. وهو ما دفع بعض السجناء للرد على تعنيفهم بالاعتداء ضرباً على بعض العناصر، قبل أن تتمكن الأخيرة من فرض سيطرتها على السجناء.
لم يصدر أي توضيح أو تعليق رسمي (حتى لحظة نشر التقرير) عما شهده سجن رومية. في حين تفيد مصادر "المدن" أن العناصر وجدوا بحوزة السجناء آلات حادة ومواد مخدرة. وهو ما دفع الأهالي إلى التساؤل عن مصادر هذه المخدرات، بينما يجري تفتيشهم لدى إدخال الطعام لأبنائهم بدقة عالية.
وللتذكير، يطالب نزلاء رومية كسائر سجناء لبنان بالتغطية الصحية وتحسين أوضاعهم المعيشية خلف القضبان التي تشهد اكتظاظًا بأضعاف قدرتها الاستيعابية. وما فاقم حالة الغضب والتوتر، كانت وفاة ثلاثة سجناء في رومية بأسبوع واحد. وفيما يعتبر الأهالي أن وفاة أبنائهم تحصل جراء الإهمال وعدم الاكتراث لوضعهم الصحي وتفشي الأمراض المعدية، تنفي إدارة السجن هذه الاتهامات، وسبق أن اعتبرت مصادرها عبر "المدن" أن وضع العناصر ليس أفضل حالًا من السجناء (راجع "المدن").
مولوي يستنجد
في هذا الوقت، تزامنت اضطرابات رومية مع الاحتفال بالعيد السابع والسبعين للأمن العام. وتعقيبًا على أوضاع السجون، من وحي كلمته بالمناسبة، قال وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، إن أزمة السجون اللبنانية ذات شقين: شق يتعلق بالإمكانية الضعيفة، والشق الثاني والأهم برأيه، هو اكتظاظ السجون وبالتالي عدم الانضباط داخلها. وقال: "قمنا بدوريات تفتيش داخل السجون، ووجدنا كميات من الممنوعات، مثل الهواتف والسكاكين".
واللافت أن المولوي توجه للإعلام مطالبًا عدم رمي المسؤولية على الدولة ومن دون أن يوضح هوية الجهة المسؤولة -من وجهة نظره- على أوضاع السجون غير الدولة.
ورغم أن إشكالية الاكتظاظ داخل السجون سابقة لإضراب القضاة عن العمل، ناشد المولوي القضاء بتسريع المحاكمات، لأن 79% من السجناء لم تتم محاكمتهم. ويرى كثيرون أن هذا الاعتراف الرسمي هو إدانة بحد ذاتها للدولة، بما تثمله من جهات قضائية وأمنية ووزارية وبرلمانية مسؤولة عن العدالة وحقوق الإنسان والسجناء في لبنان.
كما أقر المولوي أن 43% من السجناء في لبنان أجانب، ما يضاعف الضغط على وزارة الداخلية. وتذهب تقديرات أن نسبة عالية من السجناء الأجانب في لبنان، هم من الجنسية السورية. وهو ما يدفع إلى التساؤل إن كانت إثارة قضيتهم تندرج ضمن خطة لبنان لإعادة السوريين إلى بلادهم، في ظل الحديث أن أحد بنودها المحتملة، تتحدث عن تسليم المحكومين والموقوفين من اللاجئين السوريين إلى سلطات النظام السوري.
وأشار المولوي إلى أن وزارته ستعمل هذا الأسبوع على دراسة لعدد السجناء. كما سيتوجه المولوي إلى مجلس النواب لدراسة الملف، وقال: "لن نقبل بالتعدي على الأمن العام، لأنها مؤسسة وطنية، تمتلك تاريخ عريق في الدولة".
..والأهالي يستنجدون
في هذا الوقت، يستنجد الأهالي برفع الصوت لدعم أبنائهم نتيجة حرمانهم من أبسط حقوقهم، ويستنجدون بالمنظمات الحقوقية للضغط على المعنيين لمنع العنف وكل أشكال القمع لإسكات السجناء.
وفي بيان لها، اعتبرت الاثنين جمعية لجان أهالي الموقوفين في لبنان، أن الوضع داخل السجون بات ينذر بحصول انفجار. وفي حين يفترض أن يكون السجن بمثابة مركز لإعادة تأهيل السجناء، إذا به يتحول إلى مقر لتخريج مجرمين، وفق تعبيرها.
وقال الجمعية إن الحل هو بتوقيع مجلس النواب على مشروع قانون لتخفيض السنة السجنية لمدة 6 أشهر بدلًا من 9 أشهر ولمرة واحدة فقط، ووضع سقف زمني للمحكومين بالمؤبد مما يساهم بتخفيف الاكتظاظ والتخفيف من حدة النقمة على الدولة. كما يفتح الباب أمام منظمات حقوق الإنسان والوزارات المختصة بإعادة تأهيل وترميم السجون وبناء سجون جديدة، حسب بيان الجمعية.
تعليقات: