تتكثّف عوامل الضغط على حزب الله، داخلياً وخارجياً (علي علوش)
ليس أسرع من تفاقم وتيرة الفوضى. يكفي النظر إلى عمليات اقتحام المصارف. تتنوع مصادر جذب اهتمامات اللبنانيين، من ترسيم الحدود، إلى الفوضى الاجتماعية، ومن خلافات الموازنة إلى استحقاقي الرئاسة والحكومة. اعتاد اللبنانيون على التنقل بين الأحداث. يأتي الحدث ليغطي على ما سبقه، وهكذا تبقى كل الملفات معلّقة، ومفتوحة الأفق على انفجارات جديدة. ثلاثة ملفات تتزاحم فيما بينها، ملف المصارف والصراع معها، ملف سياسي مالي يرتبط بالموازنة وعمل المجلس النيابي وتشكيل الحكومة، وملف ترسيم الحدود.
فوضى.. وحرب
أي تفاعل لملف واحد منها كفيل بضرب كل الستاتيكو القائم. فانسداد ملف الترسيم سيكون كفيلاً بتفجير الوضع الأمني والعسكري في الجنوب. أما إقرار الموازنة فسيقود إلى احتجاجات واضرابات متعددة، بينما عدم تشكيل الحكومة وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية سيقودان إلى فوضى شعبية وسياسية لن يكون من المعروف كيف ستكون نهايتها. أما الأزمة المالية والمصرفية، وعلى وقع اقتحامات المصارف وردّ الأخيرة بالإقفال العام، ستقود إلى ما هو أسوأ مالياً وشعبياً أيضاً.
كل هذه العناصر تؤدي إلى تكثيف عوامل الضغط على حزب الله، لا سيما أن أمينه العام السيد حسن نصرالله كان قد حذّر قبل فترة بأن حزبه يفضل الذهاب إلى خيار الحرب أفضل من الإذلال الذي يتعرض له اللبنانيون على أبواب الأفران أو المصارف أو محطات المحروقات. وخيار الحرب مع العدو أفضل من مشاهد الفوضى الاجتماعية الداخلية والاقتتال الداخلي. إنه ضغط داخلي بفعل الوقائع الاجتماعية، ولكن لا يمكن فصله عن عناصر الضغط الدولي أيضاً، لا سيما أن حزب الله ينظر إلى نفسه وبيئته كمستهدف من جراء كل هذه الوقائع والضغوط.
أسئلة الحدود والغاز
لا يفصل الحزب ذلك أيضاً عن كل الوقائع السياسية، داخلياً وإقليمياً، ولا عن ما يعتبره تمرير قرار مجلس الأمن الدولي بتعديل نص صلاحيات قوات اليونيفيل، بالإضافة إلى استمرار المماطلة وكسب الوقت في الوصول إلى حلّ لترسيم الحدود، وليس انتهاءً بإعلان وزارة الطاقة الإسرائيلية عن الاستعداد لضخ الغاز في الأيام المقبلة من حقل كاريش. في وقت يستمر لبنان بدراسة المقترح الذي قدّمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين حول خط العوامات. إذ عُقد أكثر من اجتماع للجنة المعنية في قصر بعبدا، وسط محاولات للوصول إلى صيغة مرضية للجانب اللبناني. وحسب المعلومات، فإن البحث حالياً يتركز على كيفية انعكاس هذا الخط على الواقعين البحري والبرّي، والهم اللبناني الأساسي يتركز على عدم تأثير ذلك على الترسيم البري الذي ينطلق من نقطة b1 في رأس الناقورة.
يفترض أن ينجز لبنان ردّه ويبلغه لهوكشتاين الذي سيعمل وفقه على صياغة المقترح المكتوب، خصوصاً إذا كان الردّ اللبناني مقبولاً أميركياً وإسرائيلياً. أما بحال عدم الوصول إلى اتفاق، واعتبار حزب الله أن كل ما يجري هو تمرير للوقت وسط إصرار إسرائيلي على الاستخراج من حقل كاريش، فإن التصعيد سيكون خياراً محتوماً، وفيما يستكمل الحزب استعدادته الميدانية والعسكرية لذلك، تولى نصرالله عقد لقاءات مع مسؤولين في محور الممانعة منذ لقائه بمسؤولين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي وصولاً إلى لقائه بوفد حوثي. وهذا ما سيتضح أكثر في موقف نصرالله بأربعينية الإمام الحسين.
الحزب والرئيس العتيد
في المقابل، هناك من يعتبر أن حزب الله يفضل الحفاظ على الستاتيكو القائم، وعدم تمدد سيناريو الفوضى، لأن ذلك سيؤدي إلى تفلت لن يكون أحد قادراً على ضبطه ولا على مواكبته. بينما عدم اتضاح موعد لعقد جلسة لانتخاب الرئيس هو مؤشر على الاستعداد للفراغ الطويل، فراغ سيكون له الكثير من التداعيات وسيسمع من خلاله دبيب الفوضى. لا سيما في ضوء رفع منسوب التوتر المذهبي والطائفي، والذي سيؤدي إلى مشاهد من العنف الأهلي. هذا أيضاً يحاول الحزب تجنبه من خلال الضغط لتشكيل الحكومة، ومن خلال الإعلان عن الإستعداد للبحث عن مرشح توافقي. إذ تقول المصادر القريبة إن الحزب لا يضع أي فيتو على أي مرشح توافقي، حتى أن كلام الحزب عن قائد الجيش يبدو إيجابياً. وحسب المعلومات، فإن أهم ما يريده الحزب هو انتخاب رئيس موجود في لبنان ويعرف معنى "المقاومة" وحساسيتها.
تعليقات: