حزب الله يستقدم مقاتلين من سوريا ويخلي موقعاً له في يارون (غيتي)
تترقب إسرائيل رد لبنان على المقترحات المتبادلة بشأن حل النزاع البحري عبر الوسيط الأميركي في الملف آموس هوكشتاين القادم إلى بيروت اواخر الاسبوع الحالي، لكن خطابها الإعلامي يُعوّل على "استمرار المفاوضات" كإنجاز، أكثر من قرب إبرام الإتفاق.
وبعد سيل من التسريبات الإعلامية العبرية في الفترة الأخيرة بشأن ماهية المقترحات، عادت القراءات الإسرائيلية لتتعامل مع ما يُنشر تباعا كمبادئ وخطوط عامة للحل، في إطار مفاوضات ما زالت مستمرة، ما يعني أن مجيئ هوكشتاين إلى المنطقة مرة أخرى، ليس محاولة أخيرة، ولن تكون الزيارة الحاسمة، على أغلب الظن؛ نتيجة تواصل عملية الأخذ والرد بين بيروت وتل أبيب عبر الوسيط الأميركي.
والواقع، إن ما تم رصده في الاعلام العبري، ومن أقلام المحللين لا سيما الباحث الإسرائيلي إيال زيسر، يعزز ما يشبه التفاؤل الإسرائيلي "الكامن"، وهو ما عبر عنه زيسر حينما قال إن المهم، الآن، هو استمرار المفاوضات، ووجود تفاؤل لبناني إسرائيلي، لكنه قلل من إمكانية إنجاز الإتفاق قبيل الإنتخابات الإسرائيلية، وإنما بعدها، مضيفاً ذريعة أخرى متمثلة بالأزمة السياسية الحاصلة في لبنان. وختم حديثه: "المهم، استمرار المفاوضات وعدم توقفها".
توصية أمنية
ثمة أمر لافت في خضم مفاوضات الترسيم، ألا وهو إقرار محللين في النشرات الإخبارية بمحطات التلفزيون العبرية بأن سماح إسرائيل بتطوير حقل غاز للبنان هو بمثابة توصية من قبل المؤسسة الأمنية في الدولة العبرية، وسط مبادئ عامة يتم تداولها. ويستند الأمن الإسرائيلي في توصيته إلى أن ثمة مصلحة إسرائيلية في وجود حقل غاز فعال للبنان، وذلك لتجنب اي نزاع مع "حزب الله".
غير أنّه لا أحد في إسرائيل يستطيع الجزم بموعد إنجاز أي اتفاق بهذا الصدد، وسط تباين للتقديرات إما قبل انتخابات الكنيست، أو بعدها؛ خشية أن تتحول أي تنازلات إسرائيلية، إلى دعاية يستغلها اليمين المُعارِض لتحقيق مكاسب انتخابية.
غير أنّ أوساطاً إسرائيلية تحاول ألا تجعل الانتخابات الإسرائيلية عقبة وحيدة، بل تذهب إلى ربط ملف الترسيم البحري بعوامل وظروف أخرى. وهنا، يقول الجنرال السابق في الإستخبارات العسكرية، مردخاي كيدار، إن الترسيم البحري مرتبط بوجود اعتبارات مختلفة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، علاوة على وجود مصالح أميركية خاصة، في ظل أزمة الغاز في أوروبا، مشيرا إلى أنها ملفات مرتبطة ببعضها البعض.
واعتبر مردخاي أن زيارات الوسيط هوكشتاين إلى بيروت وتل أبيب هي دليل على وجود محاولات إضافية، ومقترحات وأفكار جديدة. غير أنه زعم بأن إبرام الاتفاق اللبناني-الإسرائيلي يتوقف على موافقة أمين عام حزب الله حسن نصر الله، واصفا إياه بـ"الآمر الناهي".
وفي السياق، أشارت مواقع عبرية إلى قلق إسرائيلي من أن تدخل الإدارة الأميركية في النزاع قد يؤخر مشروع استخراج الغاز من حقل "كاريش"، ما يعطل صادرات الطاقة الإسرائيلية.
في المحصلة، لم تختلف القراءات العسكرية الإسرائيلية كثيراً عن تلك السياسية فيما يخص عدم وجود معلومات جديدة عما تحمله الأيام القادمة، لكنها تعتمد على الإنطباعات القائلة إنه لا توجد خلافات كبيرة بين الموقفين اللبناني والإسرائيلي حيال الموضوع، بالرغم من التباينات القادمة من لبنان حول ما إذا كانت الفجوات بين الطرفين هامشية أم كبيرة.
صحافيون إسرائيليون نقلوا عما أسموها مصادر أمنية وعسكرية قولها إنه لا خلافات كبيرة في المفاوضات، والفجوات يمكن التغلب عليها، على ضوء الإستعداد الإسرائيلي لإبداء المرونة اللازمة لتوقيع الاتفاق، ورؤية تل أبيب بأن تكون منصة غاز لبنانية قبالة حقل "كاريش".
ورغم التوصية الأمنية الإسرائيلية للمستوى السياسي لإبرام اتفاق قريب، ثمة قلق عسكري في تل أبيب نابع من عدم قدرة الإستخبارات الإسرائيلية على قراءة نوايا حزب الله، حتى الآن، موضحة أن الحزب يتخذ خطوات توتيرية في الجنوب اللبناني وقرب الحدود، على نحو غير مسبوق منذ عام 2006. والخشية الإسرائيلية هنا أن يقع تصعيد محدود ومدروس، ومن ثم يتطور سريعا إلى مواجهة كبيرة على الجبهة الشمالية.
مقاتلو احتياط وموقع يارون
وقد عزز القلق الإسرائيلي تقارير استخبارية حول تأهب عالي المستوى لحزب الله تجاه مواجهة محتملة مع إسرائيل بسبب المفاوضات حول الحدود البحرية. ووفقًا لتلك التقارير، أجرى الحزب، أخيراً، اختبار كفاءة لمراكز قيادته ونظام اتصالاته العسكري. ووضع عناصر احتياطي الحزب في حالة تأهب (التقدير الإسرائيلي السابق أن لدى حزب الله ما بين 20 ألف و30 ألف مقاتل احتياطي).
كما استدعى الحزب، وفق الاستخبارات الإسرائيلية، وحدات من مقاتليه من سوريا إلى لبنان، بموازاة تعزيز مقاتليه في جنوب لبنان.
وتعطي إسرائيل اعتباراً لما تسميه حملة عقائدية مفتوحة في الأسابيع الأخيرة من قبل أمين عام حزب الله حسن نصر الله لمواجهة محتملة مع إسرائيل. وتطرق موقع "ألما"، المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية، إلى منشور داخلي لحزب الله يعبئ عناصره للمعركة المحتملة، قائلا إن "العدو الإسرائيلي يرتجف وخائف".
ولفت الموقع إلى ملاحظة مفادها أن موقعا تابعا لحزب الله على أراضي قرية يارون الحدودية قد اختفى، متسائلة ما إذا تعلق الأمر باستعداد الحزب لمعركة وشيكة أم لا.
بدورها، تحدثت الضابطة السابقة في الجيش الإسرائيلي ساريت زهافي، في حديث لصحيفة غربية، بصفتها باحثة بالشأن الإستخباراتي، عن ثلاثة خيارات حيال ما يريده نصر الله حقا؛ أولها، أنه يريد إجراء مفاوضات لا نهاية لها دون التوصل إلى اتفاق. وثانيًا: يريد التوصل إلى صفقة وتقديمها على أنها انتصار استراتيجي لصالح اللبنانيين. بينما يكمن الإحتمال الثالث في رغبته بالحرب.
والحديث عن الإحتمالات يعني أن الإستخبارات الإسرائيلية غير قادرة على تحديد ما يدور في نفس حزب الله، إلا أن زافي المقيمة في منطقة قريبة من الحدود اللبنانية لا تستبعد الحرب؛ لأنها "لم ترَ النشاط الكبير لحزب الله القائم الان بالقرب من الحدود، منذ ستة عشر عاما"، في إشارة إلى آخر حرب كبيرة بين إسرائيل ولبنان.
تعليقات: