ألف عام مضت للشمس والقمر وهما ينيران في مدينة الخيام. ألف عام والبيوت هناك تبنى في مدينة الخيام. ايا كان رحم الولادة وأيا كان معطف الرفض. هي هي مدينة القلوب أبدا وليس بالمقدور نسيانها.
تتراقص ستائرها المغبرة مع مجرد سماع طنين مشاعر دافئة لكل من كانت الاقدار تجذبه الى شوارعها, لزهوها وحلاوة مقبلها, فترتفع الرغبة بالطواف في أماكن تعتبر المارة فيها أصحاب, وطول النهار والمساء فيها ثقافة.
انها اطلالة على مدينة قد لا تستحيل في الغد قلادة. مدينة لا تتكرر. مدينة لا تتذبذب مواقفها من سكانها المقيمين والغائبين. مدينة تتصرف بحكمة أمام اشارات حقيقية للحب والعطاء. مدينة أعطت وجودا للمرأة وكرامة للنساء رغم الارهاب المقنع بالشفقة وبروح الانسانية.
مدينة قوية وشريفة فهي تشبه الرجال والنساء في آن معا.
انها اطلالة على مدينة لم تندثر ولم ينسلخ جلدها وهياكل عظامها لم تطحن ولم تحرق رغم حروب الارض والسماء.
مدينة تستيقظ فجرا بالقمصان الملونة. مدينة تتداعى جدرانها من أجل سراب حمام أضاع الطريق فوجد الطريق. مدينة تكاثرت احلامها بذكرى ممراتها وأزقتها. سندها وأراجيحها كاطمئنان وشيك. مدينة انفرط عقدها ثم التأم. مدينة ليلها اسر ورقادها مزين بالقناديل, حيث لا يداهمك التعب مهما قلبت اطراف جفنيك وبؤرة عينيك. مدينة ترصف روحها وتقوي رابطها ما بين شهيقها وطيفها, كحال النور الخاطف الذي لا تجده الا في انطلاقة الشارع السائر بك والمنسل اليك كضوء قنديل بين الاعشاب. مدينة بين هدوئها والصمت أعجوبة الأمكنة. مدينة رسمت للسماء صور وجعلت الكون يبدو أجمل. وحملتنا الى أحلام أخرى ملؤها الفرح والبهجة والتفاؤل. لكل حصاة فيها معنى وكل معنى يشعرك بالمسير فيخلع عنك الضجر وازدحام الأماني. هي معقل المتمردين وأخر صيحات للموضة والأزياء. وكتبة البيانات الشعرية وقراء أعزاء. ورثة عمالقة المجالس والغناء. مدينة تبقى في المكان الباقي في الداخل وكل شيء بعدها يتوه.
* هيفاء نصّار - أوتاوا, كندا
تعليقات: